305 - نحن نعيش في عالم يتقن العمليات الحسابية جدا ً ، التجارة والمحاسبة لها دور كبير به وللوصول الى الدقة وتفادي اي خطأ او خسارة تواترت الوسائل وتعددت . الاقتصاد اصبح يحكم العلاقات بين المؤسسات والشركات والهيئات والافراد وعلى من يريد ان يحيا يأخذ حقه ويعطي الآخرون حقوقهم ، أن يتقن فنون الاقتصاد واول المباديء للاضطراد وتفادي المشاكل ان تأخذ ما لك وتعطي ما عليك بدون زيادة او نقصان وان يكون التعامل بالمثل ، مقابلة الشيء بمثله أُعامَل كما أعامل ، أُحاسَب كما أحاسب وتُنفذ القاعدة المعروفة المألوفة : عين بعين وسن بسن ، العين بالعين والسن بالسن ، ومنذ القديم كانت المحاكم تأخذ بالاعتبار نوع الجريمة ليكون العقاب من نوعها ايضا ً . الشريعة اليهودية مثلا ً تقول : جرح بجرح ، جلدة بجلدة ، حياة بحياة ، يد بيد ، رجل برجل واغلب الشرائع تقول بذلك وقد تضيف اليها بأن تحدد أن الباديء أظلم . وجاء المسيح ليكمل الناموس بقوله " «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنّ ٍ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ . " ( متى 5 : 38 – 41 ) . مثالية جديدة ليست مألوفة في العالم ولا في اهل العالم يريدك المسيح ان تقيمها . هل تستطيع ؟ هل يمكن ان تحيا هذه المثالية ؟ هل تقدر ، هل تقدر على ذلك المبدأ السامي ؟ ويضيف المسيح " سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ : تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ . وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ . بَارِكُوا لاَعِنِيكُم ْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ " ( متى 5 : 43 ، 44 ) . وهذه تعاليم جديدة غريبة . لماذا قال المسيح ذلك لتلاميذه ولماذا يقوله لنا ؟ لماذا يقوله لك ؟ المسيح لم يتكلم بمنطق بشري ، كلام المسيح ليس كلاما ً بشريا ً ، كلامه كلام الهي ، منطقه منطق الهي ، نظرته نظرة الهية ، طبيعته طبيعة الهية لأنه هو الله . والمسيح يطلب منا ان نكون شركاء الطبيعة الالهية ، ان نكون مثله . إن تبعناه ، إن آمنا به ، إن أدخلناه حياتنا ، إن كان يحيا فينا نكون مثله فنسير بدل الميل الواحد ميلين ولا نتعامل عين بعين وسن بسن ولا نبغض العدو ونكرهه بل نحبه ونباركه ونحسن اليه ونصلي لأجله . هكذا يريدنا المسيح وهكذا يريدك أن تقابل الشر بالخير وأن تحب العدو وتستطيع ذلك إن شاركته طبيعته الالهية .