أن كنا حقاً نحب الله
يقول العلاَّمة ديونيسيوس الأريوباغي: [ أليس حقاً أن المسيح يتقرَّب بودٍ شديد من الذين يحيدون عنه، ويحاول معهم متوسلاً إليهم أن لا يستهينوا بحبه، وإن لم يُظهروا إلا النفور والتصامم عن سماع مُناداته، ألا يظل هو نفسه محامياً وشفيعاً عنهم
فالمولود من فوق يُشبه أباه، ومن يحب الوالد يحب المولود منه أيضاً، ومن حرره مسيح القيامة والحياة فأن محبة المسيح تحصره، ومن تلك المحبة يتولد في قلبه غيرة حسنة على النفوس مع حنان فائق به يحمل إخوته الضعفاء والذين تحت قيد مُرّ، ليقف أمام الله أبيه وسيد كل أحد حاملاً أوجاعهم رافعاً شكواهم إليه طالباً لهم قوة خلاص وشفاء وراحة لنفوسهم وتغيير عن شكلكهم بتجديد أذهانهم ليختبروا إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة.
فأن كنا حقاً نحب الله، فلنعلم أن الحب الحقيقي لا يُدين الأخ ويحكم عليه بالموت ولا يسعى لمقاضاته او لقطعه من شركة الكنيسة، لكنه يدفع المؤمن الحي بالله لكي يدخل في شركة الجسد الواحد مع إخوته، لذلك فهم يتألمون معاً كأعضاء لبعضهم البعض، لذلك يشفق الأخ على جرح أخيه، فلا يُشهر بجرحه أو يفضحه أو يهمله ويرفضه أو حتى يتناساه ولا يتألم لأجله، أو قلبه يوجعه على جراحاته الداخلية، بل يعضده ويسنده ويخدمه من قلبه بكل قوته، ويصوم ويصلي لأجله كثيراً جداً حتى يُشفى ويصير صحيحاً مُعافاً مملوء من قوة الله ونعمته متمتعاً بحياة الشركة في النور مع جميع القديسين.