رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المجد لله في العلى وعلى الارض السلام”. إنّه نشيد الميلاد، نشيد الملائكة في بدء سرِّ الخلاص. ننشده اليوم في بدءِ كل قداس. وما القداس او الذبيحة الالهيّة إلاّ ذكرى موت الرب يسوع وقيامته. وما من عجب في ذلك: أليس من ولد في المغارة هو المصلوب على الصليب؟ أليس من أنشدوا له الملائكة هو القائم من بين اللأموات؟ أليس من ولد في بيت لحم،( ومعناه بيت الخبز)، هو خبز الحياة على مذابحنا؟ عجيب سرّ إلهنا، ما أجمله وما أروعه! إنه سرّ الحب! إنّه سر الجمال! سر التجسّد وسرّ الفداء! وما سرّ الفداء إلاَّ سر موت وقيامة يسوع! بين الميلاد والقيامة تشابه وتكامُل. أولاً أنّه يسوع نفسه. في الميلاد مذود عليه الطفل يسوع، وفي الفداء هو نفسه على الصليب. في الميلاد هيرودس يقلق ويقتل الأطفال، وفي الفداء بيلاطس يحكم على يسوع. جاء المجوس يسألون: “أين المولود ملك اليهود”. وعلى الصّليب لوحةٌ تدلُّ عليه :”يسوع المسيح ملك اليهود” . حول المذود مريم تتأمل بصمت بالقرب من يوسف، وتحت الصليب تتألّم بصمت واقفةً بالقرب من يوحنا الحبيب. في الميلاد راحيل تبكي على بنيها؛ وفي الفداء نساء أورشليم يَنُحنَ ويضربن الصدور. في الميلاد مغارة، فيها الطفل ملفوف باللأقمطة، وفي القيامة قبر فيه المصلوب ملفوفاً بالاكفان. الى المغارة أتى الرعيان يشاهدون “العلامة” التي قال عنها الملاك : “طفلاً ملفوفاً بالاقمطة”؛ وفي القيامة ، بطرس ويوحنا، رعاة الكنيسة يأتيان الى القبر ليشاهدا الحيّ من بين الاموات. في الميلاد مجوسٌ يحملون الهدايا الى الملك الاله الأبدي؛ وفي القيامة تحملن المريميات الأطياب. في الميلاد، الملائكة يعلنون ولادة المخلّص، وفي القيامة يعلنون قيامته من بين الأموات. في الميلاد يقول الملاك للرعاة: ” لا تَخافوا، ها إِنِّي أُبَشِّرُكُم بِفَرحٍ عَظيمٍ يَكونُ فَرحَ الشَّعبِ كُلِّه: وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ في مَدينَةِ داود، وهو الـمَسيحُ الرَّبّ”. وفي القيامة يقول للنسوة : “فقالَ لَهُنَّ: “لا تَرتَعِبنَ ! أَنتُنَّ تَطلُبْنَ يسوعَ النَّاصريَّ المَصْلوب. إِنَّه قامَ وليسَ ههُنا، وهذا هو المَكانُ الَّذي كانوا قد وضَعوه فيه”. فالميلاد والقيامة، نعيشهما دوماً كلّما اشتركنا في سرّ الافخارستية. المغارة والقبر، هما كنيستُنا ندخل إليها لنلتقي يسوع على المذبح قرباناً؛ إلهاً حيّاً، ومعطيَ الحياة. وما المذبح الاَّ المذود والصليب. وها هم رعاة الكنيسة يعلنون لنا كلمة الله ويقدّمون إلينا خبز الحياة؛ ونحن كالمجوس والمريميات نحمل تقادمنا، لنصبح بدورنا قرباناً حياً. هي الجوقة تنشد الينا كالملائكة لحن السماء لتدخلنا في فرح القلب وبهجة الحبّ. وفي ملْء الزّمن، تجسّد الله، فدخل تاريخنا الخاطئ، ليقدسّه ويحوّله في آخر الازمنة، ليصبح “الله الكلّ في الكلّ”. وفي ملء الذبيحة، في كلام التقديس، يتجسّد الرب، ليدخل أجسادنا الخاطئة، فيحوّل قلوبنا اليه، ويصبح هو الكلّ في الكلّ في حياتنا. ولد يسوع في بيت لحم ومعناها بيت الخبز ،وهي أصغر مدن اليهوديّة: “وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل” متى 2/6. وها هو يتجسّد في القربانة الصغيرة، وما زال في بيت الخبز في بيت القربان. أتريد أن ترى يسوع؟ تلمسه؟ وتحياه؟ وتتأمّله؟ وتحبه؟… ماذا تنتظر؟ وأين تبحث؟ إنّه هنا. أتى الربّ إلينا ليبقى معنا، لا لكي نعيش ذكراه مرّة في كلّ سنة. ولد مرّة في ملء الزمن وهو الحاضر دائماً أبداً في كل زمانٍ ومكان. من فرح الميلاد الى مجد القيامة، نتأمّل وجه إلهنا الذي تنازل وصار مثلنا وواحداً منّا. نراه في المغارة طفلاً فاتحاً يديه، يدعو ويرسل، يطلب ويعطي. ونراه على الصليب، غامر الكون ومعطي الحياة. وفي القربان هو المعُطى والمعطي. كلّ مرّة تعيش الذبيحة الالهية، إعرف أنّك تعيش سرّ التجسّد والفداء. إنّك تذوق طعم السماء. أليس هو الذي قال: من أكل جسدي له الحياة الأبديّة؟ فالميلاد ليس بذكرى عابرة، إنّه حدث مستمرّ. وإن بهرتك زينة الشوارع والساحات، فلا تدعها تعمي إيمانك عن رؤية يسوع في قلبك وفي القربان لتراه في كل انسان. احمل البشرى الى كلِّ من يبحث عن معنى الميلاد، وقد اضاعه في عجقة الأعياد. كن الملاك القائل: من يولد اليوم لك في كنيسة رعيتك، هو المسيح الربّ. هلمّ الى الكنيسة وإليك هذه العلامة: ستجد خبزات صغيرة موجودة في علبة صغيرة، ، إنّه طفل المغارة، إنه يسوع، إنّه في بيت القربان. صمتُ المغارةِ يكتُبُ سرَّكَ سرَّ التجسُّدِ في ملءِ الزمانِ إلهَ السماءِ إنساناً نراكَ حاضراً أبداً في سرِّ القربانِ مجوسٌ في الارضِ ما زالتْ تبحثُ والنجمُ في القلبِ يدلُّ عليكَ جمالُ الحياةِ وجهَكَ يعكُسُ وكلُ الوجودِ من صُنعِ يديك |
|