رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمـثـال فـي مـقـارنـات ورد هذا المثل في الإنجيل هكذا ” قدم لهم مثلاً آخر قائلاً : يشبه ملكوت السموات إنساناً زرع زرعاً جيداً في حقله. وفيما الناس نيام، جاء عدوه وزرع زؤاناً في وسط الحنطة ومضى. فلما طلع النبات وصنع ثمراً، حينئذ ظهر الزؤان أيضاً. فجاء عبيد رب البيت وقالوا له : يا سيد، أليس زرعاً جيداً زرعت في حقلك، فمن أين له الزؤان ؟! فقال لهم إنسان عدو فعل هذا فقال له العبيد أتريد أن نذهب ونجمعه فقال لا لئلا تقلعوا الحنطة مع الزوان وأنتم تجمعوه. دعوهما ينميان كلاهما معاً إلى يوم الحصاد، وفي وقت الحصاد أقول للحصادين: أجمعوا أولاً الزؤان واحزموه ليحرق. وأما الحنطة فاجمعوها إلى مخازني” (مت 13). + إن الله يا أخوتي هو أول زارع زرع في الأرض .وأول زرع له هو الجنة التي وضع آدم فيها. وآدم نفسه كان زرعاً جيداً حينما خلقه الله، قبل أن يلقى الشيطان فيه زؤاناً . والحقل في هذا المثل يرمز إلى العالم أو إلى الكنيسة :الله دائماً يزرع زرعاً جيداً، وأول زرع له في الكنيسة كان الآباء الرسل، وجميع تلاميذه القديسين، والكنيسة الأولى التي كانت مملوءة من الإيمان وعمل الروح القدس، وكان الزرع نامياً بقوة، فانتشر الإيمان في العالم كله…ثم دخل الزؤان وسط الحنطة، وظهر أولاً في يهوذا. إن الزرع الجيد هو الأصل، والشر دخيل على العالم.الله لا يزرع إلا الزرع الجيد. وهكذا يروى سفر التكوين عن قصة الخليقة: “ورأى الله كله ما عمله، فإذا هو حسن جداً ” (تك 1 : 31). فما هي إذن قصة الزؤان ؟ وكيف بدأ ؟ الــزؤان : بدأ الزؤان في البشرية، حينما ألقى الشيطان في أبوينا الأولين فكرة رديئة. قال لهما: لن تموتا. بل الله عالم أنكما يوم تأكلان من الشجرة، تصيران مثل الله…” (تك 3 : 4 ، 5). وهكذا دخلت الخطية إلى العالم ، وتوارثنا الخطية، وبالخطية الموت.على أني أريد أن أقول إن الزؤان وإن كان قد بدأ على الأرض في الجنة، فقد بدأ قبل ذلك في السماء بدأ الزؤان في السماء بسقوط الشيطان والزؤان عشب يشبه الحنطة تماماً، بحيث يصعب التفريق بينهما في بادئ الأمر، ولكنه عشب ضار. ولعل هذا يذكرنا بقول الرسول إن “الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور. فليس عظيماً إن كان خدّامه أيضاً يغيرون شكلهم كخدام للبر” (2كو 11: 14 ،15). لذلك ينخدع البعض بالزؤان، فيظنونه حنطة .أو فيما هم يخلعونه من الأرض، يخلعون الحنطة معه، بسبب التشابه. المشكلة هي وجود الزؤان وسط الحنطة، أي داخل الكنيسة : كما كان يهوذا وسط الرسل الإثنى عشر، لا يفرقه أحد عن بطرس ويعقوب ويوحنا! بل كان الصندوق معه. الزؤان يبدأ بشكل الحنطة، ولا يفترق عنها إلا وقت النضوج .فتظهر الحنطة بسنابل مملوءة بالقمح،ولا يكون الزوان كذلك. لذلك قال الرب : اتركوهما ينميان معاً إلى يوم الحصاد، أي إلى نهاية العالم كما شرح (مت 13 :39). والزؤان الذي داخل الكنيسة، قال عنه الرسول “أخوة كذبة” (2 كو 11 :26). وتحدث الكتاب أيضاً عن “أنبياء كذبة”. وقال الرب لملاك كنيسة أفسس “جربت القائلين إنهم رسل وليسوا رسلاً ، فوجدتهم كاذبين ” (رؤ 2 : 2). لاشك أن الأخوة الكذبة يظهرون كأنهم أعضاء حقيقيون في الكنيسة .