تعانى بعض
السيدات من الغيرة الشديدة على أزواجهن، فإذا خرج زوجها من المنزل تزاحمت
فى ذهنها الظنون، إذا حدد موعد أو تكلم فى التليفون أو رن المحمول تتسابق
لديها الشكوك لتعرف إلى من يتحدث، وتأتى الصاعقة على رأسها إذا شرد زوجها
فى التفكير أو ابتسم دون داع، فيقودها تفكيرها إلى أن زوجها يفكر فى امرأة
أخرى وأنه يتذكر كلماتها له وضحكاتها.
وتزداد
الشكوك مع اهتمامه بنفسه ودقته فى اختيار لون ملابسه وتناسقها، ووقوفه
أمام المرأة أكثر من اللازم من وجهة نظرها، فكل هذه الغيرة تقودها إلى
معاناتها من ضغوط نفسية، تضر بها وتؤثر سلبيا على الاستقرار الأسرى، ويمكن
أن يمتد ضرر الغيرة الشديدة للزوجة إلى التأثر على أعضاء جسمها.
أثبتت
دراسة علمية أن الغيرة الزوجية هي أحد الأسباب الرئيسية وراء إصابة العديد
من الزوجات بآلام الظهر والرقبة، ويرجع ذلك إلى أن عدم الاستقرار النفسي
يدفع المرأة للشعور بالآلام، خاصة إذا لاحظت تغيرات مفاجئة على الزوج.
فعملية
الضغط النفسي الناتج من الإفرازات الهرمونية تؤدى إلى ارتفاع ضغط الدم
المؤقت بمناطق الرقبة والظهر، حيث أن هذه المناطق تعتبر أكثر تعرضاً
للتقلص العضلي.
وعن هذه
الغيرة يقول الدكتور فكرى عبد العزيز استشارى الأمراض النفسية والعصبية
وعضو الجمعية العالمية للطب النفسى، أن النفس البشرية تشتمل على 3 أوجه،
هى الفكر والوجدان والسلوك، والنفس السوية يصاحبها الاستقرار النفسى الصحى
الاجتماعي السوى، وأن الشك والخوف تعد أول مراحل الغيرة الشديدة، والغيرة
عرض لا مرض، وهى دلالة على الحب الشديد والاحتواء.
وهذه
الغيرة مقولة إذا كانت حميدة أى تشعر المرأة بأن زوجها أو خطيبها الذى
تحبه بكل عواطفها ووجدانها أصبح بعيد عنها ولا يثير اهتمامها أو لا
يحتويها، وهناك الغيرة الزائدة التى يصحبها الشك والتى يمكن أن تصل إلى
درجة تصيد الزوجة لأخطاء زوجها ومراقبته، مما يجعل العلاقة الإنسانية
بينهما يصاحبها قلق وتوتر ويمكن أن تصل الحالة إلى درجة الاكتئاب والصمت
وتجنب كل منهما الأخر.
فالزوج
هنا تغير غيرة مدمرة يصاحبها اضطراب فى التفكير وإسقاطات نفسية غير سوية ،
وتختفى لدى هذه الزوجة التى تغير بشدة قاتلة على زوجها وسائل التبرير له
ولا تختلق له الأعذار، ويمكن أن يؤدى ذلك إلى التفكك الأسرى والبعد النفسى
الاجتماعى السوى، ويمكن أن يتطور الأمر إلى حد الإهانات ويمكن أن يتهور
بعض الأزواج ويضربوا زوجته الغيرة الحميدة للسعادة
وتقول
الدكتورة نهلة السيد ناجى أستاذ الطب النفسى المساعد بطب عين شمس أنه لكى
تجعل الزوجة من الغيرة وسيلة لزيادة السعادة بالحياة الزوجية لابد من
استعملتها برقة ولطف وبالتلميح أكثر من التصريح وبلهجة هي بين الجد والمزح
وبدون تجهم وعبوس، بل بابتسامة وصوت هادئ يشعر الزوج بحرصها عليه وحبها
له.
