رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قضيه بلا حكم بقلم: الأستاذة سناء لحظي جيد القاهرة اليوم لا تضج كعادتها بالحركة فقط، بل أنها تبدوا كأم العروس التي لا تكف عن الحراك هنا وهناك والهمهمة والكلام... صحفيون هنا ومصورين هناك الكل ينتظر الحكم في قضيه هي الأولى من نوعها والحكم فيهالن يخص المدعية فقط لكنه بلا شك يخص الكل... وكلما اقترب الموعد المحدد للجلسة، كلما تملك الكل القلق والتوتر... لكن الزمن يجري كعادته ليأتي بالأحداث البعيدة ويضع لها حدودا... وها هو الوقت المحدد للجلسة، وتدق الثامنة صباحا لنسمع الحاجب بصوته الجهور: القضية رقم واحد لسنه 2008 المجني عليها السيدة حكيمة حقي... ضد المتهم الزمن القاضي فلتتقدم المجني عليها وتدخل السيدة التي فجرت قضيه هي الأولى من نوعها لكنها وجدت مسانده من المجتمع كله، وكأنها عبرت بقضيتها عما كان يريد الكل أن يطالب به، قضيه رفعتها ضد الزمن... تتقدم السيدة وتأخذ مكانها أمام منصة القاضي الذي يسألها: أنت السيدة حكيمة حقي.... نعم سيدي القاضي القاضي تفضلي سيده حكيمة بطرح شكواك أنا جئت إلى المحكمة مطالبه أن تأخذ لي حقي ممن جار علي فانا يا سيدي الرئيس من جار عليا هو الزمان والمتهم في قضيتي هو هذا الشقي الذي بدل كل جزء في بأخر غريب عني لا اعرفه انظر في المرآة فأجد أن الفتاة القوية ذات الشعر الأسود كالليل غير موجودة... التي أمامي امرأة ذات شعر ابيض ووجه مجعد ويدان ترتعشان وقدمان لا يقويا علي حملها... أتسأل: "من هذه؟ ومن فعل بي كل هذا؟"... انه الزمن فقط هو الذي قتلني قتلا بطئ جردني من كل ما املك الصحة الشباب الحيوية... لا بد أن تأخذوا لي حقي من الزمن لا بد من توقيع عقوبة الإعدام شنقا على هذا الذي اعدم الملايين القاضي: تفضلي بالجلوس... ما قول المتهم الزمان... الزمان قابع خلف القفص الحديدي صابر صامت لا يريد أن ينطق كلمه.... يعاود القاضي: ما قولك فيما نسب إليك من تهم ؟ الزمان: بكل رويه وهدوء اكتفي بسماع أبنائي كشهود نفي القاضي: انده يا ابني علي شهود النفي الحاجب بصوته المرتفع أيام الطفولة تتقدم فتتقدم أيام الطفولة: اقسم بالله العظيم أن أقول الحق القاضي: تفضلي قولي ما تعرفيه أيام الطفولة: أنا عاشرت السيدة حكيمة منذ ولادتها حملتها رويدا رويدا يوما بعد الأخر من ضعف ووهن وصغر إلى نمو... من جلوس بلا حراك إلى زحف ثم مشي بخطي مترددة ثم بخطي ثابتة وأنا جزء من الزمان وأتضامن معه وأضم عملي إلي عمله... فكما اتهمته وقست عليه في اتهامها لابد أن تعطيني حقي من خلاله فهو جزء مني وأنا جزء منه وشكرا القاضي: سيده حكيمة ما تعقبك علي ما قالته أيام الطفولة؟ سيده حكيمة: أوافق على ما قالته لكن هي أعطت وقوت والزمن محا ما فعلته... أنا أصر علي طلب توقيع أقصي عقوبة... القاضي: انده الشاهد الثاني الحاجب أيام الشباب تتقدم أيام الشباب تدخل وتقسم بالله أن تقول الحق: أنا استلمت السيدة حكيمة من أيام الطفولة وبدأت أضعها في أبهي الحلل أعطيتها قوه أكثر ونمو أكثر وحيوية أكثر وأنا جزء من الزمن وأطالب بان أأخذ حقي من خلال تبرئته... القاضي: سيده حكيمة ما ردك على أيام الشباب سيده حكيمة: أيام الشباب بريئة... ولكنها هي دليل علي إدانة الزمن لا على تبرئته... فبعد أن تعودت علي قوتي وحيويتي بعد أن شعرت أني أقوى ما في الدنيا أتحرك يمينا ويسارا كيفما راق لي سحب الزمن رويدا رويدا كل المعطيات مني فحل اللون الأبيض مكان الأسود في شعري... وصمت... ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد لسكتُ وتحملتُ لكني بدأت افقد سرعتي في الحركة وأيضا سكتُ... وتحولت انطلاقاتي إلى بطئ شديد وأصبحت كل نقطه في جسمي تقوى علي ولا أقوىعليها... فإذا أعطيت أمرا لقدمي بان تحركني تباطأت وعذبتني وآلمتني حتى أني أصبحت أفكر كثيرا قبل أن أتحرك داخل شقتي... أنا أصبحت سجينه هذا الجسد الواهن... وإني أتساءل: مَنْ هذه التي حولني لها الزمن؟ مَنْ هذه؟ حطام لإنسانه؟... أنا غريبة علي نفسي... أحيا في سجن من نوع مختلف؛ سجني هو نفسه جسدي بكل ما يحمل من ضعف... أين قوة تركيزي وعطائي للأخريين؟ أين أحلامي التي فقدت عمري أحقق فيها لأنعم بها؟.... وتصرخ السيدة حكيمة: أريد أن توقعوا أقصي عقوبة علي الزمن الإعدام شنقنا... الإعدام وإذا بكافه الموجودين من كبار السن نعم الإعدام لهذا الذي جردنا من الصحة والقوه وأخذا منا كل شيء... نريد أن ننضم إلى القضية كمجني عليهم مثلنا مثلها وضجة القاعة بالأصوات والمطالبات الكل يشكي ضعف حاله وافتقاده لأعز ما يملك الصحة، لا لشيء إلا لتقدم في السن... ويري القاضي نفسه أمام قضيه رأي عام ولابد أن يكون حكيم في اتخاذ القرار لان القضية أصبحت قضيه رأى عام... ولأنه كان يحمل علي ظهره خبره سنين اكتسبها طوال فتره عمله وبعد رفع الجلسة للمداولة، يخرج القاضي بعد أن اخذ القرار حكمت المحكمة علي المتهم الزمن بالإعدام وهنا ضجت المحكمة بالفرحة أخذ الكل يهتف يحيا الحق، يحيا العدل.... وينقر القاضي علي المنصة فلم يكتمل النطق بالحكم حكمت المحكمة علي المتهم الزمن بالإعدام شنقنا لكنه إعدام مشروط... ستعطي المحكمة للبلدة كلها مهله عشره أيام... يمتنع فيها الكل عن استخدام الزمن ومشتقاته مثل الساعة، واليوم، والأمس، والغد... وكل مشتقات الزمن ستكون ممنوعة تماما فإذا استطعنا العيش بدونها... سينفذ حكم الإعدام... كما تلتزم المحكمة بإرسال ملاحظ مع السيدة حكيمة لقضاء العشرة أيام معها ومنعها من استخدام الزمن ومشتقاته منعا تاما ويهنئ كل الموجودين في القاعة أنفسهم انتصرنا علي هذا الذي حطمنا وغير أجزائنا وكان يريد تنفيذ الإعدام علينا فقط عشره أيام سنعدم بعدها الزمن يبدوا أن الكل أخذته الفرحة بالجزء الأول من الحكم ولم يفكروا في الجزء الثاني الخاص بالشرط وكيفيه تطبيقه. الكل خرج من القاعة ليبدؤوا اليوم الأول من المهلة تستيقظ السيدة حكيمة وتريد أن تأخذ فطورها فتنادى خادمتها ماجده حضري لي الإفطار بسرعة وهاتي قبل الأكل حباية الضغط... في أول جمله لها نطقت بمفردات الزمن مرتين... فينقر لها ملاحظ المحكمة: أنت نطقت مفردات الزمن مرتين... لا تنسي أني أسجل استعمالك للزمن كما انه علي أن أمنعك من استخدامها علي الإطلاق لا تطلبي من الخادمة تحضير الإفطار بسرعة لان هذا يعني تحضيره في وقت قصير... ولا إحضار حبه الضغط قبل لان كلمه قبل تعني في وقت سابق... قلنا