إيماننا الحي - إعادة فحص،
المعنى الأول الثقة والاتكال الجزء الثالث
إيماننا الحي - إعادة فحص
مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه
المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس
+ الثقة - בָטָח - Πιστεύω +
ثانياً: شرح معاني كلمة الإيمـــــان
المعنى الأول: الثقــــــــــة والاتكال
1 – معنى الكلمة: [bâṭach – בּטַח]
لو بحثنا عن معنى هذه الكلمة فأننا نجد أن المعنى المباشر للكلمة كالآتي: وثق – وضع ثقته في – يمتلئ ثقة – واثق بيقين – ضمان – أمان – اتكال
** عموماً تأتي الثقة في اللغة العبرية بمعنى شيء مُعتمد رسمياً يستطيع الإنسان الاستناد عليه:
To trust, be confidant على ثقة، أن يكون واثق
Entrusted with the secrets المؤتمن على الأسرار
Παρρησίαν = confidence ثقة، إيمان، سرّ
Sure ثابت، راسخ، قوي، لا ريب فيه، أكيد، متأكد
** وأيضاً تأتي بمعنى ملاذ يحتمي فيه:
Make refuge يصنع ملجأ/ مأمن/ ملاذ/ مأوى
To confide in يتعهد به، يثق به، يأتمنه على أسراره، يفضى إليه بما في داخله
Have hope عنده أمل، والمعنى لا يأتي بمعنى مجرد أمل عادي بل كله رجاء
** وتأتي في اليونانية بمعنى يأتمن، يستأمن:
Πιστεύω = have faith عنده ولاء/ ثقة تامة
Πιστεύεσθαι ύπό τινος = to enjoy his confidence ليستمتع بثقته
وأيضاً بمعنى= يُقنع بـ = to convince، يؤكد، يقنع، يُثبت assure/ believe
+ عموماً في البحث عن الكلمة نجد أن معظم استخدامات الفعل בּטַח يأتي بمعناه اتكال مبني على ثقة أكيدة، لذلك فأن تركيز المعنى يأتي في معنى الاتكال والضمان وصمام الأمان safety valve، ونجد أن هذه الكلمة لها أهمية لاهوتية خاصة للغاية وتُستخدم كظرف لـ "يعيش"، وهنا تظهر أهميتها لأن أساس قاعدتها هو يهوه، لأن المعنى اللاهوتي هنا يقصد أن الحياة التي يعيشها إنسان الله هي حياة أمان وراحة نتيجة إحسان وبركة يهوه، وذلك بكون يهوه هو صمام الأمان لحياته الشخصية، لذلك قيل: حبيب الرب يسكن لديه آمناً בּטח (تثنية 33: 12)، وعندما يكون شعب إسرائيل طائعاً لله ينطبق عليهم نفس ذات الأمر عينه، لذلك مكتوب:
فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى الأَرْضِ آمِنِينَ، وَتُعْطِي الأَرْضُ ثَمَرَهَا فَتَأْكُلُونَ لِلشَّبَعِ وَتَسْكُنُونَ عَلَيْهَا آمِنِينَ؛ وَسَكَنَ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلُ آمِنِينَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ؛ وَالآنَ فَقَدْ أَرَاحَنِيَ الرَّبُّ إِلَهِي مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ فَلاَ يُوجَدُ خَصْمٌ وَلاَ حَادِثَةُ شَرٍّ. (لاويين 25: 18، 19؛ 1ملوك 4: 25، 5: 4)
ولكي نوضح أهمية المعنى اللاهوتي هنا لا بُدَّ من أن نتكلم عن أربعة نصوص متماثلة، اثنان في المزامير واثنان في أشعياء النبي والتي تظهر مركزية الثقة:
- من جهة المزامير -
