منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 09 - 2015, 05:08 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

مثل الزارع

مثل الزرع و الزارع

من المعتاد، أن نكرر الأمر أكثر من مرة حينما نريد تأكيده. وبالمثل، فعلى الرغم من أهمية كل شيء في الكتاب المقدس، إلا أن الأهمية الخاصة لأمر ما تتضح عندما يتكرر أكثر من مرة، فيجب مراعاة الانتباه الخاص له. واحدة من تلك الفقرات التي تكررت كثيراً، هي تلك الخاصة بمثل الزارع. وحقاً، فكما يتضح من الروايات الأربع المتحدثة عن حياة يسوع المسيح، فقد تكرر هذا المثل ثلاث مرات. فلنختبره إذاً، وندرس الشيء ذو الأهمية الخاصة والذي يريد الله أن يعلمنا إياه من خلاله.
1. المثل

سُجِّل مثل الزارع في: متَّى 13: 1- 8 وفي مرقس 4: 1- 9 و في لوقا 8: 4- 8. فنقرأ بدءاً من تسجيل لوقا:
لوقا 8: 4- 8
" فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ بِمَثَل: "خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ. وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ، فَلَمَّا نَبَتَ جَفَّ لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ رُطُوبَةٌ. وَسَقَطَ آخَرُ فِي وَسْطِ الشَّوْكِ، فَنَبَتَ مَعَهُ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ. وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ، فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَرًا مِئَةَ ضِعْفٍ". قَالَ هذَا وَنَادَى:"مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!"."

لم يكن التوقيت الذي اختاره يسوع ليقول هذا المثل من قبيل الصدفة. حقاً، كما تقول لنا الآية الرابعة: " فَلَمَّا اجْتَمَعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ، قَالَ [عندما رأى هذا الجمع آتياً إليه] بِمَثَل..." قال يسوع هذا المثل عندما جاء إليه جمع كثير ليسمعوا كلمة الله. وكما سنرى، يتحدث هذا المثل عن سماع الكلمة. ومن ثم، فقد أراد يسوع بقوله هذا المثل، أن يجعل كل الذين أتوا إليه لسماع الكلمة، أن يدركوا الخيارات المتاحة.
2. " عَلَى الطَّرِيقِ "

يتبين بالنظر إلى الفقرة السابقة من لوقا أن المثل يتحدث عن بذرة سقطت على أربع أنواع مختلفة من الأراضي، فسقطت الأولى " عَلَى الطَّرِيقِ ". وكما تخبرنا لوقا 8: 5 قائلة:
لوقا 8: 5
" "خَرَجَ الزَّارِعُ لِيَزْرَعَ زَرْعَهُ. وَفِيمَا هُوَ يَزْرَعُ سَقَطَ بَعْضٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانْدَاسَ وَأَكَلَتْهُ طُيُورُ السَّمَاءِ."

سقطت بعض البذار " عَلَى الطَّرِيقِ " ومن ثم، لم تنبت ولم تعطي ثمر بل انداست وأكلتها الطيور.
هذا الجزء من المثل معطى شرحه لاحقاً بعد بضع آيات. ومن ثم، نقرأ في لوقا 8: 11- 12
لوقا 8: 11- 12
" وَهذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ، وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا."

وكذلك، تشرح لنا متَّى 13: 19 نفس الجزء فتقول:
" كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ. هذَا هُوَ الْمَزْرُوعُ عَلَى الطَّرِيقِ."

وفقاً للفقرة السابقة، فالزرع المزروع هو كلام الله أو " كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ". ومع ذلك، فهذه الكلمة، لا تعطي نفس النتيجة في كل مكان، إذ أن إثمارها يعتمد على نوع الأرض التي تسقط عليها. وواحدة من بين أنواع الأرض المحتملة هو " عَلَى الطَّرِيقِ "، والذي، وفقاً لتفسير المثل، هم كل من يسمع كلمة الله " وَلاَ يَفْهَمُ". ما تعنيه جملة " وَلاَ يَفْهَمُ" هو شيء سنعرفه من خلال السياق. وحقاً، فالكلمة اليونانية المترجمة بمعنى "يفهم" في الفقرة السابقة هو فعل "suniemi" المستخدم ست مرات في متَّى 13، 5 وهو الجزء المتعلق بمَثَلِنا. ومن ثم، تقول لنا متى 13: 13- 15
متَّى 13: 13- 15
" مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ [باليونانية: suniemi]. فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ [في من هم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون] نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ [باليونانية: suniemi]، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. لأَنَّ [هذا هو السبب الذي لأجله صاروا لا يفهمون على الرغم من قدرتهم على السمع] قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا [باليونانية: suniemi] بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ."

