رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في مرارة كانت سارة تسير بخطوات هستيرية، تخرج من حجرة إلى أخرى وهي تقول: "لا يمكن أن تكون جهنم أقسى مما أنا فيه. لأمُت، فالموت مهما كانت عواقبه فيه راحة لي! لقد كرهت حياتي، وكرهت زوجي، حتى أولادي. لا أريد أن أكون زوجة، ولا أُمًّا. لست خادمة، أقضي أغلب النهار في تجهيز الطعام وغسل الأطباق ونظافة البيت. لستُ عبدة! لا مفرّ لي إلا الانتحار!" أمسكَت سارة بموس لكي تضرب به بكل عُنف مِعْصم يدها اليسرى لتقطع الشرايين، ولا يوجد من يُنقذها! رنّ جرس التليفون، فتطلّعت إليه وهي تقول: "لن أُجيب، فإنه لا يوجد من يُحبني. ليس من يشاركني مشاعري، ويُدرك ما في أعماقي. ليس من يُجيب أسئلتي". لم يتوقف التليفون، فتسمَّرت عيناها على التليفون وهي تُفكر: "تُرى من يكون هذا؟! أبي أو أمي اللذان فرحا بميلادي، فأتيا بي إلى حياة التعب والمرارة؟! زوجي الذي أفقدني كل حيويّة، فلا حفلات ولا رحلات، كما كنّا في بدء زواجنا؟! إني لا أعود أطيق لمسة يده، ولا أريد أن أسمع صوته! أصدقائي؟! لم يعُد لي صديق ولا صديقة!" جالت أفكارها هنا وهناك، كلها تدفع بها إلى اليأس. وأخيرًا أمسكت بالتليفون وهي تقول: "لأسمع آخر مكالمة قبل موتي!" ألو... سارة. - نعم... من أنتِ؟ - أنا إنسانة تُحبك! - لا يوجد من يُحبني... من أنتِ؟ - أنا أُحبك، ويوجد شخص يُحبك جدًا! - من أنتِ؟ - لا تعرفيني بالاسم، لكنني جارتك، رأيتكِ في الصباح وأنتِ في "الشرفة" في حالة اكتئابٍ شديدٍ. أحسست بالمرارة التي في أعماقك، فسألت عن تليفونكِ. لا أستطيع أن أستريح وأنت مُرّة النفس هكذا. فأردت أن أتحدث معكِ. - ماذا تطلبين؟ - أريد أن أؤكد أن لكِ عريسًا حقيقيًا يُحبك. - من هو هذا العريس؟ - إنه رب المجد يسوع المسيح الذي مات لأجلك وقام وصعد... وها هو يُعدّ لكِ مكانًا! - لستُ أظن أنه يُحبني، لقد قرّرت الانتحار، فجهنم أرحم لي من حياتي. - تذكري حب السيد المسيح لكِ، ووعوده الصادقة لكِ. بدأت الصديقة تحدثها عن الوعود الإلهية الممتعة، وعمل السيد المسيح الذي يملأ القلب كما الأسرة بالفرح. أما سارة فرفعت قلبها نحو مسيحها ليحتلّ مكانه في قلبها كما في وسط بيتها. سقط الموسى من يدها بعد أن أغلقت التليفون، ووعدت الصديقة أنها ستتصل بها، وركعت لتصلي لأول مرة بعد سنوات: "لتُعلن ذاتك في قلبي وفي بيتي، يا ربي يسوع! لو اشتدت التجارب أضعافًا مضاعفة لن أتركك. لتسكن فيّ ولتستلم قيادة أسرتنا، فنفرح بك وسط آلامنا." شعرت سارة أن كل شيء قد تغيّر في حياتها. تغيّرت نظرتها إلى اللَّه الذي يُعدّ لها موضعًا في الأحضان الإلهية، ونظرتها إلى الحياة، كما إلى والديها وزوجها وأبنائها. جاء طفلاها من المدرسة فاستقبلتهما بفرحٍ شديدٍ، كأنها لأول مرة تلتقي بهما بعد غيبة طويلة. صار جو المنزل مملوءًا بهجة. كانت الدموع تنهمر من عينيها، وهي تقول في نفسها: "ماذا كان الأمر لو دخل الطفلان ووجداني جُثةً هامدةً والدماء حولي... إنهما يُصرَعان ويفقدا حنان الأمومة!" سمعت صوت مفتاح الباب وأدركت أنه زوجها، فانطلقت بسرعة تفتح الباب. وفوجئ الزوج بها متهللة، تستقبله بشوقٍ شديدٍ على غير عادتها. "لا تتعجب... فإن السيد المسيح قد ملأ قلبي وبيتي بالفرح. سأُعوّضك أنت والطفلين السنوات التي فيه أسأتُ فيها إليكم". روت سارة لزوجها ما حدث معها، وكانت دموعه تجري من عينيه. صلّيا معًا... ثم قال لها: " لا تنزعجي، غدًا سيصلك خطاب مني كتبته أثناء عملي! لقد قرّرت اليوم الانتحار، وجئت لأودّعك أنتِ والطفلين! لكن شكرًا للَّه الذي ردّ لي سلامي وفرحي... ليس لي ما أقوله سوى أنني مخطئ في حق اللَّه وفي حقكِ أنتِ والطفلين! الآن ليستلم مسيحنا قيادة بيتنا! نعم تعال أيها الرب يسوع، ولتتجلى في كنيستنا الصغيرة!" ************** |
|