* فأولاً كعبارة عامة، توجه حسب الظاهر – بطريقة مباشرة – إلى إسرائيل ككل إذ يقول: توكلوا عليه في كل حين يا قوم، اسكبوا قدامه قلوبكم، الله ملجأ لنا (مزمور 62: 8)، وهذه الآية مقابلة – كإجابة وضاحة صريحة – للسؤال المشهور ماذا يطلبه الرب منك (ميخا 6: 8)، ولذلك يقول المزمور: اتكل على الرب وافعل الخير، اسكن الأرض وارع الأمانة أو تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ اسْكُنْ فِي الأَرْضِ (مُطْمَئِنّاً) وَرَاعِ الأَمَانَةَ. (مزمور 37: 3)
* ثانياً كعبارة خاصة موجهة لثلاثة مجموعات من العابدين – على السواء – ليتجاوبوا مع الله بنفس الطريقة من جهة الاتكال بكونه هو العون وترس الحماية الخاص، إذ يقول: يا إسرائيل اتكل على الرب: هو معينهم ومجنهم. يا بيت هرون اتكلوا على الرب: هو معينهم ومجنهم. يا متقي الرب اتكلوا على الرب: هو معينهم ومجنهم.(مزمور 115: 9 – 11)
- من جهة أشعياء -
* أولاً هُناك طلباً مُشابهاً للمزامير في ترنيمة أشعياء موجهاً لشعب يهوذا ككل، مُشدداً على جدارة الله كموضوع الاتكال (نفسه) بكونه صخر الدهور الذي من المستحيل – إطلاقاً – أن يهتز أو يتزعزع: في ذلك اليوم يغنى بهذه الأغنية (يتردد هذا النشيد) في أرض يهوذا: لنا مدينة قوية (منيعة)، يجعل (الرب) الخلاص أسواراً ومترسة. افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة (التي حافظت على) الأمانة. ذو الرأي الممكن (الثابت) تحفظه سالماً، سالماً، لأنه عليك متوكل. توكلوا على الرب إلى الأبد لأن في ياه الرب صخر الدهور (أو لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ هُوَ صَخْرُ الدُّهُورِ). (أشعياء 26: 1 – 4)
* ثانياً هُناك نص يُعبر عن رسالة أساسية عن قدرة الله كركيزة للاتكال التام من جهة ان له القدرة على الخلاص مهما ما كانت المعوقات أو انسداد جميع الطرق، لكن يعوقها الرفض من جهة المتلقي الذي يتمرد ويرفض الاتكال عليه بسبب الخوف الذي بطبيعته ضد الإيمان الواثق في الله: لأنه هكذا قال السيد الرب قدوس إسرائيل بالرجوع (שׁוּבה shoo-baw' وتأتي من الأصل שׁוּב shoob بمعنى عودة – استعادة – تحديث وتجديد – إصلاح = التوبة) والسكون (נחת nachath الراحة) تخلصون، بالهدوء والطمأنينة (בּטח) تكون قوتكم (وَقُوَّتَكُمْ فِي الطُّمَأْنِينَةِ وَالثِّقَةِ) فلم تشاءوا. (أشعياء 30: 15)
وهنا نلاحظ ثلاثة أشياء هامة:
(1) تظهر الآية – بتأكيد قول الرب – أهمية تفاعل المتلقي من جهة أنه يشاء من جهة القبول أو الرفض.
(2) لا يتم الإنقاذ بالتدخل الإلهي للخلاص من الورطة أن لم يحدث عودة ورجوع حقيقي صادق لله بالتوبة التي تجعل النفس تنال الراحة الحقيقية فتطمأن.
(3) هذا النص حافل بذكريات نص آخر مشهور في (أشعياء 7: 1 – 9) إذ قد أظهر تشجيع آحاز على الإيمان بيهوه في وقت الأزمة، لأنه لا يجب أن يكون الاتكال على القوة العسكرية ولا حكمة الإنسان وتدبيره الخاص بل يكون الاتكال الحقيقي على الله وحده بوضع الثقة التامة فيه بشكل رئيسي وأساسي، لأن الإيمان الواثق به يُعطي قوة وطمأنينة للنفس وقت المحنة والأزمة الشديدة: الله لنا ملجأ وقوة عوناً في الضيقات وجد شديداً (أو عَوْنُهُ مُتَوَافِرٌ لَنَا دَائِماً فِي الضِّيقَاتِ). (مزمور 46: 1)