بينما يسمع الإنسان كلمة الله بالأذن، يفهمها بالقلب (لب العقل). إذاً، فالمغزى من مثل الزارع، ليس هو الفهم العقلي البسيط للكلمة. بل إنه بالأحرى فهماً وقبولاً لكلمة الله بالقلب، أو لب العقل. ولهذا السبب، تعتمد ثمار الكلمة على الأرض، التي هي قلوب هؤلاء من يسمعونها، أي أنها تعطي نتائج مختلفة في القلوب ذات الجودة المختلفة. عندما يقسى القلب، فكأنما سقطت بذار الكلمة على الطريق. فلن تنمو وبالتالي لن تعطي أي ثمر. كما تخبرنا كورنثوس الثانية 4: 3- 4 وأفسس 4: 17- 19
كورنثوس الثانية 4: 3- 4
" وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ." وكذلك،

أفسس 4: 17- 19
" فَأَقُولُ هذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ: أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. اَلَّذِينَ ­إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ­ أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ."

يبدو كلام الله " مَكْتُومٌ" لبعض الناس الذين لا يقدرون على فهمه، ليس بسبب صعوبة الكلمة على الفهم، بل لأن قلوبهم قاسية، وصلبة فلا تسمح بنمو بذار الكلمة.
أما الآن، فبخصوص الكلمة اليونانية المترجمة في الفقرة السابقة من أفسس إلى "غلاظة" هي الكلمة "porosis" والتي تعني "قساوة". إنها نفس الكلمة المستخدمة في مرقس 3: 5 لوصف الفريسيين، وهم مجموعة مميزة من الناس والذين اضطهدوا يسوع.
مرقس 3: 5
" فَنَظَرَ [يسوع المسيح] حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ [إلة الفريسيين (أنظر مرقس 2: 24)] بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ [باليونانية: porosis- قساوة] قُلُوبِهِمْ."

كان الرب يسوع المسيح، ابن الله، موجود أمام الفريسيين!! فقد سمعوا ورأوا أعظم معلم، أعظم رجل مر من على وجه الأرض. ومع ذلك، لم يؤمنوا به. وما هو السبب؟ السبب هو قساوة قلوبهم، أي أنها كانت صلبة جداً ومن ثم غير ملائمة لاستقبال ونمو الكلمة فيها. لم تكن البذار، أو الكلمة هي الفاسدة، بل الأرض أو قلوبهم هي ما كانت قاسية.
3. "َسَقَطَ آخَرُ عَلَى الصَّخْرِ"

بعدما رأينا النوع الأول من الأرض التي تسقط عليها كلمة الله، سننتقل الآن إلى النوع الثاني. فتخبرنا متَّى 13: 5- 6 عن ذلك قائلة:
متَّى 13: 5- 6
" وَسَقَطَ آخَرُ [يقصد البذار] عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ تُرْبَةٌ كَثِيرَةٌ، فَنَبَتَ حَالاً إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُمْقُ أَرْضٍ. وَلكِنْ لَمَّا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ احْتَرَقَ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ جَفَّ."

تستطيع البذار أن تنبت في أنواع متعددة من الأرض، ومع ذلك، لن تعيش وتعطي ثمر في جميعها. فالارض الصلبة هي واحدة من تلك الأنواع من الأراضي التي حيث تقع عليها البذار، وعلى الرغم من إنباتها في البداية، إلا أنها ستموت في النهاية. والسبب في عدم قدرة عيش البذار هناك، هو لأن الصخر يمنعها من مد جذورها عميقاً، الشيء الذي يلزمها لتجد الرطوبة. ومن ثم، تجف عند هبوب أول ريح عليها.
نقرأ في مرقس شرح هذا الجزء من المثل:
مرقس 4: 16- 17
" وَهؤُلاَءِ كَذلِكَ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا عَلَى الأَمَاكِنِ الْمُحْجِرَةِ: الَّذِينَ حِينَمَا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ يَقْبَلُونَهَا لِلْوَقْتِ بِفَرَحٍ، وَلكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فِي ذَوَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ إِلَى حِينٍ. فَبَعْدَ ذلِكَ إِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ، فَلِلْوَقْتِ يَعْثُرُونَ."

