• الكنيسة جسد المسيح وشركة القدّيسين
هذا هو السرُّ الذي نحتفل به دائمًا في القدّاس الإلهيّ، سيّما في فترة ما قبل العنصرة، بعد أن انتصر المسيح مرّةً إلى الأبد. لقد أعتقَنا ابنُ الله المتأنِّس من الموت بقيامته، وأكثر من ذلك، رَفعَ جسدَ الإنسان إلى كرامةِ الجلوس عن يمين الآب معَه، فوق الملائكة وسائرِ القوّات السماويّة. في المسيح يسوع، تتألّهُ طبيعتُنا البشريّة بأسرها. إلاّ أنّ هذه العطيّة الممنوحة للطبيعة التي اتّخذها كلمةُ الله لم يُمكِن أن تبقى عطيّة عامّة غير شخصيّة. وَجَبَ أن يتحقّق سرّ الخلاص في كلّ شخص، وأن يقبله الإنسان طوعًا في ذاته. ولكي يسنح لنا المسيح أن نشترك في إتمام هذا السّرّ، أرسل الروح القدس على رُسُلِه المجتمعين في وحدة المحبة، فحوّل الروحُ هذه الجماعة البشريّة إلى كنيسة، هي جسدُه السّرّيّ. المسيح حاضرٌ إذًا، هنا والآن، بنعمة الروح القدس، ولكن من خلال جسده “المتعدّد الأقانيم” . كُلٌّ منّا أصبح عضوًا كاملاً في هذا الجسد يومَ عمادته، وهو عضو فريد لا غنى عنه، ولكنّه لا يحيا إلاّ ضمن الجسد الكامل وبه.
“5وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِدٌ… وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ… وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا” (1كور12: 5،7، 11-12).
في سرّ الكنيسة الكبير هذا، يبقى كلٌّ منّا ما هو، ولكنّه يتصوّر بصورة المسيح بنعمة المعموديّة، يُطعَّم به، إن جازَ التعبير، وبقدر ما يتعاون مع النّعمة، ينمو فيه المسيح حتّى يتجلّى فيه بملئه.