كل كلمه تشير للوقت من قريب أو بعيد ممنوعة. وهكذا مرت أيام السيدة حكيمة الثمانية طوال اليوم وفي كل تعامل لها تنطق بالزمن أو مشتقاته فهو جزء من حياتها أن لم يكن حياتها... فما الحياة إلا زمن ووقت يمر بنا ونمر من خلاله وكلما منعها الحارس من استخدام الزمن ضاقت بها الدنيا لكنها تحاول أن تتحمل فلم يعد بينها وبين الحكم إلا يومين فقط، ولم يكن هذا حال السيدة حكيمة وحدها بل حال البلدة كلها... فالكل يحتاج إلى الزمن ومشتقاته في كل تعامل لكن الكل لا يعرف ماذا يفعل... وعندما وصلوا إلى اليوم التاسع اخذ زوجها يهنئها علي قرب انتصارها... وطلبت منه الخروج معها للقاء يجريه معها التلفزيون تصر فيه علي نيل الحكم وأثناء نزولهما انزلقت قدم زوجها فسقط علي درج السلم من الدرجة الأولي حتى الأخيرة وبدء ينزف الدم من انفه فصرخت السيدة حكيمة الدكتور بسرعة حد يجيب الدكتور بسرعة الإسعاف... ويقف الحارس المعين من قبل المحكمة ممنوع أن تقولي بسرعة فتنهره بشده اسكت هاتوا الدكتور بسرعة زوجي ينزف ويحاول الحارس أن يمنعها... وتطلب الخادمة الإسعاف التي تأتي وتأخذ الرجل إلى المستشفي ويدخل غرفه العمليات وتنتظره زوجته وهي تعد الدقائق والثواني... ويأتي الحارس ليذكرها أنت استخدمت الزمن ومفرداته أكثر من ألف مره فتنهره ويخرج الطبيب ويطمئن الزوجة الحمد لله انه جاء في الوقت المناسب لان الثانية في هذه الحالة تفرق إما أن يفقد الإنسان حياته أو يجدها... اطمئني هو بخير لأنه جاء في الوقت المناسب وتجلس إلى جوار زوجها طوال الليل حتى بدء أخيرا يحدثها... لا تقلقي أنا بخير فتبتلع أنفاسها، لو لم تكن جئت في الوقت المناسب إلى هنا لكنت فقدتك... فيقول لها لا تقولي الوقت جلسه الحكم الأخير غدا حافظي علي شرط المحكمة حتى تكسبي القضية فتقول هي: كنت سأخسر كل شيء لو أني كسبت هذه القضية وخسرتك... وأنا اعترف لك أني في هذه اللحظات التي قضيتها انتظر خروجك من حجرة العمليات بدأت أفهم أن الوقت هو ذلك السيف الذي به نحيا أو نموت... المهم فقط أن نستخدمه بطريقه صحيحة... فالزمن ليس هو الذي يسلمنا للموت كما كنت أعتقد بل هو الذي ينقذنا من الموت كما حدث لك... ورأيت بعيني فلو تأخرت سيارة الإسعاف دقائق لكنت فقدتك... كما أني في الأيام التسعة الماضية شعرت بأهميته وبأنه هو الحياة حياتنا نفسها، لأن حياتنا ما هي إلا وقت نقضيه في هذه العارض... وتذهب السيدة حكيمة إلى المحكمة ويجلس القاضي علي منصته ها أيها الحارس هل هناك أي مخالفات من أيا من الشعب تستوجب عدم تنفيذ حكم الإعدام؟؟؟؟ وقبل أن ينطق الحارس يصرخ كل من في القاعة نعم مليون ألف مخالفه... نحن لا نستطيع أن نعدم الزمن، الزمن هو الحياة والحياة هي وقت وزمن نقضيه على الأرض فلا يمكن أثناء وجودنا أن نستغني عن الزمن الكل يهتف يحيا الزمن واواهم السيدة حكيمة التي تقول بصوت مرتفع يحيا الزمن بقلم الأستاذة سناء لحظي جيد |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
خصص وقت اسأل فيه على أرملة أو قضيه مع أطفال |
تطورات في قضيه محافظ المنوفيه |
اخر التطورات في قضيه اطفال الشوارع |
اخر تطاورات في قضيه حديد عز |
عاجل عن قضيه وقف الانتخابات |