كان البار توما من عائلة نبيلة غنية. امتهن الجندية وذاع صيته للانتصارات العديدة التي حقّقها على البرابرة. كان مخوفاً. لكنّه لمّا اخترقته محبّة يسوع وصارت كالجمر توقداً في صدره هجر، بلا ندامة، المياه المرّة لهذه الحياة ليحمل نير المسيح الخفيف. صار راهباً وسلك في الفقر والاتضاع. اتّخذ النبي إيلياس نموذجاً له. ظهر له ذات ليلة واقتاده إلى جبل الملاون الذي يظنّ قوم أنّه في الطرف الجنوبي من جزر البليوبونيز ويظّن آخرون أنّه من توابع جبل الأوليمبوس في بيثينيا. هناك استقرّ مقيماً في السكون (الهزيخيا) سالكاً في الصلاة الدائمة. تلألأ كالنجم بأسهاره وصلواته حتى انصرفت الأبالسة عن كل الجوار الذي كان فيه. مَنّ عليه الربّ الإله بموهبة صنع العجائب فأنبع نبع ماء وردّ البصر لعميان وأقام مقعدين. عندما كان يقف في الصلاة كان يبدو، من بعيد، وكأنّه عمود نار في أعين أنقياء القلوب الذين أُهّلوا لمعاينته. رقد بسلام في الربّ لكنّه لم يكفّ عن مداواة أدواء الناس المقبلين بإيمان لإكرام رفاته المقدّسة بطيب عجيب يسيل من ضريحه.