الفرح ينصرنا على الحسد، فالمحبة تفرح بالخير،
بينما الحسد يتضايق منه

من النماذج الرائعة للمحبة التي تفرح بخير الآخرين محبة يوناثان ابن الملك شاول لداود. عندما قتل داود جليات « وَقَطَعَ يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ عَهْداً لأَنَّهُ أَحَبَّهُ كَنَفْسِهِ. وَخَلَعَ يُونَاثَانُ الْجُبَّةَ الَّتِي عَلَيْهِ وَأَعْطَاهَا لِدَاوُدَ مَعَ ثِيَابِهِ وَسَيْفِهِ وَقَوْسِهِ وَمِنْطَقَتِهِ » (1صموئيل 18: 3، 4). ولما حسد شاول داود وأراد أن يقتله، حذر يوناثان داود من المؤامرة ودافع عن داود أمام أبيه (1صموئيل19: 2 و20: 32). وطلب يوناثان من داود أن يصنع معه خيراً لما يتولى داود المملكة (1صموئيل 20: 15). لقد أحب يوناثان داود، وفرح بالخلاص الذي أعطاه الله لشعبه على يديه، حتى لو كان هذا يضر مصالح يوناثان الشخصية!
المحبة تفرح لما يزيد الخير، فيعم الجميع، لأنها تعلم أن الإنسان لا يزيد عندما ينقص غيره.
يخبرنا سفر دانيال عن الكرامة التي نالها دانيال في عهد الملك داريوس، حتى أنه « حَسُنَ عِنْدَ دَارِيُوسَ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى الْمَمْلَكَةِ مِئَةً وَعِشْرِينَ مَرْزُبَاناً (رئيساً) يَكُونُونَ عَلَى الْمَمْلَكَةِ كُلِّهَا. وَعَلَى هَؤُلاَءِ ثَلاَثَةَ وُزَرَاءَ أَحَدُهُمْ دَانِيآلُ لِتُؤَدِّيَ الْمَرَازِبَةُ (الرؤساء) إِلَيْهِمِ الْحِسَابَ فَلاَ تُصِيبَ الْمَلِكَ خَسَارَةٌ. فَفَاقَ دَانِيآلُ هَذَا عَلَى الْوُزَرَاءِ وَالْمَرَازِبَةِ لأَنَّ فِيهِ رُوحاً فَاضِلَةً. وَفَكَّرَ الْمَلِكُ فِي أَنْ يُوَلِّيَهُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ كُلِّهَا. ثُمَّ إِنَّ الْوُزَرَاءَ وَالْمَرَازِبَةَ كَانُوا يَطْلُبُونَ عِلَّةً يَجِدُونَهَا عَلَى دَانِيآلَ مِنْ جِهَةِ الْمَمْلَكَةِ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَجِدُوا عِلَّةً وَلاَ ذَنْباً لأَنَّهُ كَانَ أَمِيناً وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ خَطَأٌ وَلاَ ذَنْبٌ. فَقَالَ هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ: «لاَ نَجِدُ عَلَى دَانِيآلَ هَذَا عِلَّةً إِلاَّ أَنْ نَجِدَهَا مِنْ جِهَةِ شَرِيعَةِ إِلَهِهِ» (دانيال 6: 1-5).
ألم يدرك أولئك الرؤساء أن نجاح دانيال ليس له وحده، بل للدولة كلها، ولهم هم أيضاً؟ كان يجب أن يشكروا لوجود رئيس وزراء يتمتع بالذكاء والروح الفاضلة والأمانة لتسير جميع أمور الدولة بنجاح وسلام. لكن الحسد أصابهم بالعمى، فلم يروا في دانيال إلا الرئيس الذي يتولى مسئولية مشرّفة، حسبوا أنفسهم أكثر استحقاقاً لها منه، فدبَّروا له مكيدة. ولكن الرب أنقذه منها (دانيال 6).