قيل إنهم كانوا سبعةَ إخوةٍ من بطنٍ واحد. وصار الجميعُ رهباناً بالإسقيط. فلما جاء البربر وخرَّبوا الإسقيط في أولِ دفعةٍ، انتقلوا من هناك وأتوْا إلى موضعٍ آخر يُدعى ابرين. فمكثوا هناك في بربا للأصنامِ أياماً قلائل. وحينئذ قال أنبا أيوب لأنبا بيمين: «لنسكت جميعُنا كلٌّ من ناحيتهِ، ولا يكلم أحدنُا الآخرَ البتة وذلك لمدةِ أسبوعٍ». فأجابه أنبا بيمين: «لنصنع كما أمرتَ»، ففعلوا كلُّهم كذلك. وكان في ذلك البيت صنمٌ من حجرٍ، فكان أنبا أيوب يقومُ في الغداةِ ويردم وجهَ الصنمِ بالترابِ، وعند المساءِ يقول للصنم: «اغفر لي». وهكذا كان يفعل طول الأسبوع. فلما انقضى الأسبوعُ قال أنبا بيمين لأنبا أيوب: «لقد رأيتُك يا أخي خلال هذا الأسبوع تقوم بالغداةِ وتردم وجه الصنم، وعند المساءِ تقول له: اغفر لي. أهكذا يفعلُ الرهبانُ»؟ فأجاب أنبا أيوب: «لما رأيتموني وقد ردمتُ وجهَه، هل غضب»؟ قال: «لا». فقال: «ولما تُبْتُ إليه هل قال: لا أغفر لك»؟ قال: «لا». فقال أنبا أيوب لإخوته: «ها نحن سبعةُ إخوةٍ، إن أردتم أن يسكنَ بعضُنا مع بعضٍ فلنصِر مثلَ هذا الصنم الذي لا يبالي بمجدٍ أو هوان، وإن لم تؤثروا أن تكونوا هكذا فها هي أربع طرقٍ أمامكم، وليذهب كلُّ واحدٍ حيثما شاء». فأجابه إخوته: «نحن لله ولك، ونحن مطيعون لما تشاء». فاختاروا أحدَهم ليهتمَ بالمائدةِ، وكلُّ ما كان يقدمُه لهم كانوا يأكلونه، ولم يقل أيُّ واحدٍ منهم: «أحضر شيئاً آخر». ولا قال أحدُهم: «لا نريد هذا أو لسنا نشتهي ذاك». وكان أنبا يعقوب يدبِّرهم في أعمالِ أيديهم. أما أنبا بيمين فقد كان معلِّماً لهم في طريقِ الفضيلةِ، وهكذا اجتازوا أيامَهم بسلامٍ. بركة صلواتهم تكون معنا، آمين.