وكما هو واضح، فالصخر هو من يسمعون الكلمة، يستقبلونها على الفور وبفرح في الحقيقة. ومع ذلك، فهذا لا يستمر طويلاً، لأنه عندما يحدث ضيق واضطهاد، يعثر هؤلاء الناس على الفور أيضاً. وكما هو واضح، فالمشكلة التي تسببت في تعثرهم أخيراً هو لأنهم ضعفاء كثيراً في الضيق والاضطهاد. ومن ثم، يعثرون على الفور حينما يجلب الشرير مثل هذه الأشياء ضدهم. ولم يكن سبب سقوطهم هو عدم تحملهم الضيق لشدته، لأن كورنثوس الثانية 4: 17 وكورنثوس الأولى 10: 12- 13 ورسالة بطرس الأولى 5: 10 تخبرنا أن الضيق سيكون هين وبالطبع لن يكون فوق قدرتنا على تحمله (كورنثوس الأولى 10: 12- 13). بل إن ذلك يحدث لأنهم غير مستعدين لإظهار حتى ولو أقل مقاومة ضد إبليس (إنهم يعثرون للوقت كما تقول الآيات). وكما تخبرنا يعقوب 4: 7
يعقوب 4: 7
" فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ [نتيجة لمقاومتكم له]."

كذلك توصينا بطرس الأولى 5: 8- 9 قائلة:
" اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ."

لن يجري إبليس بعيداً عنا إن لم نقاومه. بل على النقيض، فهو يبتلع كل من لا يقاومه. هذه الفئة الثانية من الناس تنتمي أيضاً إلى الفئة الثانية من فرائس إبليس المحتملة. فيسقطون على الفور فريسة سهلة لإبليس عند مجيئه بالضيقات. فتكون بدايتهم صالحة ولكن نهايتهم سيئة مع الأسف.
4. النوع الثالث

بعدما درسنا أول نوعين من الناس، فلننتقل الآن إلى النوع الثالث. فتخبرنا مرقس 4: 7 قائلة:
مرقس 4: 7
" وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ، فَطَلَعَ الشَّوْكُ وَخَنَقَهُ فَلَمْ يُعْطِ ثَمَرًا."

النوع الثالث من الارض التي تسقط عليها البذار، هي الأرض الشائكة. فتختنق البذرة التي تسقط في هذه الأرض ولا تعطي ثمراً. سننتقل إلى مرقس 4: 18- 19حتى نفهم المقصود من هذا الجزء من المثل، فنقرأ:
"وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ زُرِعُوا بَيْنَ الشَّوْكِ: هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ، وَهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ تَدْخُلُ وَتَخْنُقُ الْكَلِمَةَ فَتَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ."
ومع الأسف، فهذا النوع من الناس معضل أيضاً. ومشكلة هذا النوع هي حفظهم لكلمة الله في قلوبهم مع أشياء أخرى مثل "َهُمُومُ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى وَشَهَوَاتُ سَائِرِ الأَشْيَاءِ". فتصير هذه الأشياء في النهاية أشواكاً تخنق الكلمة وتجعلها بلا ثمر. فيقول يسوع المسيح على نقيض ما يفعله الناس المنتمين لهذا النوع:
متَّى 6: 25- 34
" "لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟ وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟ فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ."

يأتي ملكوت الله وبره في المرتبة الأولى، ثم تأتي بعده سائر الأشياء. هذه كلها ستزاد لنا إن طبقنا هذا المبدأ. ومع ذلك، فإن لم نطبقه بل وضعنا الهموم وسائر الأشياء في المرتبة الأولى، إذاً فكل هذه ستخنق الكلمة وتجعلها مجدبة.
ويعد خيط هموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الاشياء موضوع خطير للغاية. ونحن نتعامل مع هذا الموضوع بشكل منفصل في مقال :"مثل الزارع: " وَسَقَطَ آخَرُ فِي الشَّوْكِ".
5. "وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ"

