منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 02 - 2015, 06:53 AM
الصورة الرمزية sama smsma
 
sama smsma Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  sama smsma غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

رؤية إشعيا _ كيرلس الإسكندري

رؤية إشعيا _ كيرلس الإسكندري




"في سنة وفاة عزّيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع واذياله تملآ الهيكل. السيرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة. باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال: قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض" (إش 6)


لم تكن الرؤى تكشف للأنبياء المباركين من قبل الله، الواحدة تلو الأخرى أو بطريقة مستمرة، بل كانت تكشف على مراحل كما يشاء الرب وفي الوقت الذي يعينه، ذاك الذي يكشف الأسرار العميقة ويعرف ما هو مخفي.


رأى النبي إشعيا الابن في مجد الله الآب، لا أحد يمكنه أن شكك في هذا الأمر، نظراً لأن يوحنا كتب عنه بشكل واضح قائلاً: "قال إشعيا هذا حين رأى مجده وتكلم عنه" (يو 12). تأملوا الكرامة السامية اللائقة بالله وسلطانه على كل الخليقة. فالله يجلس على كرسي عال ومرتفع، متوجاً بعظمة سلطانه الرفيع بشكل مثير للرهبة والإعجاب. والقوات العلوية التي لا يفوقها أي خليقة أخرى، تقف حوله، تشغل وظيفة الخدام، وتكرمه وتبجله بالتماجيد والتسابيح. ويقولون "مجده ملء كل الأرض".


يجب علينا بالطبع أن لا نعتبر العرش الإلهي ككرسي مرفوع بالمعنى الحرفي. فذلك يكون شيء غبي وسخيف. معنى إن العرش الإلهي موضوع في مستوى عال ومرتفع هو أن مجد سلطان الله يفوق جداً بما لا يقاس كل الطبائع العقلية. والجلوس على العرش يشير إلى ثبات طبيعة الله وطول آناته وبركات الله غير القابلة للتغيير. فداود المبارك يغني أيضاً هكذا قائلاً: "الله جلس على كرسي قدسه" (مز 47). والنبي إرميا يقول له حقاً: "فإنك أنت تدوم للأبد أما نحن فنهلك للأبد" (باروخ 3:3). فالطبيعة المخلوقة دائماً وفي جميع الأوقات خاضعة للإنحلال، هذا هو ما يمنح الكائنات المبدوءة حدودها الصحيحة. هكذا وكما قلت، يجلس على العرش "الحكمة" الصانع وخالق كل الأشياء. وهذا معناه، أن ثباته غير متزعزع. يقول إشعيا أن البيت ممتلئ بمجد الرب، لكون إسرائيل لم تكن قد أخطأت بعد بشكل أثيم تجاه ربنا يسوع المسيح، كان مجد الله يملأ الهيكل في أورشليم، لكن عندما رفضوا سلطانه، وسقطوا في سبل أثيمة، سمعوا آنذاك هذا القول: "هوذا بيتكم يترك لكم خراباً" (مت 23).


يقول إشعيا أنه في كل واحد من السيرافيم مغروس ستة أجنحة، باثنين يغطون وجوههم وباثنين يغطون أرجلهم ويطيرون بالاثنين الباقيين. كلمة "سيرافيم" تعني "ناري" أو "محترق". إذ أنه ليس هناك أي برودة في القوات العلوية لكونهم قريبون من الله بصورة خاصة. لهذا، عندما نلتصق بالله بالإيمان وبطريقة حياة صالحة تتبع الوصايا بتدقيق، نصير نحن أنفسنا أيضاً حارين في الروح ومتقدين في محبتنا لله.


حقيقة أن السيرافيم يحجبون وجوههم وأرجلهم بأجنحتهم ويطيرون باثنين، هذا يشير إلى عدم قدرتهم على رؤية سواء بداية أو نهاية المفاهيم أو الأفكار المتعلقة بالله. فالرأس والوجه يشيران إلى البداية، والأقدام إلى النهاية. إذ ان اللاهوت ليس له بداية ولا يعرف نهاية. وأما ما يكمن فيما بينهم - أشير إلى الزمن، الذي فيه الأشياء التي كانت غير موجودة جلبت وصارت في حيز الوجود - يمكننا بالكاد أن نتعامل معها. والسيرافيم يطيرون لأن ليس فيهم أي شيء وضيع، بل بالعكس عقولهم مرفوعة على الدوام نحو الله، إذ أن القوات العلوية لا تفكر بشأن الأمور الأدنى - كما نفعل نحن - لكن يبقون عقولهم مثبتة على الأفكار الرفيعة فائقة الوصف.


وفمهم مملوء على الدوام بالحمد والتسبيح، فهم ينشدون تمجيداً ويفعلون ذلك بالدور، ليس بسبب التعب - في رأيي - بل بالأحرى لكي يتخلوا عن الكرامة بعضهم لبعض، يتلقون ويعيدون التمجيد كهدية. إذ أن كل شيء في السماء يتم وفقاً للنظام المناسب. يقولون "قدوس" ثلاثة مرات، ثم يختمون التمجيد بكلمة "رب القوات" معلنين طبيعة إلهية واحدة للثالوث القدوس. إذ أننا نقول بالإجماع العام أن الآب قائم مع الابن والروح القدس. وأنه ليس هناك مبدأ يُقسِّم الأقانيم الثلاثة ويفصل بينهم إلى طبائع مختلفة.


