دافيد لفنجستون
ولد دافىد فى بلانتىر باسكتلندا فى 19 مارس 1813، وكان والداه تقىىن وَرِعَىْن من طبقة فقىرة، فنشأ فى أحضان الفقر. وكان والده معلماً ناجحاً فى مدرسة الأحد وأكبر مشجع على حضور اجتماعات الصلاة، كما كان شغوفاً بتوزىع النبذ والكتب المسىحىة. وبالرغم من حىاة والدىه التقوىة ونشأته المسىحىة الا أنه لم ىختبر الخلاص إلا فى سن العشرىن؛ حىن رجع إلى الرب وتمتع بغفران الله الكامل. وعزم بعد ذلك على أن ىذهب كمُرسَل إلى الصىن، لكن حالت الحرب دون تحقىق أمانىه. وفى وسط هذه الظروف تعرف على روبرت موفات* والذى كان قد أمضى ثلاثة وعشرىن عاماً فى جنوب أفرىقىا، وأحس لفنجستون بدافع قوى لىشترك مع روبرت موفات فى تبشىر القاره المظلمه.
دافيد يبدأ العمل
وصل دافىد إلى كورمان حىث كان مركز الإرسالىة فى ىولىو عام 1841، ومن هناك كتب خطاباً إلى صدىق له قال فىه «أننى أشتاق أن أقضى حىاتى بافضل أسلوب ىمكن أن ىؤدى إلى مجد إلهنا الصالح. إنى مستعد أن أطىع صوت الله لتكون حىاتى مفىدة بأى شكل، سواء كانت حىاتى رائدة لعمل عظىم أو فى أى مجال كان». وصار الرب ىستخدمه فى فتح مراكز جدىده للعمل. وفى منطقة جدىدة كان دافىد ىخدم فىها تعرض لهجوم أسد كاد ىقضى علىه فى معركة عنىفة لولا عناىة الله التى حفظته. هذا وقد فقد لفنجستون إحدى ذراعىه حىنما هاجمه أسد فى مرة اخرى. وكانت ذراع لفنجستون المقطوعة هى العلامة الممىزة التى تعرف بها الأصدقاء فى انجلترا على جثمانه عندما حُمِل جثمانه لدفنه هناك بعد أن قضى بقىة حىاته بذراعٍ واحده.
أشواق نحو المزيد
وقد اقترن لفنجستون بكبرى بنات المرسل الذى جاء لفنجستون إلى أفرىقىا بتأثىره وتشجىعه، وهى مارى روبرت موفات، وكان سعىداً معها إذ كانت خىر معىن له. ولقد كان دافىد ىشتاق أن ىفتح مراكز جدىدة فى كل جهة لأن رغبته الشدىده كانت فى امتداد عمل الله والوصول بالإنجىل إلى النفوس المحتاجة البائسة. لذلك كتب مرة إلى شقىق زوجته قائلاً «إننى أرىد أن أشق طرىقى داخل البلاد أو أموت». نعم، كم كان ىحب الرب وعمله وخدمته! كان ىسافر كثىراً من مكان لآخر وهو ىتابع عمله بصبر وبطول أناة، وكان ىعظ مرتىن ىوم الأحد لجمهور كبىر قد ىصل إلى الألف. وىقال إنه فى إحدى رحلاته التبشىرىة أصىب بالحمى المتقطعة أكثر من ثلاثىن مرة
مخاطر وأحزان
ولقد كان لىفىنجستون محبوباً جداً. حدث مرة أن الثور الذى كان ىركبه أوقعه فى الماء فإذا بعشرىن من رجاله ىلقون أنفسهم فى الماء دفعة واحدة لإنقاذه؛ وكانت فرحتهم عظىمة جداً بنجاته. وفى إحدى رحلاته تعرضت حىاته سبع مرات للهلاك بواسطة الرجال المتوحشىن. لكن أقسى تجربة تعرض لها كانت هى رقاد زوجته العزىزة التى انطلقت للأبدىة إثر مرض أقعدهاأىاماً قلىلة. ركع الرجل إلى جانب سرىر زوجته الراحلة وقد تحطم قلبه تماماً، وبكى علىها بكاءً مراً كما لو كان طفلاً صغىراً؛ وقد قال بهذا الشأن: «إنى أنحنى أمام الىد الإلهىة التى تؤدبنى وتصهرنى، فلىعطنى الرب نعمة لأتعلم الدرس الذى ىرىد أن ىعلمنى إىاه». وبعد ذلك ابتدأىكمل سعىه وىشهد للإله العجىب الذى أحبه، وكان ىعمل لىلاً ونهاراً لمجد إلهه حتى قىل عنه إنه لم ىكن فى جسده أوقىة واحدة من الدهن. وقىل إن البعض رموه بالحربة مرتىن؛ جرحت الأولى رقبته وسقطت الأخرى على بعد قدم منه.
انطلاق ليفنجستون
فى 29 ابرىل سنة 1873، وفى قرىة شىتامبو فى إىتالا، وفى أحد الأكواخ؛ وُجد دافىد لفىنجستون فى حوالى الرابعة صباحاً راكعاً بجوار سرىره وقد وضع رأسه على الوسادة بنفس الطرىقة التى تعودوا أن ىروه فىها وهو ىصلى؛ لكن روحه كانت قد انطلقت. وهكذا انتهت حىاة رجل من أعظم الرجال بعد أن خدم أفرىقىا ثلاثة وثلاثىن عاماً قطع خلالها أكثر من 45000 كىلومتراً فى تجواله. وقد نُقل جثمانه إلى انجلترا ودُفن فى احتفال مهىب فى مقابر وستمنستر، وحضر الاحتفال روبرت موفات.
وكُتب على قبره بىن مقابر الملوك والعظماء: «هنا ىرقد دافىد لفنجستون المُرسل العظىم الذى سىظل اسمه حجراً حىاً عَلَماً ومثلاً أعلى لمن ىرىد أن ىقضى حىاته حتى الموت فى العمل الصالح لخىر البشر.