وتقاسى الكنيسة منهم والأخوة الكذبة قد يظهرون وعليهم مسحة من القداسة ” يأتون بثياب الحملان وهم ذئاب خاطفة (مت 7 : 15). وقد تبدو عليهم غيرة مقدسة لأجل الحق، كما كان يظهر الفريسيون مدققين في تنفيذ الشريعة وحريصين على حفظ السبت!! يجلسون على كرسي موسى مفسرين الشريعة، ولعلة يطبلون صلواتهم (مت 23: 1) إن كان الزؤان هكذا، فما هي الحنطة إذن ؟ الحنطـــة : الحنطة هي الزرع الإلهي، هي القمح، ومنها الخبز الذي هو لازم للحياة.ترمز إلى السيد الرب الذي قال ” أنا هو خبز الحياة ” (يو 6 : 48).وقد شبه السيد نفسه بحبة الحنطة. فقال عن موته وفدائه للناس: “الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير” (يو12: 24). حبة الحنطة بيضاء من الداخل تمثل النقاوة الداخلية.ونبات الحنطة يتغير شكله من الخارج كلما ينمو وينضج. ففي بدايته يكون نباتاً أخضر، ثم يصفر كالذهب ويبيض بنضوجه. كما قال الرب “ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول: إنها ابيضت للحصاد “(يو 4 : 35). ولعل هذا التغيير في اللون يذكرنا بقول الرسول “تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم” (رو 12: 2).أيضاً حينما تمتلىء السنابل قمحاً، فإنها تنحني، رمزاً إلى تواضع الشخص الروحي كلما يمتلىء من النعمة وحمل الفضيلة.ولكي تصير الحنطة خبزاً وطعاماً لتغذية الناس، فإنها تطحن وتسحق وتغربل وتنخل، رمزاً للآلام التي يتحملها المؤمن في عمله الروحي.لا ننسى أيضاً أن الحنطة تزرع في الشتاء. وتحتمل برده ومطره ، إلى أن تنضج في أوائل الربيع، رمزاً أيضاً لتحمل الألم في الطريق إلى النمو. والناس نيـــام : قال الرب في مثله “وفيما الناس نيام، جاء عدو وزرع زواناً في وسط الحنطة ومضى” (مت13: 25). فعل العدو ذلك، في الخفاء، في الظلمة، أثناء نوم الناس، وهذا يرينا أن أعمال الشر تعمل دائماً خفية في الظلام. وهكذا قيل عن الأشرار إنهم “أحبوا الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة” (يو 3 : 19) ليست لهم جرأة على العمل في الدور والصحو. أما الرب في زرعه للحنطة، فإنه زرعها علانية وفي النهار. الشيطان زرع الزؤان والناس نيام، أي في غفلة منهم.وهذا بلا شك درس لنا، لكي نكون باستمرار في سهر وصحو. يذكرنا هذا بما ورد في قصة الميلاد عن الرعاة الذين ظهر لهم الملائكة. إن هؤلاء الرعاة كانوا “يحرسون حراسات الليل على رعيتهم” (لو 2 :8) حرصاً عليها من عدو يفترسها عدو زرع ومضــى: العدو الذي زرع الزؤان هو الشيطان، وله أعوان وصفه القديس بطرس الرسول أيضاً بأنه عدو. وذلك بقوله “أصحوا واسهروا، لأن إبليس خصمكم (عدوكم) يجول كأسد يزأر، ملتمساً من يبتلعه هو ” (1بط5 :8). وعبارة “أصحوا واسهروا” تذكرنا بأن هذا العدو يعمل “والناس نيام” … أما قول الكتاب إنه زرع الزوان ومضى، فليس معناها أنه انتهى من عمله. بل أنه مضى ليعمل شراً آخر. في مكان آخر.أو إنه مضى ليأتي بعد حين. وهكذا قيل في آخر التجربة على الجبل “ولما أكمل إبليس كل تجربة، فارقه إلى حين ” (لو 4 :13).