فضائح الخطابات المسروقة ..
من الوارد أن يستعين الرؤساء والمشاهير بكلمات واقتباسات من فلاسفة أو شعراء سابقين، لكن ما يثير الغرابة حقًا والجدل أحيانًا، أن يلجأ رئيس إلى سرقة خطاب سابق لرئيس آخر لازال على قيد الحياه، دون أن ينسب الكلمات لصاحبها، حتى يفتضح أمره أمام العالم ويسير أضحوكة ومحط انتقاد الرأي العام.
"الرئيس النيجيري"
سيل من الانتقاد والتندر انفجر في وجه "محمد بخاري" الرئيس النيجيري، أمس الأحد، بعدما تعمد سرقة مقاطع من خطاب نظيره الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه خلال عام 2008، عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
"التغيير يبدأ معي" بهذا العنوان استهل "بخاري" خطابه المسروق أمام جموع من الشعب النيجيري، في خطبة له أعلن خلالها عن مبادرة اجتماعية يقودها هو في مدينة "أبوغا" حث فيها النيجيريين على الامتناع عن الرشوة ومقاومة التحزب وعدم النضج التي سممت بلاده لفترة طويلة.
لكن وسائل التواصل الاجتماعي "فيس بوك وتويتر" لم ترحمه وربط النشطاء بين كلماته وتشابهها الشديد مع خطاب الأمريكي أوباما، حتى اضطرت الرئاسة النيجيرية إلى إصدار بيان رسمي اعترفت فيه بأن هذه الفقرة من الخطاب مقتبسة بالفعل من خطاب أوباما.
ولم يكن أمام الرئاسة النيجرية سوى تحميل الخطأ إلى مُعد الخطاب، بعدما أكدت أن الشبه بين الخطابين كبير، وأن مُعده سوف يحاسب على تلك الخطيئة الكبيرة، لكن تبريرات الرئاسة لم تسكت ألسنة النشطاء التي جلدت "بخاري"، وسخروا منه بأنه لا يقرأ خطاباته قبل إلقائها.
واعتبروا أيضًا أن الاقتباس يسيء إلى صورة نيجيريا في الخارج، مع استعداد قادة العالم للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهو ما ظهر جليًا في تعقيب المعارض النيجري "إديانجو ديجي" على "تويتر" قائلًا: "على الرئيس ومساعديه أن يحسنوا من أدائهم، توقفوا عن إحراج أمتنا العظيمة".
ليست تلك الواقعة هي المرة الأولى التي يستعير فيها فريق "بخاري" مقتطفات من الحملات والخطابات الأمريكية تحديدًا، فقد استخدم شعار "إعادة العظمة لنيجيريا" خلال حملته الانتخابية، وهو نفس الشعار الذي يستخدم المرشح الجمهوري الأمريكي "دونالد ترامب" باسم "إعادة العظمة لأمريكا".
"ميلانيا ترامب"
رغم أهمية الخطاب الذي ألقته "ميلانيا ترامب" زوجة المرشح الأمريكي "دونالد ترامب" منذ فترة قصيرة، لكونه أول خطاب رسمي لها، إلا أنها فضحت زوجها وأحرجته أمام العالم بسرقة خطاب لـ"ميشيل أوباما" زوجة الرئيس الأمريكي كانت قد ألقته عام 2008 في مؤتمر الحزب الديمقراطي.
كانت السرقة تبدو حرفية، لكن ما أثير السخرية وقتها هو أن جميع الفقرات التي سرقتها "ترامب" تتمحور حول موضوع واحد هو أهمية المثابرة والكد في العمل مع النزاهة والصدق والأمانة، أمام حشد من آلاف الحضور والنواب الجمهوريين والصحفيين والإعلاميين.
وانتحلت الخطاب حرفيًا قائلة: "منذ صغري طبع والداي في قيم المثابرة في العمل حتى يكون لك ما تريد في الحياة، وأن كلمتك ميثاق شرفك وأن تلتزم بما تقول وتحفظ عهدك، وأن تعامل الناس باحترام".
كذلك سرقت زوجة ترامب سطرًا كاملًا عن الأطفال من خطاب ميشيل يقول: "نريد لأطفالنا في هذه الأمة أن يعرفوا أن لا حدّ لسقف إنجازاتك سوى قوة أحلامك وقوة إرادتك للعمل على تحقيقها".