اختبرنا حتى الآن ثلاث أنواع من الأرض التي تسقط عليها بذار الكلمة. ومع الأسف، لم تقدر ولا واحدة منها على جعل هذه البذار مثمرة. ومن ثم، فالنوع الأول من الأرض، " عَلَى الطَّرِيقِ "، كان صلب جداً لدرجة أن البذار لم تقدر حتى على الإنبات. كذلك النوع الثاني كان صخراً لا يسمح للبذار بمد جذورها عميقاً. وفي الأخير، كان النوع الثالث شائكاً، خانقاً للبذار ومجدباً إياها. وبعدما رأينا ثلاث فئات مجدبين، حان الوقت الآن لمعرفة شكل الأرض الصالحة المثمرة. فتخبرنا متَّى 13: 8 عن هذا قائلة:
متى 13: 8
" وَسَقَطَ آخَرُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَأَعْطَى ثَمَرًا، بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ."

وها هو الشرح معطى في متَّى 13: 23
" وَأَمَّا الْمَزْرُوعُ عَلَى الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ فَهُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ [المعنى اليوناني:suniemi]. وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً وَآخَرُ سِتِّينَ وَآخَرُ ثَلاَثِينَ"."

لم تسقط البذار هذه المرة على الطريق أو على الصخر أو في الشوك، بل سقطت على الأرض الصالحة، في قلوب الذين يسمعون الكلمة ويفهمونها [المعنى اليوناني: suniemi]. كما تشرح لوقا 8: 15 معنى كلمة "يَفْهَمُ" قائلة:
لوقا 8: 15
" وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ."

وكما قد نتذكر، لم يقدر النوع الأول من الناس على "فهم" أو استقبال الكلمة بسبب قساوة قلوبهم وصلابتها. وعلى النقيض، فالناس من النوع المثمر يفهمون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح. يمتلك هذا النوع من الناس ما افتقدته الأنواع الأخرى. ومن ثم، فعلى الرغم من أن قلوب الناس من النوع الأول قاسية، إلا أن القلوب هنا جيدة وصالحة. وكذلك، فعلى الرغم من أن الناس من النوع الثاني لم تكن لديها القدرة على الاحتمال وإنما كانوا يعثرون مع أول ظهور للضيق، إلا أن الناس هنا لا يستسلمون، فهم صابرون ("وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ" كما يقول النص). وأخيراً، فعلى الرغم من أن كلمة الله قد خنقت بالعديد من الهموم والشهوات التي يضعها الناس من النوع الثالث في المرتبة الأولى، إلا أنها حفظت هنا في قلوب هؤلاء الناس، ولا تفقد مكانتها لأجل أي شيء آخر. هذا هو النوع المثمر. وكما قال المسيح في يوحنا 15:
يوحنا 15: 1- 2، 4- 5، 8، 16
" "أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ.... اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.... بِهذَا يَتَمَجَّدُ أَبِي: أَنْ تَأْتُوا بِثَمَرٍ كَثِيرٍ فَتَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.... لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي."

ينقي الله كل غصن مثمر ليأتي بثمر أكثر. فكلما أثمر الإنسان، كلما تمجد الله.
6. نستخلص من هذا:

نستخلص من ذلك إذاً: قد تقال كلمة الله لأنواع متعددة من الناس. ومع هذا، تختلف النتائج باختلاف جودة القلوب التي تسمع كلمة الله. ومن ثم، سيرفضها البعض، بينما يقبلها آخرون حتى أول اضطهاد وسيقبلها آخرون ولكن سيضعونها في النهاية بالمرتبة الأخيرة واضعين قبلها الأشياء الأخرى (الهموم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء)، وأخيراً سيحفظها آخرون في قلوب جيدة وصالحة فتثمر أكثر. لهذا السبب، قال يسوع في (لوقا 8: 18) بعدما أنهى تفسير المثل " فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْمَعُونَ". لا يكفي أن نسمع الكلمة، بل أيضاً كيف نسمعها، لأنه قد يسمع العديدين الكلمة ولكن سيثمر فقط هؤلاء من يسمعونها ويحفظونها في قلب جيد صالح. لعلنا نصير جميعنا من هذا النوع ونبقى هكذا.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
سنة الزرع
الزارع نفسه حيث يقوم دوره في الزرع في البداية والحصاد في النهاية
مثل الزارع ( خرج الزارع ليزرع زرعه )
الصرع؟؟
الصرع


الساعة الآن 01:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024