ولكن بدون
تلك الأسلحة النارية من الصياح والانفجارات التي تطوح بشعور الكثيرات ساعة
غيرتهن على أزواجهن فينعكس المعنى المطلوب من الغيرة، ولا تعود ملحاً يكمل
لذة الطعام بل يصبح كالفلفل الحارق أو كالسم القاتل الذي يبدد كل المعاني
الجميلة البناءة في الحياة الزوجية.
زيادة الاهتمام بالزوجة
ويضيف
الدكتور فكرى إنه يمكن أن يساعد الزوج زوجته التى تحولت غيرتها إلى شك
وخوف على حياتها معه، بأن يطمئنها أنها الوحيدة بحياته وأنه لا يفكر فى
الزواج عليها أو تركها، والبحث عن المميزات الإيجابية لديها وجعلها في
قائمة وبين الحين والأخر يذكر لها واحدة منها هذا يجعلها تطمئن، كذلك يذكر
لها أنه تزوجها لأنه أحبها من بين نساء العالم وهذا هو العلاج الأساسى
لتحطيم الغيرة التي لديها.
وعندما
تكون الزوجة عصبية يجب ألا يناقشها زوجها أو يصب على عصبيتها الزيت وإنما
يتركها ترتاح، وكذلك تجنب مدح امرأة أو فتاة أمامها مهما كان الموقف لأن
المدح يزرع في نفسها الغيرة فالمدح لامرأة أخرى من اخطر ما يدمر حياة
المرأة التي تغار.
كما أن
استحسان الزوج لأعمال زوجته بين الحين والأخر من عناية بالأطفال والتنظيف
والطبخ جلب لها هدية بسيطة تحبها بين الحين والآخر. وعندما يخرج الزوج مع
زوجته لابد من معاملتها بالحب واللطف وهذا يعزز ثقتها بنفسها، وأن يظهر
إعجابه بشعرها وشكلها لتعيد لها الثقة بنفسها تجنب ذكر الصفات السلبية
عليها قدم لها النصيحة بين الحين والأخر وان يكون جو النصح هادئ ومريح.
الأبناء يلطفون الجو الأسرى
ويمكن أن
يلعب الأبناء دورهم فى ذلك بأن يلطفوا من الجو الأسرى بين أبيهم وأمهم،
وأن يثبتوا من ثقة أمهم فى نفسها وكذلك فى زوجها، وأن يطلبوا من أبيهم
زيادة جرعة الاهتمام بها، وفى بعض الحالات الصعبة يتم عمل جلسات نفسية
لزيادة الطمأنينة لدى الزوجة، والتركيز على ضرورة الاهتمام بنفسها حتى لا
تدع الفرصة لامرأة أخرى أن تخطف زوجها.
وأن المثل
الشعبى القائل (جوزك على ما تعوديه) مهم، فمن الصعب أن تعود الزوجة زوجها
على أسلوب معين فى الحياة سواء الأكل أو الشراب أو التأخر خارج المنزل ثم
يتراكم لديها عدم الرضا بهذه التصرفات ثم تشتكى، بالإضافة إلى هذه الجلسات
النفسية يمكن تناول علاج دوائى ضد الاكتئاب والقلق الذى يصاحب الغيرة غير
الحميدة.
وتوضح
الدكتورة نهلة، أن الأزواج يكادوا أن يجمعوا على أن الغيرة الخفيفة ضرورية
للحياة الزوجية، وأن حياة الزوجين بدون غيرة كل منهما على الآخر هي أشبه
بالطعام الذي ينقصه الملح، لا يستسيغه المرء.
الزوجة
الذكية يمكنها أن تتحكم بأعصابها إذا تجاذبتها نوازع الغيرة على زوجها من
امرأة أخرى فتضغط على شعورها قبل أن تبدأ بسيول الغضب، عند ذلك تكون لحظة
التوتر قد زالت ويكون العقل قد تدخل وقال كلمته، تثبت المرأة تعقلها
وحكمتها عندما تنتصر على لحظات الخطر وتجتاز فترة التوتر الذي ينذر
بالانفجار.
عند ذلك
يفتح لها العقل أبواباً من المعرفة والإدراك ويخاطبها بوضوح بأن الغيرة
الزائدة ليست إلا معنىً مرادفاً للتفاهة وخراب البيوت.