تمّموا خلاصكم بخوف ورعدة
تمّموا خلاصكم بخوف ورعد .
في 2\12
والسؤال، عما يتحدث الإصحاح الثاني من رسالة فيلبي الذي وردت به هذه الآية ؟
إقرأ جيداً وستراه يدور حول المرض الروحي الذي أصاب كنيسة فيليبي... مرض الإنقسام والتحزب بين مؤمنيها والذي هدد نموها، مما دفع بولس أن يطلب منهم أن يتمموا خلاصهم (شفاءهم) من هذا المرض الخطير ومن مسبباته كضعف المحبة الأخوية وغياب التواضع وإنكار الذات... إنه لا يحدثهم هنا عن إتمام خلاص كل منهم من الهلاك الأبدي (نوالهم الغفران) بل عن إتمام خلاصهم (شفائهم) ككنيسة من مرض الإنقسامات.. ولاحظ معي هذه النقاط
إن كلمة (خلاصكم) سوتيريا وهي من الفعل سوزو الذي كان استخدامه شائعاً بمعنى شفاء
إن سياق الحديث في هذا الإصحاح يؤكد أن المقصود هو الشفاء من الإنقسامات بين المؤمنين ومسبباتها... فالبنظر إلى الآيات السابقة لهذه الآيات تمموا خلاصكم
نرى الرسول يتحدث بكلمات قوية طالباً من مؤمني فيليبي الإصرار على تحقيق الوحدة: فتمموا فرحي حتى تفتكروا فكراً واحداً ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئاً واحداً . في 2\2
ثم يدعوهم إلى مقاومة مسببات الإنقسام متسلحين بالتواضع والمحبة: لا شيئاً بتحزب أو بعجب (يتباهى) بل بتواضع حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم
لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه بل إلى ما هو لآخرين أيضاً . في 2\3
ثم يقدم لهم الرب يسوع كنموذج في الإتضاع والبذل من أجل الآخرين : فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً. الذي إذ كان في صورة الله .. أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائراً في شبه الناس. في 2\5-7
وبالنظر إلى الآيات التالية لهذه الآية تمموا خلاصكم نرى الحديث مستمراً عن العلاج من هذا المرض (الإنقسامات
يقول الرسول: إفعلوا كل شيء بلا دمدمة أو مجادلة . في 2\14
ثم يقدم الرسول ذاته وكذلك تيموثاوس وأبفرودتس كأمثلة لإنكار الذات. في 2\16
هكذا فالآيات السابقة واللاحقة لكلمات الرسول بولس تمموا خلاصكم تدعو للإجتهاد من أجل الوحدة والتصرف باتضاع وإنكار الذات... الأمر الذي يؤكد القول بأن الرسول يقصد بكلماته تمموا خلاصكم إتمام شفاء كنيسة فيلبي من مرض الإنقسامات ومسبباته، ويجعل القول بأنه يتحدث عن خلاص المؤمن من الهلاك الأبدي (نوال الغفران) غير منسجم مطلقاً مع سياق الحديث
أمر آخر يؤكد ما نقوله ، الرسول بولس لا يقول ليتمم كل منكم خلاصه بل تمموا خلاصكم، مما يدل على أنه يتحدث عن عمل جماعي على كل مؤمني فيليبي أن يساهموا معاً على تحقيقه.. بينما الخلاص من عقوبة الخطية (الغفران) هو أمر فردي يخص كل إنسان على حدة
ثم أن الجزء السابق مباشرة لهذه الآية ينسجم تماماً مع القول بأنها تقصد الخلاص من الإنقاسامات وإتمام الشفاء الروحي لكنيسة فيلبي
يا أحبائي كما أطعتم كل حين ليس في حضوري فقط بل الآن بالأولى جداً في غيابي تمموا خلاصكم بخوف ورعدة
فشفاؤهم الروحي ككنيسة هو أمر عظيم للغاية لا يجب التأخر في إتمامه انتظاراً لمجيء الرسول بولس لزيارتهم ويتدخل بنفسه معالجاً الإنقسامات بسلطانه كرسول.. وكلمة تمموا هي ترجمة للكلمة اليونانية (كاتيرغازوماي) التي تتحدث عن العمل المستمر لأجل أمر ما حتى يتحقق.. فالرسول بولس يطلب منهم أن يعملوا معاً حتى يحققوا خلاصهم (شفاءهم) الكامل من كل الإنقسامات في غيابه دون انتظار مجيئه
وقد تسأل ما معنى عبارة (بخوف ورعدة)؟؟ وماذا يعني أن يتمم المؤمنون في كنيسة فيلبي خلاصهم (شفاءهم) من الإنقسامات بخوف ورعدة ؟
إن عبارة بخوف ورعدة هي اصطلاح معروف لدى المجموعات اليهودية المتدينة كان يستخدم بمعنى احترام وتقدير الواحد للآخر، ولم يستخدمه في أسفار العهد الجديد سوى الرسول بولس الذي لم يستخدمه قط ليصف به اتجاه الؤمنين نحو الله بل الإتجاه الذي يجب أن يكون لكل منهم نحو الآخر ولا سيما نحو قادتهم .. والآيات التي ذكر فيها هذا الإصطلاح توضح أن هذا هو معنا (1كور 2\3، 2كور 7\15 ، أف 6\5 ) وكمثال كلماته إلى مؤمني كورنثوس عن تيطس :
وأحشاؤه هي نحوكم بالزيارة متذكراً طاعة جميعكم كيف قبلتموه بخوف ورعدة . 2 كور 7\16
الرسول بولس يطالب المؤمنين في فيلبي أن يتمموا خلاصهم من أمراض الإنقسام ومسبباتها باحترام وتقدير من منهم الآخر
وهكذا ليس في الآية تمموا خلاصكم بخوف ورعدة ما يدل على نوال الخلاص من الهلاك الأبدي (أي الغفران) نتيجة لأعمال حسنة يفعلها الخاطئ