رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
____قراءات يوم الأربعاء من البصخة المقدسة _____ طبعاً مضمون قراءات يوم الأربعاء من البَصخة المقدسة، فهو يدور حول موضوعين رئيسيين في هذا اليوم كما رأينا:
وكان رد فعل المُخلص هو قوله ليهوذا الذي اعترض على هذا التبذير – من وجهة نظره هو – لأنه لم يرى الحب المبذول بل رأى الثمن وتحجج بحجة الفقراء كما نفعل أحياناً كثيرة حينما نُبرر المتاجرة في داخل الكنيسة، فقد قال له شخصياً [ إنها حفظته ليوم دفني. المساكين معكم في كل حين، أما أنا فلستُ معكم في كل حين ]. يا إخوتي لا تتعجبوا من هذا كله، فالمحبة تجعل الإنسان يبذل أغلى وأقيم ما عنده، حتى أن يضحي بحياته كلها بل ومعيشة ذاته من أجل من يحب بل ولا يعمل أي حساب لأي ثمن حتى أنه يحسب نفسه بلا ثمن [ ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أُتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله ] (أعمال 20: 24) فمن يحب يبذل كل شيء بل وأثمن ما عنده، بلا أدنى تفكير أو تردد لمن يحبه، ويعتبره أرخص بكثير من أن يُقدم للمحبوب، فانظروا لهذه المرأة التي سكبت أغلى العطور على مخلصها التي تحبه بكل قلبها، ولم تتردد أبداً في كسر قارورة طيب غالية الثمن جداً في ذلك الزمان، ولم تحسبها خسارة أو تُقيمها بأي شكل أو صورة سوى أنها تُريد أن تُعَطر مُخلصها الذي تحبه وتكرمه أمام الجميع بكل ما فيها من قوة وبفرح، حتى أن الرائحة انتشرت في البيت كله، فعظيم هو حبك يا امرأة، فقد فاق محبة الكل ببذل وعطاء لا على مستوى الكلام بل على مستوى الفعل والعمل. فيا إخوتي، كثيراً ما كانت محبتنا للرب على مستوى الكلام بلا فعل وبذل وعطاء حقيقي، وانحبست محبتنا وصارت كلاماً من فوق المنابر وعلى المواقع المسيحية، بل وأكثرنا عطاء من يصوم أو يقدم صلاة بدموع، ولكن متى نُعطي للرب أعز وأثمن ما عندنا، وأثمن ما في أوقاتنا، بل باكورة كل أوقاتنا وأول اهتماماتنا، لأن الرب لا يأخذ البقايا بل البكورات، لأننا حتى حينما نعطيه وقتاً لنقضيه معه نعطيه من البواقي والفضلات، فمن منا يعطي الرب بكورات وقته وأثمنها، فكثيراً ما اسمع البعض يقول حينما أفرغ من عملي أو مذاكرتي أو انشغالي أو من لقاءي مع الأصدقاء.... الخ، أستطيع أن أُصلي أو أقرأ الكتاب المقدس أو أذهب للاجتماع لأسمع كلمة الله أو اذهب للكنيسة ... الخ، أو الكثير يقول أني مشغول فغير قادر على قراءة الكلمة، وهناك من يهرب من واجباته اليومية بهروبه للكنيسة ويظن أنه يقدم للرب محبة، أو من يقول أن لي أولاد ينبغي أن أذاكر لهم فلا وقت الآن لاجتماع الصلاة، أو لأذهب لاجتماع تُبنى فيه حياتي الروحية والتقي مع الرب في شركة أعضاء جسده، ناسياً قول الرب: أن أحب أحد زوجة أو أولاد أو أي شيء أكثر مني فلا يستحقني، وهذا - بالطبع - لا ينفي أن اقوم بواجبي اتجاه أسرتي بكل إخلاص وبذل المحبة حتى الموت، ولكن ليس في الأوقات المكرسة للرب وحده !!! عموماً هكذا تتعدد الحجج وتتنوع، ويظهر غيرها من الأقوال الكثيرة بالحجج للهروب من محضر الله، التي لا تدل إلا على شيء واحد فقط، أننا لا نحب الرب من كل القلب ولا نعطي له أثمن ما عندنا بل نعطيه كل ما هو رخيص وبلا ثمن !!! ونقف في النهاية لنقول أننا نُحب الرب ونخدمه ونعطيه من وقتنا ويومنا فنستحق اللوم وعدم نظر الرب لنا لأننا لا نحبه بالصدق والحق، بل ربما كل هدفنا أن نأخذ منه شيئاً ولا نعطيه قط، لأن علاقتنا لم ترتقي على مستوى الحب بل لا زلنا على مستوى: "هات وخد"، الرب يعطني فأقول له أنا أُعطيك، وهذا هو أسلوب متاجرة وليس