رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من جهة كيفيه حمل خطايانا وهو البار والذي لم يوجد في فمه مكر، وهو الذي قال [ من منكم يبكتني على خطية، فأن كنت أقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي ] (يوحنا 8: 46)، فأن بداية إعلان حَمل خطايانا كان في جثسيماني عندما صلى ثلاثة مرات بلجاجة أن يُعفيه الله الآب من شرب هذه الكأس [ يا أبتاه إن شئت أن تُجيز عني هذه الكأس ] (لوقا 22: 42؛ متى 26: 41 – 42)؛ وهنا يلزمنا أن نُلاحظ ونُدقق لكي نفهم عمل المسيح الرب الخلاصي بوضوح وبدقة شديدة، فهو لم يكن خائفاً من الموت أو في حالة جزع منه أو كارهاً للصليب، أو في صراع ما بين ان يقبل الصليب والآلام أم يرفضها، هذا لم يحدث إطلاقاً، لأن لأجل هذا أتى: + وفي الغد نظر يوحنا يسوع مُقبلاً إليه فقال: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم"؛ الآن نفسي قد اضطربت، وماذا أقول أيها الآب "نجني من هذه الساعة، ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة" (يوحنا 1: 29؛ 12: 27)فأن المسيح الرب القدوس، بسبب حمله خطايانا الشنيعة كلها يعود فوق الصليب على مرأى ومسمع من الجميع يصرخ قائلاً بجملة دوخت مُعظم الشراح لأنهم لم يفهموها في إطار تقدمة ذبيحة الخطية، وكثيرين انجرفوا بالشرح بعيداً عن المعنى إذ قال: [ إلهي إلهي لماذا تركتني ] (متى 27: 46) وهنا فقط يتضح جداً آية جثماني ومعناها الحقيقي [ نجني من هذه الساعة ]، وهذا لأنه وقف ضمنياً موقف الخطاة (وليس موقفه الشخصي) وهو [ الذي لم يعرف خطية (مُطلقاً) صار خطية لأجلنا ] (2كورنثوس 5: 21)، أو بمعنى أوضح وأدق أنه صار: [ ذبيحة خطية لأجلنا ] ومن المعروف جيداً لدينا بيقين أن الله لا يرى الخطية أو يتعامل معها لا من قريب ولا من بعيد، لأن الظُلمة يستحيل جمعها مع النور قط، ومن أجل ذلك أحتجب وجه الآب (بصورة ما) عن المسيح وهو في الجسد حامل الخطية، ولا نستطيع أن نُدرك الطريقة التي حجب بها وجهه أو نفهمها لأنها سرّ صنعه المسيح الرب بإخلائه العجيب للغاية، مع أنه ظل بار وقدوس (مطلق القداسة والبرّ) لا يعرف الخطية قط من جهة الخبرة إطلاقاً، وطبعاً لن نعود نكرر أن المسيح الرب ليس هو الخطية بل الحامل الخطية، ولم يُحجب وجه الآب عنه بمفهومنا نحن لأنه معه واحد في الجوهر ومستحيل ينفصل عنه قط، حتى لو ظهر وكأنه منفصل بسبب التجسد لكنه ظل قائماً معه بطريقة نعجز تماماً عن إدراكها واستيعابها لأنه لا يوجد ما يُشبهها قط، وهي تحتاج لبصيرة بالروح القدس لنُشاهد ونُعاين بلا فحص أو شرح، لكنه إعلان إلهي فائق لا يُمكن إدراكه أو وضعه بصورة شرح وتفاصيل، كما حاول البعض فخرجوا بهرطقات وشروحات غريبة شقت الكنيسة وأفسدت الأذهان عن الحق... ولذلك – بعد هذا الشرح الموجز – لن نعود نستغرب أو نتعجب من تعبير الرب مُخلصنا الصالح الذي عَبَّرَ عن شناعة هذا الوجه من الصليب، ذبيحة الخطية، وذلك بقوله: [ إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ]، مع أننا سمعناه في الذبيحة السابقة (ذبيحة المحرقة) وهو في صورة الابن البار الطائع الآب حتى الموت إذ قال: [ الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها ]، إذاً ففي الصليب عملان متداخلان يظهران وكأنهما متعارضان مع بعضهما البعض لمن لم يفهم معاني الذبائح في العهد القديم، وانها إشارة لعمل المسيح الخلاصي، فلم يَدَعْ الطقس في القديم محلاً لتعارُض ولا لاعتراض؛ فالمسيح الرب أكمل على الصليب ذبيحتين معاً في نفس ذات الوقت عينه، ذبيحة محرقة للرضا والسرور، وذبيحة خطية ولعنة لا يوجد فيها أي مسرة بل ألم وأوجاع لا تنتهي، هي في الحقيقة أوجاعي وأوجعاك أيها القارئ العزيز بل والبشرية كلها أيضاً بلا استثناء.