رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل يحاسبنا الله على ذنوب ارتكبها آبائنا وأجدادنا؟ أخطأ أبوينا ألأولَين آدم وحواء بسبب المعصية وعدم حفظهما الوصية ... (وأوصى الرب الاله آدم قائلاً من جميع شجر الجنّة تأكل أكلاً, أما شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها لأنّك يوم تأكل منها موتاً تموت, تك 2: 16 – 17). فعندما أكلا منها ماتا روحياً وسقطا , والسقوط ليس بسبب الأكل مِن الشجرة المحرّمة بل بسبب عصيانهما ومخالفتهما لوصيةِ الله , فكان السقوطُ عظيماً من حال إلى حال , من حال الكمال الإلهي المتنامي ألمؤدي إلى الحياة الأبدية , إلى حال الكمال (الشيطاني) المتنامي والمؤدي إلى الهلاك الأبدي , من الطاعة إلى الخطيئة، من الحياة مع الله إلى عبودية إبليس، من عدم الفساد إلى الفساد, فانتقل تأثير السقوط إلى كل الجنس البشري فكان الموت الروحي وظهرت نتائج الخطيئة تعمل بهم وبذريتهم , فتبنى الإنسان حالة ومنطق إبليس وكل المواصفات التي فيه لأنه ابتعد من كنف الله , وكلما ابتعد الإنسان عن الله صار هو إلها لنفسه (كما هو إبليس) وسيصبح بدائرة إبليس وأعماله الشريرة (قتل , كذب , زنا , سرقة , رياء , ... الخ ) وأصبح الجنس البشري معرّض للمرض والألم والحزن والموت الجسدي (إضافة لانفصاله عن الله ـ الموت الروحي) فأسلم دفّة حياته مخدوعا لإبليس (وبإرادته الكاملة) تحت مفهوم الحرية (اللا مسئولة) أو بالأحرى فوضى إبليس , وتحوّل من الرعاية والحماية والنعمة والحياة ومحبة الله إلى التمرد والشقاء والعناء ومحبة الذات والموت ونقمة إبليس . استطاع إبليس أن يستعبد الإنسان من خلال التشكيك ومِن ثَم الإقناع فاقتاده نحو دائرة الخوف والخطيئة والموت الرهيبة , فأمسى رهينة بيد إبليس وسطوته وهيمنته وقيوده وهكذا اعتلّت الطبيعة البشرية , وكما يقول القديس كيرلس الاسكندري : (لمّا سقط الإنسان في الخطيئة وانزلق في الفساد، هاجمت الملذّاتُ والنجاسةُ طبيعةَ الجسد، وانقشع، في أعضائنا، ناموس وحشي. أضحت، إذ ذاك، طبيعتنا موبوءة بالخطيئة عبر معصية الواحد، الذي هو آدم. به أضحى الجميع خطاة لا لكونهم شاركوا في التعدّي مع آدم، وهو ما لم يفعلوه البتّة، بل لكونهم من طبيعته، خاضعين لناموس الخطيئة... الطبيعة البشريّة، في آدم، اعتلّت وخضعت للفساد، بالمعصية، وبذا وطئتها الأهواء). خطيئة الإنسان لم توّجه إساءة إلى الله , بل إلى العلاقة بينهما والمتضرر (مِن السقوط) كان الإنسان نفسه , لأنه فقد تلك العلاقة الحميمة , علاقة الابن بأبيه وانتقل إلى علاقة تشوبها وتشوهها الخطيئة فأصبح الإنسان عبدا لها , وتغيرّت بل وتشوّهت أيضاً صورته (التي خلقها الله له على صورتهِ) أي صورة الله . فتم طرد آدم وزوجته (وبالتالي كل ذريته التي كانت بصلبهِ) بعد أن عصى الوصية (بملء إرادته) . وبما أن الله محبة , فقد وضع لآدم وذريته خطة الخلاص من خلال يسوع المسيح (له كل المجد) (فقال الرب الإله للحية لأنك فعلت هذا، ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل أيام حياتك , وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه , وقال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا. وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك , وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا: لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك , وشوكا وحسكا تنبت لك ، وتأكل عشب الحقل , بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب، وإلى تراب تعود , تك 14:3ـ 19) في الآيات أعلاه تتضح لنا نتائج الخطيئة وما ستؤول إليه حالة الإنسان بعد السقوط , وكيف إن نسل المرأة ـ ابن الإنسان ـ ابن الله سيُسحَق رأس الأفعى, لكن من خلال التجسد والصلب والموت والقيامة (ليسوع المسيح) ستكتمل الخطة والتدبير الإلهي الذي بإيماننا به سننال التبني ونعود إلى ما كنّا عليه من علاقة وصورة (قبل السقوط) . إذن نحنُ لم نرث الخطيئة الأصلية بل ورثنا نتائجها (وهي الطبيعة الفاسدة) لأننا من أبوين ساقطين , ففي الإيمان المسيحي لا يوجد مفهوم التوريث للخطيئة , فالإنسان يولد على الطبيعة الفاسدة دون أن يكون مخطئاً . نعود لسؤالنا : هل يحاسبنا الله على ذنوب ارتكبها آباءنا وأجدادنا ؟ وهل نحن نرث خطاياهم ؟ فان كانت الإجابة بنعم , ما ذنبنا , وأين وجه العدالة بذلك , وإن لا فهل من تناقض (حاشا) في كلمة الله كما قرأنا أعلاه ؟ فالجواب باختصار يكون : إن الله لا يحاسبنا على ذنوب ارتكبها آباءنا وأجدادنا , لأن الخطيئة لا تورَث , لكننا نتحاسب على الخطايا الناتجة بسبب الطبيعة الفاسدة التي ورثناها منهم والتي نعملها بملء إرادتنا وكامل وعيَنا ومعرفتنا . فالطفل عندما يولد يرث الطبيعة الفاسدة بالرغم من انه لم يرتكب أية خطيئة بعد , فلذلك يتم تعميد الطفل لأن العماد يُحدِث فيه ميلاداً جديداً في الماء والنار والروح , الماء يغسلنا والنار تطهرنا انه رمز التغيير الذي يحدثه العماد في نفوسنا إذ يطهرنا من الخطيئة . ( اقرأ إنجيل لوقا 3: 15 – 17 ) , إنها الولادة الثانية والعودة إلى طهارة الإنسان ونقاءه وصفاءه الأولي قبل السقوط ( إن لم يولد أحد من الماء والروح ، فلا يقدر أن يدخل ملكوت الله . يوحنا 3 : 5) أما ما آلت إليه الطبيعة البشرية بسبب السقوط وبعده , إن قلنا : ما ذنبنا نحنُ ؟ علينا نفهم بان الله وضع قوانين تسيّر هذا الكون , فكما انه هناك قوانين (اكتشفها الإنسان وهو على الأرض) كالجاذبية والنسبية والطاقة والمادة وغيرها كثير ...فكلنا نحن البشر كنّا بصلب جدنا آدم , فعندما طُرِد من الجنة طُرِدنا معه وحَملنا معه الطبيعة الساقِطة (وكان هذا قانون (ناموس) الله .. أن نكون نحن ذريته بصلب جدنا آدم , فأينما يكون آدم فنحن نكون معه) . فبخطة الله وتدبيره هناك ترتيبان , العدالة والمحبة (عندما مات المسيح عوضا عنا كفارة عن خطايانا , فتحققت العدالة والمحبة بآن واحد ) فالله وضع الحل بسر الفداء , الذي فيه دفع يسوع المسيح ثمن خطايانا على خشبة الصليب لكل من يؤمن به ربا ومخلصا وفادياً. فكما أن الصليب هو إعلان عن محبة الله حسب قول السيد المسيح "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16)، فإن الصليب أيضاً إعلان عن قداسة الله الكاملة وعن عدالته المطلقة , كما هو مكتوب "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب9: 22). وان عدنا للآيات التي وضعناها بمقدمة موضوعنا , نرى بان لا يوجد فيها أي تناقض , فالنفس التي تخطأ هي تموت , لكن مجدا للرب الذي انتصر على أقوى أسلحة إبليس والذي به أخافَ كل الجنس البشري (ألا وهو الموت) فبعد الصلب والقيامة أصبح لنا كل الحق أن نقول مع الرسول بولس (أين شوكتك يا موت, أين غلبتك يا هاوية.. 1كو15 :55) فالمسيح ومعه كل من يؤمن به انتصر على الخطيئة والموت "لأن أجرة الخطيئة هي موت" (رومية 23:6). الخطيئة التي أوقعنا بها إبليس بعدما خدعنا بها (عندما خدع أبوينا آدم وحواء) و عندما يخدعنا اليوم من خلال طبيعتنا الفاسدة التي أخذناها بعد السقوط , وبنفس هذه الخطيئة بعدما يوقعنا بشركها يأخذ يهددنا ويخيفنا ويشتكي علينا . لكن مجدا للرب الذي انتصر على إبليس وعلى الموت بقيامته المجيدة وصالحنا مع الله وأعادنا إلى المجد والعلاقة والصورة والطبيعة التي كنّا (من خلال آدم وحواء) نحياها (قبل السقوط) (مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ ,غلاطية 20:2) فعندما المسيح يحيا فينا سيكون لنا مصالحة وسلام مع الله (فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح , رومة 1:5) وصرنا أبرار من خلال المسيح بعدما كنا أشرار من خلال جدنا آدم (لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعِل الكثيرون خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيُجعَل الكثيرون أبراراً , رومة 19:5) ودمتم بحماية الرب ... |
|