جدعون
هل تشتاق أن يستخدمك الرب؟ هل تتوق أن تكون إناءً نافعاً للسيد؟ هذا ما ستجده في قصة: جدعون الرجل الذى استخدمه الله (اقرأ قضاة 6،7).
أتى ملاك الرب إلى جدعون فوجده يخبط حنطة لكى يهربها من المدينيين. كان الشعب يعانى من مجاعة رهيبة. ولم يكن جدعون غير مبالٍ بما يحدث؛ لذا أصر على إعداد الطعام له ولإخوته. وهذه صورة رائعة للشاب الذى يدرس كلمة الله باجتهاد، ليجد فيها طعاماً لنفسه وللآخرين أيضاً. ولكن بماذا تصف هذا الرجل الذى استخدمه الرب؟
مشغول بحالة الشعب
قال له ملاك الرب: الرب معك يا جبار البأس. ومع أن هذه الكلمات توحى بأهمية شخصيته، إلا أنه كان مشغولاً بما يحدث حوله وما وصل إليه الشعب. أدرك أن الرب قد تركهم، وإلا فلماذا وصلوا لهذه المذلة؛ فسأل: «إن كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه، وأين كل عجائب الرب التي أخبرنا بها آباؤنا؟» لم يركّز تفكيره في نفسه، بل في شعبه. هذه صفة هامة لمن يستخدمه الرب، فهو يرى الحالة ويشعر بالحاجة.
يعرف حقيقة نفسه
«فالتفت إليه الرب وقال: اذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل. فقال له: أسألك أسيدى؛ بماذا أخلص إسرائيل، ها عشيرتي هي الذلي في منسى، وأنا الأصغر في بيت أبى». كان جدعون يعلم تماماً أنه الأصغر والأضعف، ولم يكن يشعر بأية كفاءة في نفسه للعمل، ولم يكن يتوقع أن الله يستخدم شخصاً مثله. هذه صفة رائعة في جدعون وفى كل إنسان يعرف قدر نفسه. كثيرون من الشباب ملأهم الشعور بالقدرة على إنجاز خدمات روحية، ويعتزون جداً بإمكانياتهم وطاقاتهم للعمل. إلا أن الرب يستخدم دائماً أضعف الأواني؛ حتى يُظهِر قوته فيهم. لذا شجعه الرب قائلاً «إني أكون معك وستضرب المديانيين كرجل واحد».
يُقدّر حق الله في حياته
تحقق جدعون من ظهور الرب له، وسمع كلماته المشجعة: السلام لك، لا تخف، لا تموت. فكان أول ما فعله أنه بنى مذبحاً للرب. لم يندفع للعمل مباشرة، لكنه رجع بالشكر للرب أولاً. وهنا نرى شخصاً يضع الأمور في ترتيبها الصحيح؛ المذبح أولاً، ثم المعركة؛ أي السجود أولاً ثم الخدمة، إعطاء الرب نصيبه أولاً ثم الاهتمام بالخدمة للنفوس. صديقي، هل تعلمت هذا الترتيب؟
مطيع مهما كانت الكلفة
طلب الرب من جدعون أن يهدم مذبح الوثن الخاص بأبيه، وأن يبنى مذبحاً آخر للرب. وعلى الرغم من صعوبة الأمر إلا أنه أطاع تماماً «فأخذ معه رجال من عبيده، وعمل كما كلمه الرب. وإذ كان يخاف من بيت أبيه أن يعمل ذلك نهاراً فعمله ليلا». لم يتردد جدعون في إطاعة الرب، رغم خوفه من الناس، ولم يتراجع عن تطهير بيته من العبادة الوثنية رغم صعوبة الأمر. وهذا درس هام لكل منا. فقبل أن يستخدمنا الرب لابد من تطهير حياتنا من كل ما يدنس الجسد والروح، لابد من القضاء على الأصنام. إن الصنم هو كل ما يختلس مكان المسيح في القلب، لذا لنصغى للوصية: «أيها الأولاد احفظوا أنفسكم من الأصنام» (1يوحنا 5: 21).المذبح أولاً، ثم المعركة؛ إعطاء الرب نصيبه أولاً ثم الاهتمام بالخدمة للنفوس.
أسلحة المعركة
استخدم جدعون وجنوده أبواقاً وجراراً فارغة ومصابيح. وكانت الخطة أن يضربوا بالأبواق ويكسروا الجرار فتضئ المصابيح. وبهذه الوسيلة هُزم جيش المديانيين. الأبواق تمثل المناداة بكلمة الله والكرازة بها «اكرز بالكلمة، اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب» (2تيموثاوس 4: 2). والجرار الفارغة تمثل أجسادنا الطبيعية «لنا هذا الكنز في أوان خزفية» (2كورنثوس 4: 7). وتكسير الجِرار يعنى الآلام التي يسمح بها الرب لنا حتى يشعرنا بضعفنا، وأننا لا شيء، فنعتمد عليه كلية. والمصابيح، أي الشعلات المضيئة، تمثل حياة يسوع فينا؛ فعندما تنكسر الجرار ىضئ النور «حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكى تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا» (2كورنثوس 4: 10).
انموا في النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح 2بطرس 3: 18