أسلوب حياة أولاد لله تقدسوا في الحق وحبوا الرب من كل قلبهم. فليتنا اليوم ننظر لهذه المرأة ولحبها العظيم الذي ارتفع لمستوى أعلى من كل الفضائل حتى فضيلة العطاء للآخرين، لأنها أعطت أغلى ما عندها للرب بدون أدنى تردد أو تفكير، بل بمسرة وفرح القلب الذي لا يُريد إلا يسوع وحده فقط. حقاً عظيم هو حبك يا امرأة، وقد فاق كل محبة وعطاء آخر، وقد صرتِ باكورة المحبين للرب في عطاءك الحلو والذي صار يُكرز به في كل مكان وذكرى لا تزول في يوم تسليم المُخلِّص لتُعلن المحبة وتظهر في وقت الخيانة ومحبة المال التي هي أصل كل الشرور. وأيضاً لننتبه يا أحباء الله فأمام المحبة ظهرت الخيانة، فالأولى أعطت ما عندها ولم يهمها ثمن، والآخر حَسب عطاء المحبة خسارة، فطمع في المال وسعى للخيانة لأنها ذات ثمن، مع أنها تجاره خاسرة لأنها ذات ثمن بَخس، ولكنه هو يُريد أن يأخذ حتى أرخص الأثمان ولا أن يُعطي شيئاً، وسعي حياته كله لأجل المال وليس من أجل الرب، وهكذا كثيرين اليوم يهمهم أن يسعوا للغنى بدون طلب الرب، حتى حينما يطلبون الرب، فهم يطلبونه ويصلون إليه لكي يبارك أموالهم ويجعلهم يكسبوا أكثر ويغتنوا وذلك بسبب محبة المال في ذاته وبذلك يطعنون أنفسهم بالأوجاع وينتحروا عن الحياة الأبدية ويتشبهوا بيهوذا الخائن، فلنحذر جداً لئلا يفترسنا عدو الخير لأن ما يسكن قلبنا هو حب المال: [ لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة ] (1تيموثاوس 6: 10)، لذلك يا إخوتي أحذروا جداً و[ لتكن سيرتكم خالية من محبة المال، كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا أهملك ولا أتركك ] (عبرانيين 13: 5). فهذه مشكلة الناس إلى هذا اليوم، لأنها تبيع وتشتري وتكسب على اسم المسيح البار والاسم من أجل الفقراء، وهي لا تدري أنها تبيعه بأبخث الأثمان وتنزل بمستوى الإيمان للحضيض، وقد اتخذ البعض التقوى تجارة، وللأسف في داخل الكنيسة نتاجر ونبيع ونشتري لكي نربح ونكسب، لأن الكنيسة والدير مكان خصب للربح، لأن الناس حينما تشتري فيها شيء تعتبره بركة وهذا هو مشكلة المُتاجرة التي تشكلت في كل زمان حسب التقوى فخدعت البسطاء، فنبيع الحياة الروحية كلها بمحبة المال الذي هو أصل كل الشرور، مثلما فعل يهوذا حينما نظر للمال فباع سيده بثمن بخس. والمال - بالطبع - في ذاته فعلاً ليس عيباً، بل العيب في محبته التي تدفعنا أن نسعى إليه بشغف، وأن خسرنا منه شيئاً نحزن ونتمرد على الله، وكأن المال هو حياتنا وليس الله الذي نشكره على كل شيء وفي كل حال، لأن كل ما يهمنا أن يكون لنا شركة مع الله الحي، وأن نعطيه كل ما لنا. فاحذروا المتاجرة داخل الكنائس تحت مُسميات التقوى الغاشة باسم الفقراء، لأن هل حقاً نُساعد الفقير والمحتاج !!! أم نغتني ونكنز باسمهم !!! فلنراجع أنفسنا أمام الرب في مخدعنا، ولا نضع حجج واهيه، بل نعترف امامه لأنه فاحص الكلى والقلوب، فمهما ما تكلمنا ووضعنا حجج ودافعنا وبررنا المواقف، ربما نقنع الناس ويصمتوا، لكن الله لا يُشمخ عليه لأنه يعرف خفايا القلوب، فلا نخسر أبديتنا من أجل عناد قلبنا، لكي نظهر اننا نسير وفق شريعة المسيح المقدسة وننفذ الوصية واحنا في الواقع نغش أنفسنا لكي نزيد من أرباحنا، أو نبرر مواقف الناس هاربين من الحق ومحورينه لصالحهم، ولا ننسى المكتوب: لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه لأنه كان يعرف الجميع (يوحنا 2: 24)، وهذا هو سر إخفاء الله ذاته عن البعض، لأن قلبه غير مستقيم وغير مؤتمن على نعمة الله لأن هناك في قلبه غش مدفون يحتاج أن يُظهره أمام الله ويتوب عنه.
|
|