رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
‘‘خلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم’’ (تك27:1) ووضع الله في نفس كل من الرجل والمرأة، روحاً قادرة على معرفة الله، وقلباً قادراً على أن يحبه. وعَهِد الله أيضاً لهما بإرادة حرَّة، كي ما يختارا بأنفسهما أن يطيعا الله أو لا يطيعانه. ورأينا أيضاً كيف وضع الله الإنسان في الجنة، جنةٍ جميلةٍ أعدها الله في الأرض في مكان يسمى ‘‘عدن’’. وأعطى الله كل شيء للرجل الأول آدم، والمرأة الأولى حواء، كي ما يعيشا في سلام وسعادة حقيقية. لقد أراد الله أن يعرفه الناس ويحبوه ويعبدوه للأبد. ورأينا أن الله، في خطته الكاملة، وضع امتحاناً بسيطاً للإنسان الذي خلقه. إذ غرس في وسط الجنة شجرة معرفة الخير والشر، وأوصى الإنسان قائلاً: ‘‘من جميع شجرة الجنة تأكل أكلاً، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها، موتاً تموت.’’ (تكوين 16:2). ولكن، لماذا اختبر الله آدم بهذه الطريقة؟ لقد أراد الله أن يُظهِر حالة قلب آدم. فلم يختبر الله آدم كي يدفعه لارتكاب الخطية، بل ليباركه ويقوِّيه. لم يكن في الإنسان الذي خلقه الله عيبٌ، إلا أن هذا لم يعنِ أنه كان له حبٌ كامل أو شخصية ناضجة. وضع الله امتحاناً لآدم، ليمتحن حبَّه. ولو كان آدم قد نجح في هذا الامتحان، وأطاع الله، لأثبت أنه يحب الله حباً حقيقياً من القلب. أيضاً، لو كان آدم قد نجح في هذا الامتحان ورفض أن يخطئ، لكان قد تقوَّى به. يقول الكتاب أن: ‘‘الضيق ينشئ صبراً، والصبر تزكية’’ أو بمعنى آخر ‘‘أن الصبر في وقت التجربة ينشئ شخصية أكمل’’ (رومية 4:5). واليوم، نأتي إلى الفصل الثالث من سفر التكوين. هذا هو الفصل الكتابي الذي سيرينا كيف دخلت الخطية إلى العالم. فإن عرفنا التعليم الذي في هذا الفصل الكتابي، لعرفنا لماذا قلب الإنسان ملتوٍ وشرير، ولماذا يمتلئ العالم بالألم والمعاناة. رأينا من قبل، أنه في البدء، كان آدم وحواء في الجنة، حيث كانا يعيشان عيشةً مشبعةً كاملة، وكان لديهما كل شيء لتمتعهما. وأكثر ما تمتعا به هو أن الرب كان يأتي ليزورهما في الجنة كل يوم مع نسيم المساء؛ كي ما يتحدث مع آدم وحواء. لقد كان الله يزورهما؛ لأنه أراد أن يكون له علاقة عميقة وعجيبة وذات معنى معهما. إلا أن الكتاب يخبرنا أنه كان هناك شخصٌ آخر في الجنة أيضاً. هل تعرف من كان هذا الشخص؟ إنه الشيطان، عدو الله، إبليس. فعندما خلق الله العالم وكل ما فيه، كان الشيطان هناك، يراقب ما يحدث. وعندما أعطى الله آدم الوصية بأن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، كان الشيطان هناك، يستمع. ولم يتوقف الشيطان عند حد المراقبة والاستماع، بل كان هناك ينسج خطته، ليفسد بها أعمال الله العظيمة. لقد كان الشيطان يخطط لإغراء الإنسان الذي خلقه الله؛ كي ما يعصى الله، ويرتكب الخطية، فينفصل عن الله، ويهلك. أما الله، فقد كان يعلم كل ما يخططه الشيطان، أما آدم وحواء فلم يعلما شيئاً البتة عن خططه. وفي يوم، أثناء ما كان آدم وحواء واقفين على مقربة من الشجرة المحرمة، جاء الشيطان كحيَّة، وبدأ يكلمهما. ويقول الكتاب: ‘‘وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3) دعونا نتوقف ونتساءل: لماذا ظهر الشيطان كحية؟ الكتاب يعطينا إجابة عندما يقول أن ‘‘الحية أحيل جميع الحيوانات البرية التي عملها الرب الإله.’’ الشيطان مجَرِّب، ولذا أظهر نفسه كحكيم جداً. لم يأتِ الشيطان إلى آدم وحواء في صورة تنين أحمر ضخم قائلاً لهما: ‘‘السلام عليكما، يا آدم ويا حواء. أنا هو الشيطان، عدو الله! لقد جئت اليوم لأغريكما كي ما تعصيا الله ، اله الحياة، كي ما تموتا إلى الأبد!’’ .. لم يتصرف الشيطان هكذا! فكيف ظهر لهما إذاً؟ ظهر لهما كمخلوقٍ جميلٍ وحكيم. لقد اختار أن يحدثهما من خلال حية؛ لأن في ذلك الوقت، وقبل دخول الخطية إلى العالم، كانت الحية أحيل جميع الحيوانات. ومازال الشيطان هكذا. فعادته هي أن يُظهِر ما يريد أن يقدمه كشيء صالح. ويقول الكتاب: ‘‘الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور.’’ (2كورنثوس14:11) وبالتالي يحذرنا الله في كلمته قائلاً: ‘‘احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة.’’ (مت 15:7) فالشيطان مخادع. ولذلك، ظهر لآدم وحواء كحيةٍ حكيمة. ولهذا أيضاً، فضَّل الشيطان أن يخاطب حواء بدلاً من آدم نفسه، لأنه كان يأمل أن يكون خداع حواء أسهل من خداع آدم. لقد عَلِم الشيطان أن الله قد أعطى الوصية بخصوص الشجرة لآدم، قبل أن يخلق حواء. لكن حواء أيضاً، كانت تعلم وصية الله. إن الشيطان ذكي جداً، وكان يعلم تماما ما يريد أن يحصل عليه. فقد اعتقد الشيطان أنه لو أمكن له إقناع المرأة أن تأكل من شجرة معرفة الخير والشر، فربما يتبعها آدم أيضاً في معصية الله. ولذا يقول الكتاب: ‘‘فقالت للمرأة: أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ (تك 1:3) هذا ما يقوله الشيطان لحواء؟ لقد قال: ‘‘أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟’’ هل ترى ما يحاول الشيطان أن يفعله؟ كان يحاول أن يزرع الشك في عقل حواء تجاه الثقة في كلمة الله. ولذا قال: ‘‘أحقاً قال الله ..؟’’ ومازال الشيطان يحاول أن يتبع الأسلوب نفسه. فهو يحاول أن يحارب كلمة الحق، لأنه يعلم أن كلمة الله لها القوة أن تجرِّده من سلاح أكاذيبه، وتُظهِر عدم صحتها. إن الشيطان يعلم أن الحق يبدد الأكاذيب، مثلما يبدد النور الظلمة. والآن، إلى باقي الحوار بين المرأة والشيطان. يقول الكتاب: ‘‘فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة تأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة، فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة: لن تموتا. بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما، وتكونان كالله عارفين الخير والشر.’’ (تك 2:3ـ5) إن هذا حقاً لمدهش! .. ما الذي قاله الله أنه سيحدث لآدم وحواء إذا ما أكلا من الشجرة المحرمة؟ لقد قال : ‘‘تموتا..!’’ ..وماذا قال الشيطان؟ لقد قال : ‘‘لن تموتا ..!’’ وبالتالي، فإن الشيطان لم يتوقف عند حد التشكيك في كلمة الله، بل تجرأ وأنكرها! فما رأيك أنت في ذلك؟ من منهما كان يقول الصدق: الله، أم الشيطان؟ إن الكتاب المقدس يقول أن الله هو ‘‘الحق’’، ‘‘الصادق’’ الذي لا يكذب. أما الشيطان، فلا يقول الحق أبداً، ‘‘لأنه ليس فيه حق. متى تكلَّم بالكذب، فإنما يتكلم مما له؛ لأنه كذَّاب وأبو الكذَّاب.’’ (يوحنا 44:8) والآن، قد جاءت اللحظة لآدم وحواء أن يختارا بين كلمة الله وكلمة الشيطان. وكان الاختيار أمامهما كذلك: هل يؤمنا بكلمة الله، أم بكلمة الشيطان؟ هل سيقبلان الحق، أم الكذب؟ هل سيتبعان رب النور، أم رب الظلمة؟ دعونا نستمر في القراءة لنرى الاختيار الذي صنعاه. يقول الكتاب : ‘‘فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بَهِجَة للعيون، وأن الشجرة شهيِّة للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل.’’ (تك 6:3) يا للعجب! لقد خلق الله الإنسان على صورته؛ لكي ما يعرفه ويحبه ويطيعه إلى الأبد. ولكن، ماذا فعل الإنسان؟ هل أحب الله حباً كافياً لإطاعة وصاياه؟ لا، بل اختار أن يعصى الله إله المحبة، ويتبع الشيطان عدو الله والإنسان! كم كان هذا يوماً حزيناً! لقد أدار أجدادنا آدم وحواء ظهريهما لله عندما أكلا من ثمر الشجرة التي حرَّمها. ويقول المثل: ‘‘لا ينحصر الوبأ في مصدره!’’ وبالمثل، تقول كلمة الله: ‘‘كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع.’’ (رومية 12:5) فهذا هو الحال، سواءً كان يعجبنا أم لا! فكما يقول المثل: ‘‘فمن شابه أباه فما ظلم!’’ فأنا وأنت وجميع الناس، حالنا هو حال آدم. لقد وُلِدنا خطاة، ويجب أن نموت، لأننا جئنا من آدم. إن الإنسان الأول الذي خالف وصية الله هو جدٌ لنا، ونحن مثله تماماً. من منا يستطيع أن يقول أننا لم نخالف وصايا الله أبداً؟ بالطبع ولا واحدٌ منا! إذاً من أين ورثنا هذه الطبيعة التي تخالف وصايا الله؟ ورثناها من آدم! ومثل مرضٍ بشعٍ معدٍ، امتدت إلينا الخطية التي كانت في آدم. حقاً، إن الوبأ لا ينحصر في مصدره! ولكن، مجداً لله، فلم يُفقَد كل الأمل. إذ تقول كلمة الله: ‘‘فإذاً كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحدٍ صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة.’’ (رومية 18:5) وفي دروسٍ مقبلة، سوف ندرس الطريق المستقيم للخلاص الذي أسسه الله، والذي به يعود إليه الخطاة. أصدقائي .. في الجزء القادم، سنكمل هذا الفصل المهم لنرى ماذا حدث بعدما ضل آدم وحواء عن طريق البر، وتبعا طريق الضلال. وليبارككم الله وأنتم تتذكرون أساس الحق كما تعلنه كلمة الله عندما تقول: ‘‘كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموت ، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع.’’ (رومية 12:5) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الخطية الأصلية، هي التي قال عنها الكتاب: بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم |
الخطية، بإنسانٍ واحد، قد دخلت إلى العالم |
من هنا دخلت الخطية للعالم |
إذ دخلت الخطية إلى العالم |
دخلت الخطية إلى العالم |