جاء يسوع المسيح لكي يخلصنا من آثامنا وخطايانا ومن العذاب الأبدي الذي جلبته علينا خطايانا. فنحن خطاة بالطبيعة والاختيار:”وكما هو مكتوب أنه ليس بار ولا واحد. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد.. لأنه لا فرق إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله”(رومية 10:3-23). ولا نستطيع أن نخلّص أنفسنا بأعمالنا أو بأموالنا لأن الخلاص هو نعمة مجانية من الله وعطية بلا ثمن:”لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد.. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا”(أفسس 8:2و9، رومية 23:6). وبما أن الله قدوس وطاهر، ولا تقبل قداسته الخطية، جلبت خطايانا دينونة الله على كل منا وأصبحنا مستحقين للعذاب الأبدي:”لأن أجرة الخطية هي موت”(رومية 23:6). ونحن لا نستطيع أن نخلص أنفسنا بمجهودنا الذاتي الضائع ولا نستطيع أن نشتري الأبدية بحفنة من المال الفاني. فقداسة الله وبره وعدالته لا يمكن أن تُرتشى لا بحفنة من المال ولا ببعض الأعمال الحسنة مهما كثُرت عظمتها. فكيف نتوقع أن نفي عدالة الله المطلقة بحفنة مال ونرضيها ببعض الأعمال التي يصفها الكتاب المقدس كخرق بالية؟ لذلك تطلبت عدالة الله أقصى العقوبات التي أدت بالإنسان إلى جحيم النار. ولكن محبة الله لنا هي محبة فائقة، من أجل هذا، أرسل الله ابنه الوحيد القدوس الطاهر بديلاً عن الإنسان لكي يفي بمتطلبات العدالة الإلهية التي لا تتقبل إلا أقصى العقوبات. ولأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة الخطية. فقد طلب الله من الإنسان أن يقدم الذبائح ككفارة عن خطاياه. ولكن كل تلك الذبائح ما كانت لتحمل أي معنى أو أي تأثير لو لم تكن رمزاً للدم الثمين الذي سفكه الرب يسوع المسيح على خشبة الصليب فوق جبل الجلجثة:”تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنـزع الخطية.. وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً”(عبرانيين 12:9 و11:10). وما”الذبح العظيم”الذي يذكره القرآن في سورة الصافات 107 نقلا عن التوراة – إذ يقتبس قصة إبراهيم عندما كان مزمعاًأن يقدم ابنه ذبيحة على جبل المريا فمنعه الله وقدم له كبشاً كي يفتدي به ابنه – إلاّ رمزاً لعمل المسيح الكفاري على جبل الجلجثة. وهنا نجد أن القرآن أسماه”الذبح العظيم”لأن ذلك الكبش لم يكن كبشاً عادياً كبقية الكباش التي كانت تقدم يومياً للكفارة. بل كان كبشاً فريداً، كان عطية السماء لإبراهيم ليكفر عن ابنه الذي كان تحت حتمية الموت. كما أن الله أراد أن يعلمنا أن ما حدث على جبل المريا (الذي هو جبل الجلجثة) لم يكن إلا رمزاً: أولاً، لحالة الإنسان وخطاياه التي جلبت عليه حكم موت أبدي محتوم في نار جهنم. وثانياً، لمحبة الله إذ أرسل عطية السماء – الرب يسوع المسيح – الذي هو”حمل الله الذي يرفع خطية العالم”(يوحنا 29:1). وقد مات المسيح على نفس البقعة التي قدم فيها إبراهيم الكبش فداء لابنه الذي هو رمز لموت المسيح لفداء بني البشر ولمغفرة خطايا كل من يؤمن به:”وإنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن الخطية”(عبرانيين 18:10). إذاً،”الذبح العظيم”لم يكن إلا رمزاً للذبح العظيم الفعلي الذي قدمه الرب يسوع المسيح بدم نفسه لفداء الإنسان ومبطلاً كل الذبائح إذ لم تبقَ حاجة بعد لأي منها:”فإن المسيح أيضاً تألم من أجل الأثمة… لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”(1بطرس 18:3 ويوحنا 16:3). ولأن المسيح هو كلمة الله، لذلك لم يستطع الموت أن يمسكه ويبقيه في القبر، وهكذا قام في اليوم الثالث من بين الأموات بمجد عظيم ليؤكد دعواه ويثبت رسالته.