مرافقـــة المسيح – غريغوريوس اللاهوتى
أرجوك اقبل
حَمله في داخلك (كما حملته العذراء في بطنها)،
واقفز
أمامه، إن لم يكن مثل يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه، فعلى الأقل مثل
داود أمام تابوت العهد،
واحترم
الإكتتاب الذي بسببه أكُتتبت أنت في السموات،
وأسجد للميلاد
الذي بواسطته فُككت من قيود ولادتك الجسدية،
وأكرم بيت
لحم الصغرى التي أرجعتك إلى الفردوس مرة أخرى،
وأسجد
للمزود الذي به تغذيت بالكلمة (اللوغوس) بعد أن كنت بلا فهم،
وأعرف
قانيك - كما يوصي إشعيا - كما يعرف الثور قانيه والحمار معلف صاحبه، وذلك إن
كنت من تلك الأطعمة الطاهرة بحسب الناموس، تمضع الكلمة باجترار، ولائق
للذبح.
أما إن كنت
من أولئك الذين لا يزالون نجسين، غير صالح للأكل، وغير لائق للذبح، ومن نصيب
الأمم، فإسرع مع النجم، واحمل هداياك مع المجوس، ذهباً، ولباناً،
ومُراً، كما لملك، وإله، ولواحد قد مات من أجلك.
ومَجّده مع
الرعاة، واشترك في خورس الملائكة، ورتل التسابيح مع رؤساء
الملائكة، وليكن هذا الإحتفال مشتركاً بين القوات السماوية والقوات
الأرضية. لأني أؤمن أن الأجناد السماوية يشتركون في التهليل
معنا، ويحتفلون بالعيد العظيم معنا اليوم، لأنهم يحبون البشر ويحبون
الله. مثل هؤلاء الذين - كما كتب داود - صعدوا مع المسيح بعد آلامه لكي
يستقبلوه، وهم ينادون أحدهم الآخر أن يرفعوا الأبواب الدهرية (مز 24).
هناك أمر
واحد فقط مرتبط بمناسبة ميلاد المسيح، أريدكم أن تبغضوه، إلا وهو قتل الأطفال على
يد هيرودس، أو بالحري يجب أن تكرموا أيضاً هؤلاء الذين ذُبحوا وهم من نفس عمر
المسيح، وصاروا ذبيحة قُدمت قبل الذبيحة الجديدة.
عندما يهرب
إلى مصر أهرب أنت معه، ورافقه فرحاً في المنفى، أنه عمل عظيم أن تشترك
مع المسيح المضطهد في منفاه. وإن أبطأ كثيراً في مصر فادعوه أن يخرج من مصر
بتقديم عبادة خاشعة له هناك.
إرتحل مع
المسيح واتبعه بلا لوم في كل مراحل حياته وكل صفاته
تطهر،
اختتن، إنزع عنك البرقع الذي يغطيك منذ ولادتك. بعد ذلك علّم في الهيكل،
واطرد التجار الذين يدنسوا المقدسات
إمتثل
للرجم لو لزم الأمر، فإني أعرف جيداً أنك سوف تختفي من أمام راجميك،
وتجتاز من وسطهم مثل الله (يو 8)
إن جاءوا
بك أمام هيرودس لا تعطيه إجابة عن أغلب أسئلته، فسوف يحترم صمتك أكثر من
أحاديث الناس الطويلة.
إذا جلدوك
أطلب منهم أن يتمموا كل الجلدات. ذُق المُرّ، وأشرب الخل، والتمس البصاق،
واقبل اللطمات، ولتتوَّج بالأشواك - أي بقساوة حياة التقوى. إلبس ثوب
الأرجوان وأمسك القصبة في يدك، واقبل السجود بسخرية من أولئك الذين يسخرون من
الحق، وأخيراً، لتُصلب مع المسيح واشترك في موته ودفنه بفرح، لكي تقوم معه، وتتمجد
معه، وتملك معه.