الشيطان دائم العمل، لا يهدأ . جعبته مملوءة زؤاناً يحمله من مكان إلى آخر، ومن شخص إلى آخر. يلقى زؤانه باستمرار وسط الحنطة. ويمضي لكي لا يظهر واضحاً. قد لا نراه وهو يعمل، ولكن نرى نتائج عمله… مثل ميكروب لا نراه وهو يدخل الجسم، ولكننا ندرك مقدار الضرر الذي يحدثه. إنه يزرع زؤاناً، يشبه شكل الحنطة، فيلتبس الأمر علينا. الشيطان – وهو عدو – قد يتكلم من فم صديق : مثلما فعل مع القديس بطرس الرسول. وذلك حينما أظهر الرب لتلاميذه “أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم، ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وفي اليوم يقوم “فأخذه بطرس إليه، وابتدأ ينتهزه قائلاً : حاشاك يارب. لايكون لك هذا” (مت 16: 21، 22). وكأنه يمنعه عن طريق الصليب والفداء وخلاص البشرية!! وهذه فكرة شيطانية قالها ولايفهم معناها. لذلك قال له الرب “اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي. لأنك لاتهتم بما لله، لكن بما للناس” (مت 16: 23).محبة بطرس التي هي حنطة، ألقى الشيطان فيها زؤاناً، بفكرة تأخذ مظهر الحب والحرص على حياة المعلم، بينما هي زؤان يحمل منعه عن عمل الفداء والخلاص! عجيب هو الشيطان، جريء ولا يخجل . يلقي زؤاناً حتى في محبة رسول عظيم كبطرس! غيرة خاطئــة : في غيرة صادقة، قال عبيد زارع الحنطة: أتريد أن نذهب ونجمع الزؤان ؟ أي ننزعه من الأرض (مت 13: 8). فقال لهم لا لئلا تقلعوا الحنطة مع الزؤان وأنتم تجمعونه ! هؤلاء الخدّام يذكروننا بقول القديس بولس الرسول “أشهد أن لهم غيرة لله، ولكن ليس حسب المعرفة” (رو 10- 2). حقاً، إن بعض الخدام فيما يخلعون الزؤان، خلعوا الحنطة معه.والبعض فيما يخلعون الزؤان ، أو مايظنونه زؤاناً، صاروا هم زواناً !البعض في غيرتهم (للإصلاح!)، يتهمون غيرهم، وقد يدينون ويشهرون ويملأن الدنيا صياحاً، قائلين : الزؤان الزؤان، هلمّ نتحد لنخلع الزؤان معاً ت! وفي كل هذا ربما يعثرون الأبرياء والبسطاء. وهم أنفسهم يفقدون نقاوة قلوبهم، وقد تمتلىء مشاعرهم بالكبرياء والحقد… وفي كل هذا يشبهون الزوان تماماً ! أليست هذه هي أوصافه ؟! ويكونون في خطر من جهة أبديتهم.واجبكم أيها الأخوة:ليس هوأن تخلعوا الزؤان، إنما أن تنموا كحنطة. وفي يوم الحصاد العظيم، عندما يرسل الرب حصاديه من الملائكة، يجد سنابلكم مملوءة قمحاً، فيأخذه وتمتلىء أداؤه حنطة.حقاً ما أكثر الذين يتحمسون لنزع الزؤان أكثر من الرب نفسه !وما أكثر القديسين الذين أخطأوا في غيرتهم المقدسة لنزع الزؤان !نضرب مثلاً لذلك القديس يوحنا الحبيب وأخاه يعقوب بن زبدى، اللذين من شدة حماسها في ذلك الوقت، كان الرب يلقبهما بوانرجس أي ابني الرعد. حدث لما أغلقت إحدى قرى السامريين أبوابها في وجهه إذ كان متجهاً إلى أورشليم، أن تحمس يعقوب ويوحنا وقالا له “أتريد يارب أن تنزل ناراً من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضاً ؟ ” (لو9 : 54). وكانت هذه غيرة خاطئة منهما لنزع الزوان فالتفت الرب وانتهرهما قائلاً “لستما تعلمان من أي روح أنتما! لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص ” (لو 9: 55 ، 56)ربما بعض التلاميذ كانوا يتمنون التخلص من شاول الطرسوسي لاضطهاده الكنيسة، وجرّه رجالاً ونساء إلى السجن (أع 9: 1 ،2). أما الرب فما كان يراه زؤاناً ينبغي خلعه، إذ كان يفعل كل ذلك يجهل في عدم إيمان (1تي1: 13). بل كان يراه يصلح أن يكون إناء مختاراً يحمل اسمه (أع 9: 15). وهكذا اختاره فيما بعد ليكون رسولاً للأمم، وليشهد له في أورشليم وفي رومية أيضاً (أع 23: 11)ومنحه اسم بولس، وجعله أكبر سنبلة في المسيحية تحمل قمحاً .. هذافي موضوع الزؤان والغيرة لخلعه، يواجهنا سؤال هام : لماذا يسمح الرب بوجود الزؤان، ووجود الشر والأبرار أولاً : بالنسبة إلى البشر، بسبب منحهم حرية الإرادة. لقد منحهم الله هذه الحرية، إذ خلقهم على صورته. لكنهم أساءوا استخدامها ! ثانياً : بالنسبة إلى الشيطان، بسبب مبدأ تكافؤ الفرص. لكي لا يحتج بأنه لو كانت له فرصة، لكان يفعل ويفعل… وهكذا كمثال سمح له الرب أن يجرّب أيوب الصديق (أي1، 2). ثالثاً : يترك الزوان في الأرض، ظهرت فضائل الأبرار: فضائلهم في مقاومة الخطية والصمود ضد الشيطان. وفضيلتهم في الصبر وانتظار الرب، وفي الإيمان يعمل الرب وتدخله. كذلك إعطاء الأبرار فرصة لنوال الأكاليل عن استحقاق لأنه لا يكلل إلا الذي انتصر ولاينتصر إلا الذي يحارب عدو رابعاً : مع وجود الشر، ووجود الزؤان، توجد أيضاً نعمة الله العاملة في أحبائه، والتي بها قال القديس بولس الرسول “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” (في 4 : 13). والاضطهادات التي تحملها الأبرار من الأشرار كانت سبب بركة لهم. وفي هذا قال القديس يعقوب الرسول “احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة …” (يع1 :2). لهذا سمح الرب بوجود الزؤان في وسط الحنطة، وقال لخدامه: “أتركوهما ينميان كلاهما معاً إلى يوم الحصاد” (مت 13: 30). ينميان معــاً : لعل البعض يسأل : أيهما ينمو في العالم الخير أم الشر ؟ والجواب أنهما كليهما ينميان معاً. الخير في العالم يزيد ، سواء من الناحية الروحية أو العالمية . من الناحية الروحية : التكريس يزيد ، خدمة مدارس الأحد والشباب تزيد. القداسات تزيد مع حضورها. العمل المسكوني يزيد ومعه مؤتمرات الخدمة، ومؤتمرات الوحدة الكنيسة. والمؤلفات الدينية تزيد، والمساعدات الاجتماعية تزيد في المساعدات التي تقدم للدول الفقيرة أو المنكوبة بالسيول وبالزلازل، مع عمل الصليب الأحمر والهلال الأحمر وجمعيات الإسعاف… والشر أيضاً يزيد في العالم…من جهة استخدام العلم في كوارث الحروب، وفي التصرف في الخليقة والنسل، كمشاكل الهندسة الوراثية والاستنساخ وما أشبه. والشر أيضاً يزيد في ظهور كثير من البدع والهرطقات، وانتشار الانحلال الخلقي والفكري، والإلحاد وكثرة الشكوك في الأمور الدينية، والأمراض البشعة كالإيدز، وأيضاً انتشار الإرهاب والتطرف والجريمة بشتى أنواعها… الخ. يوم الحصــاد :هو – كما قال الرب – نهاية العالم الحاضر. وفيه ينتهي الشر بأن يلقى الشيطان في بحيرة النار والكبريت (رؤ 20 :10) في العذاب الأبدي المعد له وللأشرار وكل جنوده (مت 25: 41، 46). ولا تكون خطية فيما بعد ولا موت فيما بعد .الملائكة يحزمون الأشرار حزماً ويلقونهم في النار (مت 13). حزمة للملحدين، وحزمة للفاسدين، وحزمة للمضطهدين، وحزمة لكل نوع من أنواع الأشرار. أما الأبرار فيضيئون كالشمس سفي ملكوت أبيهم (مت 13 : 43). في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس (رؤ 21) يتمتعون بما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر (1كو 2 : 9) . |