رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التقليد الشفوي _ باسيليوس الكبير تقليد الكنيسة السري بقلم القديس باسيليوس الكبير (كُتب عام 375م) إن العقائد والتعاليم المحفوظة في الكنيسة، منها ما حصلنا عليه من التعليم الكتابي، ومنها ما تقبّلناه "في سرّ" مسلماً لنا من تقليد الرسل. وللاثنين نفس الفاعلية بالنظر إلى التقوى. وليس من يعترض على ذلك، إذا كان هناك خبرة ولو يسيرة عن الأوضاع الكنسية. فإذا باشرنا في رفض ما ليس مكتوباً من عوائدنا كأن ليس لها أهمية كبيرة، نكون بلا وعي نجرح الإنجيل في ما هو مصلحتنا نفسها، فضلاً عن تحويلنا التعريف العام إلى مجرد صياغة بلا مضمون. على سبيل المثال، من علمنا كتابةً أن نرسم باشارة الصليب أولئك الذين يرجون ربنا يسوع المسيح؟ اية كتابة علمتنا الإتجاه في الصلاة نحو المشارق؟ وكلمات الإستدعاء في إظهار خبز الشكر وكأس البركة مَن من القديسين استودعنا إياها كتابة؟ أجل أننا لا نكتفي بما ذكره الرسول أو الإنجيل، بل نبدأ ونختم بأقوال أخرى تسلمناها من التعليم الذي لم يُكتب وهي في غاية الأهمية بالنسبة للسر. وأننا نبارك ماءَ المعمودية وزيت المسحة والمعتمد أيضاً. فموجب أية كتابات؟ أليس ذلك بموجب التقليد الصامت والسريّ؟ وماذا عن مسحة الزيت نفسها، أيُّ قول مكتوب علّمنا إياها؟ وتغطيس الإنسان ثلاث مرات، من أين هو؟ بل كل ما يحيط بطقس المعمودية، من أيّ سفر كتابي نأخذ طقس جحد الشيطان وملائكته؟ أليس هو من ذلك التعليم غير المنشور السري، الذي حفظه آباؤنا في صمت، بعيداً عن تحقيق الفضوليين؟ مدركين جيداً أنهم بصمتهم يحفظون كرامة الأسرار المهيبة؟ فالذي لا يجوز كشفه حتى للموعوظين، كيف يُعقل أن يُذاع تعليمه في وثائق مكتوبة؟! وماذا كان يقصد موسى العظيم لمّا جعل أنحاء الهيكل غير متاحة للجميع؟ لكنه أوقف غير الأطهار خارج الأسوار المقدسة، وسمح للأكثر طهارة بدخول الأروقة الأولى، وحكم للاويين وحدهم بحقهم في خدمة الكهنوت. فالذبائح والمحرقات وسائر الخدم الكهنوتية انتدب لها الكهنة للقيام بها، وارتضى بواحد فقط منتخب من جميعهم لولوج الحرم. وهذا لا بنوع دائم، بل يوماً واحداً فقط كل سنة، وفي ساعة منه محدَّدة، مسموح له فيها أن يقف كي يشاهد في ذهول غريب وفريد قدس الأقداس. إن موسى في حكمته كان يحسن المعرفة بأن الاحتقار نصيبُ ما كان سهل الولوج والمنال من كل جهاته، والتهافت خليف طبيعي لما كان بعيداً ونادراً. أجل، على هذا المنوال، شرَّع الرسل والآباء منذ البدء لكل ما يختص بالكنائس، ففي الخفاء والصمت حفظوا للأسرار هيبتها، لأن ما يُروَّج ويُشاع على مسامع العامة ليس بسر.هذا هو سبب وجود تقليد غير مكتوب بالوصايا والممارسات، ذلك لئلا تترك معرفة العقائد عرضة لاحتقار الكثيرين بسبب العادة والألفة. فالعقيدة غير التعليم. العقيدة يصمت عنها، أما التعاليم فتنشر للعالم كله. شكل من أشكال هذا الصمت هو الغموض الذي يستعمله الكتاب المقدس لجعل مفهوم العقائد عسير الادراك، وذلك لفائدة الشخص ذاته الذي يُطالعه. هكذا، كلّنا نتّجه في صلواتنا نحو المشارق، وقليل منّا يفهم اننا نبغي بذلك الوطن القديم، الفردوس الذي نصبه الله في عدن نحو المشارق. أننا نتمم الصلوات وقوفاً في اول الأسبوع وليس الجميع يعرفون السبب. فليس فقط اننا نعيد بذلك إلى الذاكرة، بوقوفنا للصلاة، مثال قيامنا مع المسيح وواجب التماسنا العلويات في يوم القيامة (الأحد)، الذي تُمنح لنا فيه النعمة، بل يبدو أن هذا النهار هو نوعاً ما صورة الدهر الآتي ... اليوم الذي لا نهاية له، ولا مساء له ولا غد، ذاك الدهر الذي لا ينتهي ولا يشيخ. انه ضروري إذن للكنيسة أن تُدرب اولادها على ان يتمموا الصلاة وقوفاً في هذا اليوم، حتى إذا ما واصلت التذكير بالحياة التي لا نهاية لها، لا نهمل الإستعداد الضروري ليوم الانقضاء ذاك. وايام الخمسين كلها تذكير لنا بالقيامة المنتظرة في الدهر الآتي. فذاك اليوم الواحد والأول، مضروب سبعة بسبعة، يتمم الأسابيع السبعة التي تؤلف ايام الخمسين المقدسة، فتبدأ بالأول وتنتهي به، مُعيدة اياه في الأثناء خمسين مرة متماثلة. لذا فهي أيضاً تُمثّل الأبدية تشابهاً، في حركة دائرة حيثما ابتدأت هناك تنتهي. في هذا النهار (الأحد) قد درَّبتنا شرائع الكنيسة على تفضيل الشكل المنتصب في الصلاة. فبهذا التذكير الواضح يتحول ذهننا نوعاً ما من الحاضرات إلى المستقبلات. وفي كل ركعة وقيام نُظهر بالفعل أننا سقطنا بالخطيئة إلى الحضيض ثم اننا دُعينا بمحبة خالقنا إلى السماء. انه لينقضي بي النهار ولا أكون قد انتهيت من سرد اسرار الكنيسة التي لم تكتب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بعض ما كتب القديس باسيليوس الكبير |
القديس باسيليوس الكبير |
عيد القديس باسيليوس الكبير |
القديس باسيليوس الكبير |
التقليد الشفوي _ باسيليوس الكبير |