رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة المتفائلة (1كورنثوس 13: 7) «اَلَمحبَّة تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (1كورنثوس 13: 7). قد تبدو الآية السابعة من أصحاحنا غير قابلة للتطبيق لأنها غير معقولة! هل يمكن أن واحداً يحتمل من إنسان آخر كل شيء، ويصدق كل ما يقوله، ويرجو منه الأفضل باستمرار. وعندما لا يحدث شيء من هذا، يصبر على كل شيء؟! فهذه كلمات كبيرة، متفائلة، تشمل كل شيء. ولكنها واقعية أيضاً، أجدها في المسيح، وأجدها أيضاً في الأم التي تستمد محبتها من محبة الله، كما أجدها في المؤمن الذي يسلك حسب الروح وليس حسب الجسد. 1- أجدها في المسيح: إنه يحتملنا في خطايانا وبُعدنا. لقد قال لتلاميذه في العلية، وهو يعلم أنهم سيتركونه ويهربون بعد قليل: «لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً.. لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ» (يوحنا 15: 15) فقد اعتبرهم أحباءه، مع أنهم لم يحبوه حتى يضحوا لأجله. وعندما نجيء إليه مصلين مع العشار: «اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ» (لوقا 18: 13) يصدقنا ويغفر لنا. ولو أن أحداً سأله: «كيف تقبل هذا الخاطئ الخائن؟» لجاوبه: «هذا العشار التائب الذي نزل إلى بيته مبرراً سيحيا حياة الاستقامة، وسيساعد غيره على أن يجد طريق التبرير. وحتى لو أخطأ فإني لا أسمح له أن ينطرح، بل سأسند يده» (مزمور 37: 24). 2- أجدها في الأم: إنها تحتمل من طفلها متاعب لا يمكن أن يحتملها أي شخص آخر. وفي وسط هذه المتاعب إذا أبدى الطفل بادرة ذكاء بسيطة تهتف بفرح، وتمدحه، وتتوقع له مستقبلاً عظيماً. وهي تدافع عنه دائماً عندما يشتكي عليه أحد! وترى فيه أذكى وأجمل من وُلد على ظهر الأرض! وهذا بالطبع حُكم شخصي لا موضوعي، لأن «عين المحب عن كل عيب كليلة»! وعندما تراه يخطئ تؤمن أنه سيتغلب على أخطائه ويتعلم منها، وتثق أن مستقبل ولدها أفضل من ماضيه! 3- أجدها في المؤمن الروحي: صدَّق إبراهيم خليل الله وعد الله له، وظل عشرين عاماً ينتظر تحقيق الوعد بولادة ابن الموعد من زوجته سارة. واحتمل الكثير وصبر «وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفاً فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ- وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتاً إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ- وَلاَ (اعتبر) مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ، وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِياً مَجْداً لِلَّهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضاً» (رومية 4: 19-21). إن الروح القدس يملك قلبه، ويعلِّمه أمور الله، فتنسكب محبة المسيح في قلبه، ويملأه فكر المسيح (رومية 5: 5). عندها يحيا حياة المحبة التي تحتمل كل شيء. وينفذ وصية الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: «وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاساً أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضاً» (2تيموثاوس 2: 2) وفي أثناء هذا التدريب يثق المعلم في تلميذه، كما وثق معلمه فيه من قبل. وثق بولس في تيموثاوس، ودرَّبه واحتمله، وصدَّق أن الله سيستخدمه للبركة، فوضع تيموثاوس ثقته في الذين درَّبهم. وهكذا تُمارس المحبة التي تحتمل وتصدق وترجو وتصبر، لأنها تعلم أن الروح القدس يستخدم الكلمة فتأتي بثمر «لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ، وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعاً لِلزَّارِعِ وَخُبْزاً لِلآكِلِ، هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ، وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ» (إشعياء 55: 10، 11). وهكذا يصدِّق المعلم عمل نعمة الله، ويرجو باستمرار أن ابنه الروحي سيكون أفضل منه. عندما طلب أليشع من إيليا روح اثنين، قال له إيليا: «صَعَّبْتَ السُّؤَالَ» (2ملوك 2: 10). فقد كان الأمر صعباً على أليشع لو استجاب الله طلبه، لأن الاستجابة تعني أن مسؤوليات هائلة تنتظره، ضِعْف المسؤوليات الهائلة التي واجهت إيليا. كما كان سؤال أليشع صعباً على إيليا، لأن الرب هو الذي يمنح روح اثنين من إيليا، وليس إيليا هو الذي يمنح. ورغم ذلك لم يوبخ إيليا تلميذه أليشع بحجة أنه طماع أو طموح أكثر من اللازم، بل بالعكس فرح به لأنه يحبه، وقال له: «إِنْ رَأَيْتَنِي أُؤْخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذَلِكَ». والأب الروحي عندما يكتشف أن تلميذه أخطأ يصبر عليه لأنه صبور طويل الأناة، قلبه عامر بالمحبة التي يمنحها الروح القدس، وهي المحبة التي تتأنى وترفق. المحبة المتفائلة تصدق اعتذار المخطئ وتعطيه فرصة جديدة. وعندما يتأخر عن الوفاء بالوعود تنتظر المحبة أن تنصلح الأمور وترجو الإصلاح. ولما لا تتحقق الوعود تصبر المحبة على كل شيء، لأنها تغفر الفشل وترجو الخير. وتعلمنا هذه الآية أن المحبة المتفائلة تتوقع الأيام الحلوة والمواقف الأفضل مهما كانت الظروف الحالية سيئة. فلنتأمل كيف تتصرف المحبة المتفائلة. |
|