رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التألُّه كيف يكون
يقول القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ الكبير:”صار الله إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً”، ويضيف في كتابه عن تجسُّد الكلمة: لقد تجسَّدَ كلمةُ الله لكي يتَّحِدَ بالطبيعة البشريّة كما تتَّحِدُ النَّار بالحديد. (راجع أيضًا 2 بطرس 1: 4). هنا يكمن هدف الحياة البشرية، في ما حصل في شخص يسوع، “الطفل الجديد الَّذي هو إلهنا قبل الدُّهور”، ” أي اتِّحاد الطبيعة البشرية مع الطبيعة الإلهيّة في أقنوم ابن الله. هذا الاتِّحاد يمكن أن يتحقّق ويجب أن يتحقَّق في كلِّ واحِدٍ مِنَّا بنعمة الرُّوح القدس: اللهُ يصيرُ فينا ونحنُ نصيرُ فيه. هدفُ التجسُّد أن تشتعل(تلتهِبَ) الطَّبيعةُ البشريَّةُ بالنَّار الإلهيَّة كما يشتعِلُ(يلتهِبُ)الحديدُ بالنَّار. في شخص المسيح، الإله-الإنسان، تتَّحِدُ الطَّبيعةُ البشريَّة بالطَّبيعةِ الإلهيَّة بدون امتزاجٍ ولا افتراقٍ، وذلك من أجلِ خلاصِ الإنسانِ وإعادتِهِ إلى الاتِّحادِ بالله عن طريقِ النِّعمةِ لا عن طريقِ الجوهر. “أنا في أبي وأنتم فيَّ وأنا فيكم” (يوحنا 14: 20). عندما نُعَرِّضُ أنفسَنَا لأشعَّةِ الشَّمس وحرارتِها نشترِكُ بطبيعةِ الشَّمس نفسها دون أن نصير جوهرها: نستدفِئُ من حرارتِها دون أن نختلِطَ بكيانِها. هكذا عن طريق القِوى الإلهيَّة غير المخلوقة التي تشعُّ فينا، ندخُلُ في اتِّحادٍ صميميٍّ مع الله: هذه هي الحياة في المسيح. * * * في الإفخارستيَّا، القدَّاس الإلهيّ، وفي المناولةِ، تحديدًا، نتَّحِدُ بجسد المسيح ودمه عن طريق الإيمان وبواسطة نعمة الروح القدس،فينزل الله (ويسكن بالنعمة) في جسدِنا كما نزلَ في جسد العذراء ليجدِّدنا وينيرنا ويطهِّرنا (مع فارِق أنَّ ابن الله بشخصه سكن في أحشاء مريم، أمّا نحن فيسكن فينا بنعمته وليس بشخصه). يقول الكاهن عند المناولة. “يناول عبدالله فلان جسد ودم ربنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح من أجل غفران خطاياه وحياة أبدية”. لم يأتِ الرّبّ يسوع فقط لكي يعطينا وصايا أخلاقيَّة أو شريعة، كما في العهد القديم، جاء لكي يَشفي طبيعتَنا الساقِطَة وينقِذَنا من الألم والمرض والموت. * * * ظهور الله الأوّل في الميلاد هو بدءُ الخلاص وتدشينُ ملكوت السَّماوات على الأرض كلّها بداعي محبّته للبشر. الحياة في المسيح لقاءُ حبٍّ، والحبُّ عملٌ مجَّانيّ لا يُفرَضُ علينا. ولنا أن ندعو بدورنا الآخَرين إلى هذا اللقاء، عندها لا يعود المال أو اللذَّة محركِّنا الوحيد، ونقول مع الرب يسوع بلسان بولس الرسول: “ليس يهوديٌّ ولا يونانيٌّ، ليس عبدٌ ولا حُرٌّ، ليس ذكرٌ أو أنثى، لأنَّكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع”. أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما |
|