ومن أجل حفظ ماء الوجه، أشاد ترامب رغم الإحراج بخطاب زوجته على تويتر قائلًا: "خطاب رائع ألقته ميشيل أوباما تحت وطأة ضغط كبير، على الديمقراطيين أن يرفعوا رأسهم فخرًا"، وبررت زوجته في حديث لاحق لها فعلتها قائلة: "أعدت قراءة الخطاب مرة واحدة فقط واكتفيت، لأنني كتبته دون الاستعانة بأي مساعدة تذكر".
"باراك أوباما"
أوباما الذي سرق خطابه النيجيري "بخاري" لم يكن بعيدًا عن سرقة الخطابات أيضًا، فقد إتهم بسرقة مقاطع من خطابات المرشح للمقر الرئاسي "جون إدوارد" خلال حملة ترشحه للرئاسة عام 2008.
وقال الأمريكي وقتها: "لم أقض وقت طويل في تعلم أساليب واشينغتون لكنني قضيت وقت طويل لمعرفة مدى ضرورة تغيير أساليب واشينغتون"، وهو نقلًا حرفيًا من خطاب سابق لـ"إدورد".
وكرر أوباما نفس الفعل باستخدامه جُملًا طبق الأصل من المحافظ ديفال باتريك" التي قال فيها: "أنا لا أطلب منكم أخذ الفرصة من أجلي، فأطلب منكم أيضًا أخذ الفرصة لطموحاتكم، ليس لدينا ما نخافه إلا الخوف بذاته"، و صرح وقتها إلى قناة "سي أن أن" الأمريكية قائلًا أنه يتبادل الأفكار مع "باتريك" طوال الوقت، وأن ذلك الأخير يستعين بأقواله أيضًا.
"جو بايدن"
لم تقتصر سرقة الخطابات على الرؤساء فقط، لكن هناك نواب جلبوا الفضائح والسخرية لرؤسائهم، نذكر منهم "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي سرق عام 1988 عدة مقاطع من خطاب زعيم حزب العمال البريطاني "نيل كينوك"، و ذلك خلال حملته الرئاسية.
وكان نص خطاب "بايدن" كالآتي: "ما سبب كون جو بايدن أول فرد من عائلته يرتاد إلى الجامعة؟.. لماذا زوجتي هي الأولى من عائلتها لترتاد الجامعة"، وهي نفس التساؤلات التي طرحها زعيم العمال البريطاني في خطاب سابق له.
وأدت الضجة التي رافقت إكتشاف العامة مصدر خطاب "بايدن" وسرقته من "كينوك" إلى سحبه لترشيحه عن الحزب الجمهوري، وخروجه بفضيحة لا تُنسى.
"هيلاري كلينتون"
واتهمت المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية "هيلاري كلينتون" بسرقة الخطابات مرات عدة، منها استخدام عبارة منافسها السابق "برني ساندرز" الشهيرة: "قد يكون الأمر غريبًا لمرشح رئاسي أن يقول هذه الدولة ملك لنا جميعًا و ليست لأولئك الذين في القمة فحسب".
"مبارك"
تحت عنوان: "مبارك يسرق خطاب بن علي" تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو خلال عام 2011، وقتما اندلعت الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي على يد ثوار تونس الخضراء، والتي أدت في النهاية إلى هروب الرئيس التونسي "بن علي"، وتلتها اشتعال شرارة ثورة 25 يناير في مصر، وألقى وقتها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك خطابًا سرقه من نظيره التونسي.
قال فيه: "لقد تابعت بانشغال ما شهدته مصر خلال الفترة الأخيرة، ولكننا دأبنا على التغيير عبر الحوار مع سائر الأطراف الاجتماعية أمامنا، ولولا المساحات العريضة لحرية الرأي والصحافة التي أتاحتها خطوات الإصلاح ما كان لاعتراضاتكم مكان، وسنطبق القانون بكل حزم"، وهو ما دفع النشطاء وقتها للسخرية والتفاؤل بأن ينال مبارك مصير "بن علي" بعدما وقع في فخ سرقة كلماته.
هذا الخبر منقول من : الدستور