رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلبـان كانت قبـل الصـليب بقلم الراهب كاراس المُحرَّقيّ الجـلد كانت العادة عند الرومان أن يُجلد المذنب قبل أن يُصلب، وهذا ما حدث مع رب المجد يسوع، الذى بعدما فشل بيلاطس فى إطلاقه أطلق لهم باراباس " وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ " (مت26:27). وكان الجلد يتم بتعرية المذنب من ثيابه، وربطه فى عمود، ثم ضربه بالسوط، الذى كان عبارة عن سيور من الجلد، وفيه عُقد مُثبّت فيها قطع من الرصاص أو الحديد أو العظام، وكان الجندي الرومانيّ يُعتبر فاشلاً، إذا كانت جلداته لا تترك جراحاً فى ظهر المجلود . أما عدد الجلدات فكان (39) جلدة، فى حين أن القانونى (40) جلدة، هكذا جُلد القديس بولس الرسول من اليهود كما قال: " مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً " (2كو24:11)، والسبب فى ذلك هو خوفهم أن يسهو فى جلدة فتزيد الضربات عن (40)، وبهذا يكونون قد خالفوا أمر الشريعة، التى كانت تأمرهم ألا يزيدوا الضربات عن هذا العدد: " فَإِنْ كَانَ المُذْنِبُ مُسْتَوْجِبَ الضَّرْبِ يَطْرَحُهُ القَاضِي وَيَجْلِدُونَهُ أَمَامَهُ عَلى قَدَرِ ذَنْبِهِ بِالعَدَدِ أَرْبَعِينَ يَجْلِدُهُ، لا يَزِدْ لِئَلا إِذَا زَادَ فِي جَلدِهِ عَلى هَـذِهِ ضَرَبَاتٍ كَثِيرَةً يُحْتَقَرَ أَخُـوكَ فِي عَيْنَيْكَ " (تث25: 2،3) . عن جلد المسيح تنبأ إشعياء النبيّ قائلاً " بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ " (إش6:50) وهكذا تنبأ المسيح عن جلد التلاميذ والمؤمنين " سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ " (مت17:10). وما جلد المؤمنين إلاَّ د*** فى شركة آلام السيد المسيح: " لأَعْرِفَهُ وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ " (في10:3)، ولهذا مهما تفرّق المؤمنون، إلاَّ أنَّ عنصر الإنسانية سيظل يربط البشرية المتفرقة وأيضاً الألم، الذى صار محطة التقاء المؤمنين، كل المؤمنين، فالجميع عند الألم يلتقون! ليبقَ الألم سراً رهيباً صعب الفهم عسر التفسير! وهى دليل على محبة الله " لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ " (عب12: 6)، ولهذا لمَّا جلد اليهود الرسل يقول الكتاب المقدّس: " وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ " (أع40:5،41). لقد صارت جراحات المسيح، دواء شافياً لأمراضنا، مرهماً مداوياً لجراحتنا، كما قال مُعلَّمنا بطرس الرسول: " الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ " (1بط24:2). هذا عن المؤمنين، أمَّا الخطاة فليسوا فى حاجة إلى من يجلدهم، إذ هم يجلدون أنفسهم بسياط الخطية، فهناك من يجلد نفسه بسوط الزنى والنجاسة، كالسامرية والمرأة الخاطئة وأهل سدوم وعمورة، وآخر يجلد نفسه بسوط محبة المال، كالشاب الغنى والغنى الغبى ويهوذا، وثالث يجلد نفسه بسوط العظمة والكبرياء، مثل هيرودس الملك الذى من أجل قسمه أمام الجمع أرسل وقطع رأس يوحنا، وهناك من يجلد نفسه بسوط المسكرات وتعاطي المخدرات أو السرقة أو القتل.. وكما تسببت خطايا البشر فى ربط المسيح وجلده، هكذا أيضاً الخاطيء ليس أحد أقرب منه إلى الأسر والعبودية والمذلة، مهما حاول أن يتظاهر بيّة والبعد عن كل مذلة وعبودية . التعـرية هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 811x600. فى منظر مؤلم وبكل قسوة ووحشيّة عُري الصالبون يسوع من ثيابه، ذاك الذى صنع ثوباً من جلد لكي يستر به عُري آدم، الذي لا يزال ي**و السماء بحلة بهية من الأنوار، والأرض برداء من الأزهار. أمَّا هو فترك لباسه بفرح عظيم ليلبس أولئك الذين خرجوا من الفردوس عرايا، لقد رأى أن يلبسهم ثيابهم ويبقى هو عارياً، لأنَّه عرف أنَّها تصلُح لآدم المفضوح المُعرَّى من ثيابه، ومن عرتهم الخطية من لباس النعمة الإلهيّة، ولكن، أليست السماء هى التى قد نسجت ثوباً من آشعة القمر وألقته على جسد خالقها فى حياته، فلماذا الآن قد حاكت من ظلمة الليل رداءً كثيفاً مُبطّناً بأنفاس الموت لتستر به أضلع المسيح؟! وهكذا يتعرى آدم الجديد من ثياب الأرض، قبل أن يرجع إلى ملكوت أبيه، ليتشح فقط بوشاح طهره، ويتسربل بسربال محبته !! لقد عروه من ثيابه احتقاراً (مت28:27) ، دون أن يفهموا أنَّه تعرَّى لينزع عن أجسادنا ثياب الخطية، لكى نلبس عوضاً عنها ثياب البر والخلاص.. لم يدركوا أن رب المجد لمّا رأى الإنسان قد تعرى من ثياب التواضع نزل من السماء متجسداً، وتعرى من ثياب مجده لي**وه بتواضعه، ولمّا رآه عرياناً من ثمار المحبة غطَّاه برداء الحُب الإلهيّ!! ولكى يزيدوه احتقاراً ألبسوه ثوباً قرمزياً لأنَّه فى نظرهم ادّعى المُلك، فكان لابد أن يلبس ثياب الملوك، فألبسوه ثوباً لون الدم ليتزين به العريس المقتول، لكن المحزن أنَّهم عادوا فنزعوا عنه الرداء القرمزيّ وألبسوه ثيابه مرة أُخرى، فكان هذا إعلاناً على أنَّهم رفضوا أن يرتدوا ثوب الخلاص، مفضّلين ثوب الخطية التى أحبّوها وفضلوا ألاّ ينفصلوا عنها. قال أحد الآباء: " طرحت عني اللباس المرقّع الذى كنت ألبسه وغسلت جسدي من الدخان الذى كنت حامله، وألبستنى عوضاً عنه ثياب مجدك وطهارتك وبرك ". |
|