المحبة لا تقبح في العمل
عندما يسيطر روح الله على حياتنا يعطينا ثمره المبارك، وأوله المحبة (غلاطية 5: 22). ويقول الرسول بولس: « لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرٍّ وَحَقٍّ. مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ. وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا. لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرّاً ذِكْرُهَا أَيْضاً قَبِيحٌ. وَلَكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. لِذَلِكَ يَقُولُ: اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ» (أفسس 5: 9-14). هناك أعمال سيئة مارسها المؤمن قبل معرفته بالمسيح المخلِّص، ولا يليق أن يفعلها بعد أن قام من موت الخطية وأضاء عليه نور المسيح. لأنه « إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (2كورنثوس 5: 17). فقد انتهى القُّبح من حياة المؤمن – أو هكذا يجب أن يكون.
ما أكثر ما نرى القباحة من حولنا تلتهم الجمال، ولكن النصرة الأخيرة هي للمحبة التي لا تقبِّح.
رأى فرعون ملك مصر في حلم سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم، فارتعت في روضة. ثم سبع بقرات أخرى طالعة وراءها من النهر، قبيحة المنظر ورقيقة اللحم، فوقفت بجانب البقرات الأولى على شاطئ النهر. فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم البقرات السبع الحسنة المنظر والسمينة (تكوين 41: 2-4).. ويحدث في حياتنا ما رآه فرعون في حلمه. نرى القُّبح يبتلع الحُسن! يكون لنا صديق كريم، لنا معه عشرة طويلة جميلة. ولكن خطأً واحداً يضيع تلك العشرة الحلوة. ونتذكر ذلك الخطأ وننسى كل الذكريات الجميلة. «وتُقضّي عمرك في الصواب، وغلطةٌ تمحو الصواب!» فإذا القبح ابتلع الجمال! ولكن المحبة التي لا تقبح تهزم القبح وتناصر الجمال، كما حدث عندما ألقى موسى عصاه فصارت حية، وحول سحرة فرعون عصيهم إلى حيات، ولكن حية الحق ابتلعت حيات الباطل. والحب دوماً يقتل القبح.
وعمل نعمة المسيح في قلوبنا هو أعظم نموذج للجمال الذي يلاشي القبح. ومن معاني كلمة «نعمة» أنها جمال الحياة. وقد أنعم المسيح على مُحبّيه بجمال الحياة.
التقطت أذنا المسيح وقت الصليب إنكار بطرس المثلث. التقطت كلمات القبح! فماذا كان رد فعل المسيح؟ يقول البشير لوقا: « فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ.. فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرّاً» (لوقا 22: 61، 62). ولم تكن نظرة المسيح لبطرس نظرة توبيخ أو سخرية أو شماتة، لكنها كانت بكل تأكيد عامرة بالمحبة والشفقة، فكسرت قلب بطرس وقادته إلى التوبة. وبعد قيامة المسيح من الموت أعطى المسيح بطرس وزملاءه صيداً وفيراً من السمك بعد ليلة صيد فاشلة، ثم سأل بطرس: « يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هَؤُلاَءِ؟» فأجاب بطرس بخجل: «نَعَمْ يَا رَبُّ. أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ» (يوحنا 21: 15). وهذه هي المحبة الشافية من الإنكار، والملهمة للاتِّباع، والدافعة لحياة التقوى.