هذه هي عظمة التبرير. ولقد قامت ضد هذا التعليم السامي هرطقات عديدة تقلل من شأن هذه النعمة وتجعل للتبرير ركيزة أخرى غير دم المسيح، الأمر الذي يهين الله، ويطعن في كفاية كفارة المسيح. لهذا قام آباء الكنيسة بردع المدعين المبتدعين وإليك بعض أقوالهم في هذا الصدد.
v يتساءل القديس أوغسطينوس قائلا: (ما معنى قول الرسول "متبررين مجاناً بنعمة" وماذا يقصد بقول "لأنكم بالنعمة مخلصون" وحتى لا يظن أحد أن الخلاص بالأعمال يضيف الرسول قائلاً "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان" وخشية أن يفكر أحد أن الإيمان عمل بشرى مستقل عن النعمة، يوضح الرسول أن الإيمان هو أيضاً من عمل النعمة بقوله "وذلك ليس منكم هو عطية الله"(أف8:2) .
(N. P. Frs 1st. Ser. Vol.V P. 229,230)
وقال أيضاً القديس أغسطينوس:
v بدون نعمة المسيح لا يمكن لصغير أو كبير أن يخلص، وهذه النعمة لا تعطى مقابل أي شئ صالح وإنما هي مجانية
لهذا فهي تسمى نعمة "متبررين مجاناً بنعمته" (رو24:3 ).
(P. 122 1 bid)
وقال أيضاً القديس أغسطينوس:
v "إن في هذا ثناء عظيما على النعمة أيها الأخوة، حتى تتعلم النفس الاتضاع، ويستد فم الكبرياء. فليجب الآن إن استطاع أولئك الذين إذ يجهلون بر الله ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله (رو3:10).
إن إجابتكم تتضمن الكفر عندما تقولون أن الله قد خلقنا ونحن نستطيع أن نصير أبراراً بأنفسنا"
(N.P.F. Vol.7 P. 345)
وقال أيضاً القديس أوغسطينوس:
دفاعاً عن نعمة المسيح أرفع صوتي قائلا: بدون النعمة لا يتبرر أحد.
(N.P.F. Vol.5 P.142)
v ومن أجمل أقواله في هذا الصدد ما ختم به حديثه إذ قال "وختام القول أن الإنسان لا يتبرر بمظاهر حياة القداسة وإنما بواسطة الإيمان بالرب يسوع. أي ليس بالأعمال بل بالإيمان، ليس بالأعمال الصالحة بل بالنعمة المجانية".
(1 bil P. 92).
والقديس يوحنا ذهبي الفم يقول:
"إننا لم نتبرر بالأعمال بل بالنعمة، حتى أن جميع خطايانا قد محيت. وهذا الأمر لا يدفعنا إلى الكبرياء، لأن الكل عطية مجانية من الله."
(N.P.F.1st. Ser. Vol.12 P. 334)
v ومن روائع أقوال ذهبي الفم ما قاله تعليقاً على قول بولس الرسول "لأن فيه معلن بر الله بإيمان لا يمان كما هو مكتوب أما البار فبالأيمان يحيا" (رو17:1). فيقول:
وحتى لا يشك أحد في إمكانية الخلاص والسلام يتكلم عن البر، ليس بر الإنسان بل بر الله، ليظهر فيض هذا البر وسهولة الحصول عليه، إذ لا يحصل عليه الإنسان بالجهد والعمل بل يقبله عطية من فوق. متطلباً شيئاً واحداً من جانبك وهو الإيمان ... وحتى لا يشك أحد في صدق كلامه بأن الزاني والشرير والسارق لا يتحرروا فقط من العقوبة بل يصيروا أبراراً، ولهم أسمى أنواع البر (أي بر الله ذاته) يدعم كلامه باستشهاد من العهد القديم من سفر حبقوق الذي قال "أما البار فبالإيمان يحيا." (حب4:2).
(N.P.F 1st. Ser Vol. 12 P.349)