فمضى كل واحد إلى بيته. أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون (يو7: 53؛ 8: 1)
إذا أردت يوماً أن تضع قواعد عامة تسري على جميع البشر بدون استثناء، فاذكر أن هناك شخصاً عجيباً وإنساناً كاملاً هو الرب يسوع المسيح.
فتستطيع أن تقول إن كل إنسان بالآثام وُلد، وبالخطية حبلت به أمه، « وأما الرب يسوع » فلم يعرف خطية ولم يوجد في فمه غش. تستطيع أن تقول إن كل البشر متغيرون ومتقلبون « أما الرب يسوع » فهو هو أمساً واليوم وإلى الأبد، ليس عنده تغيير ولا ظل دوران. تستطيع أن تقول أن للناس على العموم منازل يأوون إليها « وأما الرب يسوع: فلم يكن له أين يسند رأسه.
فريد هو الرب يسوع في كل ما هو جليل وعادل وطاهر ومُسرّ، وجامع لكل فضيلة ومدح، ومانع لكل معطل في سبيل خدمة الله وتمجيده.
مضى كل واحد إلى بيته. ولماذا؟ فإما لكي يستريح في بيته بعد بعض العناء، وإما لتناول بعض الطعام عند الجوع، وإما لرؤية الأهل والأقارب ....الخ. « أما الرب يسوع » فكان يختلف كل الاختلاف عنهم وعنا، فما كان يريد أن يعطي نفسه راحة لأنه كان يرى أن العمل كثير والوقت مقصِّر، فكان شعاره « ينبغي أن أعمل .... ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل » (يو9: 4). وما كان ربنا يسوع يهتم بطعام الجسد، إذ كان يرى أن هناك طعاماً أفضل، فكان شعاره « طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله » (يو4: 34) وما كان يضع كل عنايته في أهله وأقاربه لأنه كان يرى أن كثيرين يحتاجون إلى عنايته واهتمامه، فكان شعاره « إن مَنْ يصنع مشيئة أبي .... هو أخي وأختي وأمي » (مت12: 50).
لذلك مضى كل واحد إلى بيته، أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون. ولماذا؟ يقول البعض لأنه لم يكن له بيت خاص! صحيح كان يسوع فقيراً وما كان يستطيع بحسب ظاهر حالته أن يبني بيتاً، ولكن هل بقى الرب يسوع بلا بيت لأنه كان فقيراً؟ كلا. ولكنه بقى بلا بيت لأنه هو أراد أن يكون كذلك، وربما يأتينا سؤال آخر وبصورة أخرى: ولماذا أراد الرب يسوع أن يبقى بلا بيت يأوي إليه؟ والجواب: لأنه لم يكن لديه وقت فراغ يأوي فيه إلى بيت، بل لم يكن لديه وقت يصح أن يصرفه في إعداد بيت.