رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يتحدَّث القدِّيس يوحنَّا ذهبيّ الفم عن الله كالطبيب الذي قد يُسبِّب الألم البسيط للمريض أثناء العلاج، لا بغايةٍ أخرى سوى شفائه من ألمٍ أكبر أو من الموت، فيقول: [لو كان غَضَبُ اللهِ إنفعالًا، لكان يحقُّ للإنسانِ أنْ يَيأس لكونه غير قادر على إطفاء هذا اللهيب (أي غضب الله) الذي أشعله بنفسه بسبب كثرة أعماله الشريرة؛ ولكن حيث أنَّ الطبيعة الإلهيَّة خالية من الإنفعال، حتَّى وإنْ ُعاقَب، حتَّى وإنْ انتقم، فإنَّه لا يقوم بذلك حنقًا (أو غضبًا)، ولكن باهتمامٍ رعائيّ حنون، وحبّ صالح غزير؛ وهذا بالحريّ (يَدفعُنا) أنْ نكون ذوي شجاعة كبيرة، وأنْ نثق في قوَّةِ التوبةِ. فإنَّ حتَّى هؤلاء الذين أخطأوا في حقِّه، لا يَرغَب هو في معقابتهم انتقامًا لنفسه -لأنَّ طبيعته الإلهيَّة لا يُمكِن أنْ يُصيبها أيّ ضررٍ- بل يفعل ذلك برؤيةٍ (صالحة) لمنفعتنا نحن، ولكي يَمنع عنادنا من الوصول إلى حالةِ أسوأ بسببِ استهتارنا وتجاهلنا له. فكما أنَّ الذي يَبقى خارجًا بعيدًا عن النور لا يُسبِّب أيّ ضررٍ للنورِ، بل تقع الخسارة العظمى عليه بكونه صار سجينًا في الظلام؛ هكذا أيضًا مَن اعتاد احتقار القوَّة (الإلهيَّة) القادرة، لا يُسبِّب الأذى للقوَّة، بل يلحَق أكبر ضررٍ مُمكِنٍ بنفسه. ولهذا السبب يُهدِّدنا الله بالعقوبات، وأحيانًا يَصُبُّها علينا، لا انتقامًا لنفسه، ولكن كوسيلة لجذبنا إليه.] |
|