وكان من اللائق به جداً أن يفرح بالصليب ويُقبل إليه كعلامة طاعة وإظهار برّ البنوة المُطلق الذي له، كما كان يليق أيضاً – وبالضرورة – أن يرتعب ويفزع منه كخشبة عار وعلامة لعنة بسبب الخطية التي لا يعرفها ولا يحتملها إطلاقاً، فهو يحمل الخطايا التي منها التجديف والزنا والشذوذ والعداوة والقتل والبُغضة وغيرها من الخطايا الشنيعة التي ارتكبها الإنسان في تاريخه المؤلم، ولو حملها لا يستطيع أن يقف أمام الآب، لأن الله لا يستطيع أن يتعامل مع الخطية أو ينظرها، وأفظع شيء هو حجب وجه الله عن أحد، فكم يكون ابنه الوحيد الذي معه واحد بلا افتراق!!! ليتنا نفهم: • إلى متى يا رب تنســـاني كل النسيان إلى متى تحجب وجهك عني (مزمور 13: 1)فأن كان الإنسان بهذه الحال حينما يجد أن وجه الله محجوب عنه، فكيف الحال وابن الله الحي لا ينظر إليه الآب من جهة انه ذبيحة خطية واقف مكاننا نحن البشرّ وهو يحمل خطايانا البشعة، فكيف له أن يُحسب مجدفاً، كيف يُجدف على الله أبيه الذي هو معه واحد في الجوهر، وكيف للمسيح البار الذي لا يوجد في فمه مكر أو يحمل غش ولا شبه خطية حتى أنهُ يلقب كخاطئ ويحمل خطايانا فعلاً بكل جُرمها الشنيع على الصليب، كيف له أن يقف كمتعدٍ وخاطئ أمام الآب، فيتم حجب وجه الآب عنه كنوع من الدينونة الذي اجتازها لحسابنا نحن، وهو يرتضي بهذا كله قائلاً [ لتكن مشيئتك لا مشيئتي ] وهو يظهر سرّ إخلائه العجيب في صورة عبد منتظراً أن يُتمم مشيئة الآب التي هي مشيئته أيضاً، حاملاً خطايا كل الإنسانية بلا استثناء في جسده، وهذا كله لأجلنا نحن، ونحن لا نشعر بقيمة عمله العظيم جداً، ونأخذه كثيراً في منتهى الاستهانة ونعود نُخطئ ببلادة حس بدون أن نعود إليه مُلقين كل حياتنا بالتمام على شخصه القدوس البار. + والآن علينا أن نُركز مدققين جداً لكي لا ننجرف عن المعنى بعيداً ويظن أحد ظن على خلاف مكانه الصحيح، لذلك نكرر مراراً وتكراراً، أن شخص ربنا يسوع واحد مع الآب في الجوهر، وهو من جهة لاهوته في حالة وحدة واتحاد مُطلق بلا افتراق قط مع الآب والروح القدس، وكل أعماله وهو في حالة الإخلاء تتناسب مع وضعه كوسيط مُخلِّص: [ لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائرا في شبه الناس، وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب ] (فيلبي 2: 7، 8)، ففي كل أعماله الخلاصية وأفعاله هو يعملها بكونه حمل الله رافع خطية العالم، وهو واقف موقفنا نحن لا موقف ذاته هوَّ، فالرب وهو في الجسد في حالة إخلاء من مجده ليقف موقف الإنسانية المُتعبة الشقية ليُدين الخطية في الجسد على الصليب وينهي على إنسانيتنا العتيقة الفاسدة في نفس ذات الجسد الذي اتخذه منا لكي يُعطينا فيه بره الخاص ويُلبسنا مجده كما سوف نرى في باقي شرح الموضوع. ________________ملحوظـــــة________________ هذا الجزء من موضوع كتاب الذبائح (من الكتاب الثالث: ذبيحة الخطية) تم وضعه بعد التعديل وتم وضع هذا الجزء على الأخص بسبب تكرار هذا السؤال لدى الكثيرين |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما تفعله خطايانا اليومية في شخص الرب يسوع |
قبل السيد المسيح أن يحمل عار خطايانا فى جسده |
بدم يسوع المسيح طهرنا من خطايانا |
كيف يسوع البار يحمل خطايا الأشرار |
يسوع يحمل خطايانا: من مزمور ٣٨ |