يعتقد أوغسطين أن الأنبياء تكلَّموا على الكنيسة بشكل أوضح من كلامهم عن المسيح أي ماسّيا (في المزمور 30، 2 و ennaratio 2، مجموعة الآباء اللاتين مين 36، 244). كان هذا بمعنى من المعاني أمراً طبيعياً، لأن الكنيسة كانت موجودة بادئ ذي بدء. فإسرائيل، شعب الله المختار وشعب الميثاق، كان كنيسة أكثر منه أمَّة “كالأمم” الأخرى. في الكتاب -وفيما بعد- استعملت اللفظتان ta ethne وgentes (الأمم) لتصفا الأمميين أو الوثنيين، بخلاف الشعب الواحد (أو الأمة) الذي كان أيضاً وأساساً كنيسة الله. إن الشريعة أُعطيت لإسرائيل بوصفه كنيسة كي تشمل الحياة “الروحية” “والزمنية” للشعب، لأن الوصايا الإلهية تضبط الوجود الإنساني كله وتنظِّمه. وبذلك يكون تقسيم الحياة بين ما هو “روحي” وما هو “زمني” تقسيماً لا أساس له. كان إسرائيل جماعة مؤمنين أقامها الله، متَّحدة بالشريعة الإلهية والإيمان الحقيقي والطقوس المقدسة والسلطة الكهنوتية. هنا نجد كلّ عناصر التحديد التقليدي للكنيسة. لكنَّ التدبير القديم وجد كماله في التدبير الجديد، عندما أقام الله عهداً جديداً ورفض إسرائيل القديم لقلة إيمانه. وهذا ما جعله يخسر يوم الرب أو يوم الافتقاد. وأتت كنيسة المسيح لتكون الاستمرار الحقيقي الأوحد للعهد الذي أقامه الله قديماً. (فلنتذكر أن لفظتي “الكنيسة” و”المسيح” هما من أصل عبري. “الكنيسة” هي qahal و”المسيح” يعني Messiah). فهي إسرائيل الحقيقي بحسب الروح (Kata Pneuma). وبهذا المعنى رفض القديس يوستينوس رفضاً قاطعاً الفكرة التي تقول إن العهد القديم هو صلة الوصل بين الكنيسة والمجمع اليهودي. فالعكس هو الصحيح في نظره، ولذلك يجب أن نرفض الإدِّعاءات اليهودية من أساسها، لأن عدم إيمانهم بيسوع المسيح جعل العهد القديم لا ينتمي إليهم، وجعله ملك الكنيسة وحدها. فلا يحق لأي شخص بعد أن يدَّعي الانتماء إلى موسى أو الأنبياء، إذا لم يكن أولاً مع يسوع المسيح. فالكنيسة هي إسرائيل الجديد والوارث الأوحد للوعود القديمة. في هذا الكلام العنيف الذي صرَّح به هذا المدافع المسيحي القديم نجد مبدأً تفسيرياً ذا أهمية بالغة وهو أننا يجب أن نقرأ العهد القديم ونفسِّره بكونه كتاب الكنيسة وربما يجب أن نضيف إلى هذا فنقول أنه كتاب عن الكنيسة.