كلمة الحق لها على الأقل 3 معاني: المعنى الأول الحق Truth بمعنى الصدق:
كما يقولون: "أقول الحق ولا أكذب".
المعنى الثاني الحق Human rights بمعنى حق الإنسان:
أي حق الإنسان الذي له أو الذي يجب له أو الذي ينبغي له أو الذي ينبغي أن يحصل عليه. ومن هنا أتت كلمة حقوق الإنسان. وجمعيات كثيرة تتكلم عن حقوق الإنسان. ومن هنا وجدنا أن الكلية الجامعية التي تتحدث عن القانون اسمها كلية الحقوق لأنها تتكلم عن حقوق الناس. وما لهم وما عليهم. وزمان كانت وزارة العدل اسمها وزارة الحقانية أيضاً من جهة الحق. وكلمة إنسان حقاني تعني إنسان عادل لا يظلم أحداً ويتكلم بالعدل ويقيم الحق. وهكذا في أي شاهد يشهد في المحكمة لا بد أن يقول أنه: "يتعهد بأنه يقول الحق كل الحق ولا شيء غير الحق."
المعنى الثالث للحق: الحق هو الله:
ولذلك في الإسلام يقال عن الله القدوس الحق السلام. وفي المسيحية ربنا يقول "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ" (إنجيل يوحنا 14: 6)، ولذلك الذي يُدافِع عن الحق يكون منضماً لله، ويدافع عن تعاليمه ووصاياه، ما دام الحق هو الله. والذي يدافع عن الحق يكون إلى جوار الله والله يدافع عنه ويعينه. والحق ضبطه المجتمع بقوانين لكي يحدد ما هي الحقوق وما هي الالتزامات. ووُجِدَت هيئات تدافع عن حقوق الإنسان، وأيضاً تدافع عن حقوق الدول.. ليس فقط حقوق الإنسان بينما أيضاً حقوق الدول. مثل حقوقنا نحن من جهة نصيبنا من ماء النيل، فهذا حق، حق للدولة وليس حق لفرد.
أنواع من الحقوق:-
حق الحياة
كل إنسان من حقه أن يحيا ولذلك نجد الكتاب المقدس يقول: "سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ" (سفر التكوين 9: 6). أي بيد القائمين على تنفيذ القانون.
الإجهاض وحق الحياة
وحق الحياة يدخلنا في مشكلة أخرى. فالذي يجهض جنين من بطن أمه. كأنه يمنع الحياة عن هذا الجنين الذي سيصير إنساناً ومن حقه أن يحيا. إلا إذا كان ولادة هذا الجنين تَتَسَبَّب في موت أمه تماماً. في هذه الحالة نفضل بين كائن موجود وكائن سوف يوجد.
الأكل والشرب يدخلان ضمن حق الحياة
من حق الحياة أيضاً أن يُضمن للإنسان حقه في الأكل والشرب لأن الأكل والشرب تتوقف عليهم الحياة أيضاً..
العلاج يدخل ضمن حق الحياة
ويجب أن يُضمن للإنسان أيضاً حقه في العلاج. لأنه إذا لم يعالج سيموت. وبخاصة علاج الأمراض المستعصية.. ولذلك أنا أحترم وأوقر "مستشفى علاج سرطان الأطفال" 57357، وقد زرت هذه المستشفى وألقيت كلمة فيها. وفيها أطباء فاضلين يعملون كل جهدهم لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان. لا يجوز أن المجتمع يترك إنساناً مريضاً ليموت دون علاج. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). من حقه أن يحيا ومن حقه أن يعالج. وهذا الأمر تدخل فيه الدولة من جهة، والأثرياء الذين ينفقون على علاج الفقراء من جهة أخرى. لأن هناك حالات عجيبة.. أحياناً عملية تحتاج 100 ألف جنيه، وعملية تحتاج لـ 500 ألف جنيه! فماذا يفعل الفقير؟ هل يموت؟ من حقه أن يعيش.
حق العبادة
ومن ضمن حقوق الإنسان أيضاً حق العبادة وحق التديُّن. لأنها صلة بين الله والإنسان لا يدخل فيها البشر.
حق الحرية
من حق الإنسان الحرية، ولكن الحرية يجب أن يكون لها ضوابط. فيكون للشخص كامل الحرية في كل شيء بحيث أنه لا يستخدم حريته في إيذاء الآخرين أو يكون ضد حقوق الآخرين. أنت حر كما تريد ولكن لا تستخدم حريتك في الإضرار بالآخرين أو الإضرار بالنظام العام أو إنسان يستخدم حريته بأية أساليب خاطئة. فمثلاً لا يجب أن يكسر شخص قواعد المرور كما يشاء ويقول عن ذلك: أنا حر! لا في هذه الحالة أنت لستُ حراً. كذلك لا يجب أن يقوم شخص بوضع يده في جيب شخص آخر ويقول عن ذلك: أنا حر أضع يدي أينما أريد! لا بالطبع أنت في هذه الحالة لست حراً. استخدم حريتك في نطاق القانون والنظام، وأيضاً استخدم حريتك في نطاق وصايا الله، ولا تقول: أنا حر أكسر أي وصية! لا أنت لست حراً في هذا.
حق التقاضي
من حقوق الإنسان أيضاً حق التقاضي وحق الدفاع عن النفس.
حرية الفكر وحرية التعبير
من حرية الإنسان أيضاً حرية الفكر وحرية التعبير بحيث لا يشوش أفكار الناس بفكره الخاص. مثل شخص ملحد يقول: أنا حر أعبر عن أفكاري الإلحادية. لا في هذه الحالة هو ليس حراً.
