في بعض الأوقات يظلم المرء نفسه بحبس ذاته داخل سجن من السجون الوهمية وهي سجن الماضي، والماضي من الممكن أن يكون ربما ضيقة مر بها الشخص في وقت من الأوقات، أو موقف معين يتمنى الشخص أن يعود بالزمن للوراء كي يتصرف فيه بطريقة معينة أصبح يرى الآن أنه لو كان تصرف بتلك الطريقة في الماضي لكانت تحسنت حياته بشكل ما.
وللأسف، لا يعرف البعض، أن تلك الخبرة التي يتمنى أن يعود للماضي كي يتصرف بها، لولا هذا الماضي ما كانت تكونت!، بالفعل!، من أين تكونت تلك الخبرة؟، تكونت تلك الخبرة نتيجة ذلك الموقف ونتيجة أنه اكتسب الخبرة في ذاك الحين، ولولا ذلك الموقف، ربما كانت لم تتكون عنده تلك الخبرة أو الحكمة.
ولكن ليست المشكلة في التحديات أو المواقف التي واجهها الإنسان في الماضي، ولكن المشكلة في أنه يظل سجينا لتلك الذكريات وتلك المواقف والتحديات، ولا يعطي لذاته الفرصة كي يستمتع بحياته، ويظن أن تلك المواقف مثل قاعدة "الماضي المستمر-Past continuous" في اللغة الإنجليزية، بدأت في الماضي ومازالت مستمرة معه حتى الآن وليس هناك مانع لديه أن تستمر معه إلى أن يتوفاه الله!، لماذا كل هذا؟، لا أحد يعرف!
لماذا لا تعيش الحاضر وتستمتع به؟، صدقني، الماضي قد مضى فليس هناك حاجة للتفكير فيه، ويكفي ما تعلمت من خبرات فيه كي تثبت خطاك في الحياة وتعطي ألف حساب وحساب لكل خطوة تخطوها في الحياة، وأن تتعلم جيدًا أن كل قرار ستتخذه ستكون دارسًا له من كل النواحي خشية أن تصاب بشيء يؤذيك مجددًا.
فتلك هي فائدة الماضي!، أنه يزرع بداخلك خبرة وكنزا يحميك من الخطوات غير المدروسة أو القرارات السريعة أو الأحكام على الناس بسهولة، لذلك استمتع بالحاضر واشكر الماضي لأنه حمل لك دروسا ولكن اجعله مثل قاعدة "الماضي التام -Past Perfect" حدث تم وانتهى وتعلمت منه الدروس التي حملها لك ومازالت بداخلك لكن الموقف بالفعل انتهي، فلا داع للقلق أو الخوف أو التعلق الزائد بالماضي حتى لا تفقد متعة الحياة ولذتها!
بولا وجيه