على عكس من ذلك، نحن نعتقد بلاهوت واحد في ثلاثة أقانيم. ودليلنا على هذا يقدمه السيرافيم المبارك، الذي يقول أيضاً أن الأرض كلها مملوءة من مجده، متنبئين مسبقاً بما سوف يكون ومُعلنين مقدماً سر التدبير الذي تممه المسيح. إذ أنه قبل أن يتجسد "الكلمة" كان العالم كله محكوماً بالشيطان الشرير، الحيَّة والمرتَّد، وتم عبادة المخلوق بدلاً من الخالق. لكن عندما صار كلمة الله الوحيد إنساناً أمتلأت الأرض كلها من مجده. فكل ركبة سوف تجثو له، وسوف تعترف به وتخدمه كل قبيلة وكل لسان، كما يقول الكتاب (في 2). وتنبأ داود المبارك أيضاً عن ذلك في الروح، إذ قال: "كل الأمم الذين صنعتهم ياتون ويسجدون أمامك ويمجدون اسمك" (مز 86). هذا قد تحقق عندما تم دعوة العديد من الأمم، كل منهم له ساجدين، ذلك الذي من أجلنا صار مثلنا، إلا أنه بقي الأسمى فوق كل الأشياء.







"فطار إليَّ واحد من السيرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومسّ بها فمي وقال ان هذا قد مسَّت شفتيك فانتُزع اثمك وكُفِرّ عن خطيتك" (إش 6)


يكتب القديس بولس عن الملائكة القديسين قائلاً: "أليس جميعهم ارواحاً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1). النقطة التي يوضحها ليست غامضة، فكل شيء بين القوات العلوية يتم بنظام مناسب. ومعها هناك قيود الكرامة أو الخدمة، والحدود موضوعة لمجد كل أحد بواسطة الله الذي يُقسّم كل الأشياء كما يرى مناسباً، إلا أن هناك نير واحد موضوع على الجميع، إذ يخدمون بحسب أوامر الرب، غير معتبرين عبوديتهم كأمر لا يليق بل حاسبين إياه كمصدر للشرف والمجد. وفقاً لذلك، نرى أن النبي قد استبق وعاين سر المسيح، بطريقة مخدومة بشكل رائع من قبل القوات السماوية.


وقد أرسل أحد السيرافيم بجمرة نار مأخوذة بملقاط من على المذبح. هذا كان رمزاً للمسيح، الذي من أجلنا ونيابة عنا قدَّم ذاته لله الآب كذبيحة روحية، نقية وبلا عيب، تقدمة عَطِرة. لذا كان من الملائم جداً أن يؤخذ من على المذبح. أما عن تشبيه الرب بجمرة محترقة فهذا من الضروري توضيحه.


من المألوف في الكتب المقدسة أن يتم تشبيه الطبيعة الإلهية بالنار. هكذا رآه شعب إسرائيل على جبل حوريب أو سيناء في يوم الإجتماع (تث 4). وهكذا أيضاً رآه موسى النبي ذاته بينما هو يرعى الخراف في البرية، عندما ظهر في شكل العليقة المحترقة وتكلم معه (خر 3). الفحم هو خشب بالطبيعة، إلا أنه مملوء كلياً بالنار ويكتسب قوتها وطاقتها. في رأيي، وبشكل ملائم جداً يمكن تصوّر ربنا يسوع المسيح ذاته بنفس الطريقة، "والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا" (يو 1)، فبالرغم من اننا رأيناه كإنسان بحسب تدبير التجسد، إلا أن حلَّ فيه ملء اللاهوت، بواسطة - أود أن أؤكد - الإتحاد (الأقنومي). هكذا يمكن القول بأن لديه الطاقات المختصة بالله، والتي تعمل من خلال جسده الخاص. وبناء عليه، لمس النعش وأقام ابن الأرملة من الموت (لو 7)، وبواسطة التفل وطلي العين بالطين فتَّح أعين الأعمى (بو 9). إذن، عمانوئيل يُشبّه بشكل مناسب جداً بجمرة محترقة، وعندما يمسّ شفاهنا يمسح ذنوبنا بالكامل ويطهرنا من كل تعدياتنا.


ثم كيف يمسّ شفاهنا؟ يتم ذلك عندما نقرّ بإيماننا فيه. لذلك يقول القديس بولس: "الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز بها، لأنك ان اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله اقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص" (رو 10). لذا ليتنا نمسّ شفاهنا بالجمرة المقدسة، التي تحرق نفاية خطايانا، وتلتهم قمامة تعدياتنا، وتجعلنا حارين في الروح.


ما يعنيه الأخذ بالملقط يمكن شرحه بعناية على أن الإيمان بالمسيح ومعرفته نتلقاه بملقط - إذا جاز التعبير - التعاليم أو النبوات الموجودة في الناموس والأنبياء. وكلمات الرسل القديسين أيضاً تؤكد الحق بكل وسيلة، إذ أنهم بواسطة إقتباس الشهادات من الناموس والأنبياء يقنعون سامعيهم، ويمسون شفاههم تقريباً بالجمرة المحترقة وهم يهيئونهم للإقرار بإيمانهم في السيد المسيح.





رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الشجاعة الرجولية _ كيرلس الإسكندري
السوسنة ورائحتها _ كيرلس الإسكندري
عصا هارون _ كيرلس الإسكندري
الأمانة في القليل _ كيرلس الإسكندري
الحِزمة والباكورة _ كيرلس الإسكندري


الساعة الآن 02:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024