حرية العمل
من حقوق الإنسان أيضاً حرية العمل.
حرية الزواج
من حرية الإنسان أيضاً حرية الزواج. على شرط أن يتزوج بطريقة سليمة. أي لا يسير بطريقة خاطئة ويقول أنه يتزوج؟! فيتسبب في تعب النساء ويخرج عن القانون.
حق الفقير على المجتمع
فهناك من الحقوق حق الفقير على المجتمع. لأن الفقير ربما إذا لم يجد وسيلة لتغطية فقره يضطر إلى السرقة مثلاً. وهنا أتذكر عبارة جميلة لأحد الكُتّاب الروحيين حيث قال: "ليس المسروق بريئاً من جريمة السرقة".. فنحن نضع كل اللوم على السارق، ولكن المسروق أيضاً ليس بريئاً. لأن لو كان هذا المسروق يعطي من ماله لكل الذين حوله، ما كان أحد يسمح لنفسه بأن يسرقه. لذلك الفقير له حق على الدولة وعلى الأغنياء.
وفي مسألة الحق أريد أن أقول بعض الملاحظات:- · كل حق يقابله واجب كما إن لك حقوق على المجتمع وعلى الدولة، كذلك عليك واجبات نحو المجتمع ونحو الدولة؛ فالعامِل له الحق في أجر، وعليه واجب في الإنتاج.. ويمر الاثنان معاً. من حقك أن يعمل الوطن لأجلك. ومن واجبك أن تعمل من أجل الوطن.
· ينبغي أن يكون الحق في نطاق النظام العام.
· وهناك أيضاً حق أمام الله.
لذلك تعجبني كلمة داود النبي حينما قال: "أقع في يد الله ولا أقع في يد الناس لأن مراحم الله واسعة" (فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ) (سفر صموئيل الثاني 24: 14)، وتكررت أيضاً: "دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ" (سفر أخبار الأيام الأول 21: 13).
· السرعة في منح الحق:
لأن الإنسان المظلوم لا يحتمل طول المدة حتى يأخذ حقه. السرعة في منح الحق لازمة.
· نقطة أخرى هي يجب أن يكون الحق كاملاَ:
لذلك يقال في المحكمة: "أقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق".. ولذلك أيضاً نحن لا نقبل أنصاف الحقائق، والمثل يقول: "أنصاف الحقائق ليس فيها إنصاف للحقائق". مثل شخص لا يريد أن يصلي يقول: هناك آية تقول: "لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ"! بينما الآية تقول: "لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى" (سورة النساء 43)، فيحذف "وَأَنتُمْ سُكَارَى"! فهو يأخذ النصف الأول من الآية ويحذف النصف الآخر، وطبعاً هذا تلاعب غير جائز. أو مثلاً شخص يأتي للقاضي ويقول له: فلان هذا أضاع عين من عينيَّ. وفعلاً تكون أحد عينية ضائعة. ولكن القاضي لا يستطيع أن يحكم فوراً، فربما يكون الشخص الآخر طارت عيناه الاثنتان!! ولذلك أقول لكم قصة لطيفة حدثت: حيث وقف أحدهم أمام القاضي. فقال له القاضي: ماذا سرقت؟ فقال له: أبداً يا بيه، أنا رأيت حبلاً في الطريق فشديته ومشيت. فقال له القاضي: فقط حبل؟ فرد قائلاً: ولكن فقط كان في آخر الحبل ماعز. فهو أخذ نصف الحقيقة (التي هي الحبل) وترك النصف الثاني. أو كما يقول الناس على نصف الكوب الممتلئ. فالبعض يركز على نصف الكوب الفارغ، وآخرون يركزون على الجزء الملآن. المفروض أن الحق يكون كاملاً. أو مثل الورد والشوك هناك من يسرون بال التي رائحتها جميلة. وينسون الشوك. وأناس آخرون يركزون على الشوك فلا يستطيعوا التمتع بالورد. وأيضاً مثل النتيجة والسبب؛ فمثلاً من الممكن أن يقول أحدهم: لقد تم طردي من عملي. دون أن يذكر لماذا طُرِد من عمله. وهكذا يدخل الناس في مسألة التفاؤل والتشاؤم. نصف الحقيقة أننا نقول أن هناك مشاكل، والنصف الثاني أن نقول أن هناك الله الذي يحل المشاكل. نصف الحقيقة أن البعض يشكو ويقول ما لم تفعله الدولة من أجلنا. وينسى النصف الثاني الذي هو ما فعلته الدولة من أجلنا. فلا بد أن نأخذ الاثنين معاً. نصف الحقيقة أن يقال أن لائحة 38 تمثل شريعتنا، والنصف الثاني أن لائحة 38 غُيرت منذ سنتين، والنصف الثاني أن المحكمة الدستورية العليا حكمت أحكاماً ضد نصوص لائحة 38. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كما في المادة 139 والمادة 72. فلو كانت تمثل شريعتنا ما كان حدث هذا. نصف الحقيقة أننا نتكلم عن شريعة 38، والنصف الآخر أن هناك الإنجيل وقوانين الكنيسة. فكيف تكون مجرد اللائحة شريعتنا؟ وينسوا الإنجيل وينسوا تعاليم الكنيسة. هذا لا يُعْقَل. أخيراً أقول لكم أننا نثق تماماً في الرئيس مبارك كرئيس لجميع المصريين. والدولة برئاسة السيد الرئيس/ محمد حسني مبارك لم تتخلى إطلاقاً عن الأقباط بل تسندهم.