الجزئية السادسة: تناقض مقولة النساء:157 مع عادة اليهود
توجد مشكلة في النساء:157 لم يتنبّه إليها مفسِّرو القرآن لأنهم لم يدرسوا الكتاب المقدَّس. وهي أنّ اليهود جَلَدوا المُدان من بينهم ورَجَموا آخر لكنهم لم يصلبوا أحدًا في زمن مجيء المسيح! بل لم يصلبوا أحدًا في العهد القديم على الطريقة الرومانية! فكيف شُبِّه لليهود أنّهم صلبوا المسيح، كيف شُبِّه لهم أنّهم فعلوا شيئًا ليس من عادتهم؟ هذا غير منطقي إطلاقا! بل لا ذِكر لكلمة الصليب في العهد القديم كلّه، باستثناء ما اتّصل به معنويّا، كتعليق المجرم على خشبة بعد قتله، ممّا أشرت إليه في القسم السابق من سفر التثنية، أضف إليه التعليق الوارد في التكوين 40: 19 ونبوءة داود النبي العظيمة عن صلب المسيح: {ثقبوا يديّ ورجليّ}+ المزامير 22: 16
إنّما الذي حصل حسب تاريخ اليهود فالعكس تمامًا، إذ ابتُليَت أعداد كبيرة منهم بالصَّلب؛ فأوّلًا: هدّد داريوس الملك الفارسي الوثني اليهود بصلب مَن لا يبالي منهم بإعادة بناء بيت الله الّذي في أُورُشَلِيمَ (عزرا 6: 11) أي هيكل سليمان الذي تهدَّم بعد خراب أُورُشَلِيمَ سنة 70 م فربّما مُورِسَ الصلب على اليهود في عهد داريوس في ضوء تحليل ذلك التهديد.
وثانيًا: روى المؤرّخ يوسيفوس أن جنود تيطس الوالي الروماني (غير تيطس المكتوبة إليه رسالة بولس الرسول المسمّاة باٌسمه) أسروا اليهود وأعدموهم صلبًا خارج أسوار أورشليم، إبّان خرابها المذكور، والذي تنبّأ به السيد المسيح في لوقا 21: 20-24 وفي متّى 24: 2 فكثرت الإعدامات ضدّ اليهود إلى درجة أن الخشب اللازم لإعداد الصلبان استُنفِد كُلِّيّا.
فاقرأوا- إخوتي المسلمين- وعُوا أنّ الصلب كان من عادة الفرس قبل ميلاد المسيح ومن عادة الرومان بعد مجيء المسيح، إلى أن ألغى قسطنطين الإمبراطور الروماني (272– 337 م) هذه العقوبة لأسباب دينية. فما كان الصَّلب من عادات اليهود في زمن المسيح، بأقلّ تقدير! لهذا فإنّ قول محمد (ما قتلوه وما صلبوه لكن شُبِّهَ لهم) قد تسبّب في جدالات حادّة بين المسلمين وبين المسيحيّين عبر التاريخ حتّى هذا اليوم وفي إثارة المسلمين ما سُمِّيت فِتَنًا ضدّ المسيحيّين واضطرابات.