رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سيدي المسيح.. إنَّ حياتك على الأرض فريدة وعجيبة، ألستَ أنتَ بكر مريم الَّذي طوَّقته بذراعيها كما تُطوِّق الصدفة درَّتها الثمينة؟ ألست أنت من نسل داود أعظم الملوك بل أنت هو ملك الملوك؟! فلماذا اخترت مذوداً حقيراً ليكون محل ميلادك ورفضت القصور؟ هل هي كهف ضيق لا يسع مجدك؟! أم في القصور يترمد جمر الحب وتذبل زهور الشباب؟! وأين الذهب الذي قدمه لك المجوس؟ هل أعطيته للفقراء لتعلن أنك أتيت صديقاً لهم، بل تعلن للعالم أن الذهب ينبوع من ينابيع العالم الجافة التي اخترعها الإنسان للهو والمسرات وكل من يركض نحوه هو كمن يجري وراء سراب خادع أو وهم كاذب؟! لقد كنت تعلم أن الإنسان سوف يجرحك ويرفضك، وبأيدي الأثمة سيصلبك ويُهينك! ولهذا نزلت ضيفاً على عالم الحيوان فهم أوفياء لسيدهم ولا يغدرون كالبشر! ولكن، في يوم ميلادك فتحت السماء أبوابها ونزل سيلا من الملائكة، لقد أبت الملائكة أن تترك رئيس جند السماء ينزل وحدة فنزلت معه تنشد أعظم أنشودة: المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة، فتقدس الهواء بكلماتهم الروحية، وتقدست بيت لحم تلك القرية الحقيرة التي لا يعرف كثيرون حكمتك من الميلاد فيها! فبيت لحم معناها بيت الخبز، وأنت أتيت لتشبع كل نفس جائعة إلى البر، تشبعها بتعاليمك السامية، الحية والمحيية. وفي بيت لحم ماتت ودفنت راحيل فبكى عليها يعقوب الذي أحبها، فولدتَ في مكان ذُرفت فيه الدموع إشارة إلى دموع البشر التي ستسيل يوم مماتك! وقصة الحُب الجميلة بين بوعز وراعوث والتي أثمرت داود، نُسجتْ خيوطها الذهبية في بيت لحم، ففي مدينة تقدس هواؤها بعبير الحب كان لزاماً أن يولد نبع الحب الذي قال: أحبوا أعدائكم وباركوا لاعنيكم وأحسنوا إلى مبغضيكم! إنَّ الحُب هو الذي جعلك تولد فقيراً وتحيا بيننا وتحتمل آلامنا، ولولا حُبّك لجرَّدت نفسك من الأقمطة في المذود وعُدت إلى عرش مجدك، ولذلك فإنَّ عرقك المتساقط ودموعك السائلة، كانت تكتب على جسدك أسمى كلمات الصفح والغفران الَّتي هى رمز المحبّة الصادقة، ولهذا ما أن يأتي عيد ميلادك يمتليء قلبي فرحاً بخلاصك وأزداد إيماناً بحبك الفريد وميلادك العجيب. فيا ملك الحُب، أيها القلب السماويّ، هنا وهناك، أولادك الأبرار كزنابق الحقل يبتسمون، وكطيور السماء يُغردون ويُرنمون أُنشودة الخلاص، إلاَّ أنَّ الشر يحيط بهم ويريد أن يلتهمهم ويُبددهم! لكننا لن نُطالبك أن تنزل ناراً وكبريتاً وتحرق الأشرار كما حرقت سدوم وعموة، لأن الحُب الَّذي أنزلك من السماء وأصعدك على الصليب هو آية الآيات! ومن علمنا فأخي الذي يخطيء اليوم قد يتوب غداً! أعترف يارب بأنَّ جميع الأنهار لن تقدر أن تذهب بذكراك الخالدة من قلبي، لأنَّك قد أحببتنا وكان قلبك ولا يزال ممتلئاً بحب فريد مرتفعاً كالسماء ومتسعاً كالفضاء، أمَّا أنا والجميع ففي استطاعتنا أن نتقدّم إليك بكؤوسنا فنشرب وترتوي من حبك فتهدأ نفوسنا الحائرة. ولهذا في كل عام أنتظر يوم ميلاد العجيب ليزور الربيع وادي قلبي القفر، أنتظر رائحة ورودك لتتهلل روحي، ومهما تقلّبت الفصول وهبَّت رياح التجارب.. فلم تعد لها سلطان أن تمحو جمالك من عيني، أو تقلع أزهارك من بستان قلبي! لأن قلبي صار بيتاً لجمالك. فأعطنى يارب كلمات روحانيَّة ذات أحرف نورانيّة، واجعل من كلامي ناراً تُلهب قلوب سامعيها، نجوم مُضيئة تبحث عن ظُلمة النفس لتنيرها، أمَّا رنين صوتي فليكن كالماء العذب في أرض جافة. ولك المجد الدائم إلى الأبد آمين ..... |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
من أنت أيها الكائن الفريد الذي حير كل العلمـاء والفلاسـفة |
من أنت أيها الكائن الفريد |
في يوم ميلادك أسألك وأناجيك |
من أنت أيها الكائن الفريد؟ |
ايها الكائن الذي كان |