نص كلمة السيسي في منتدى «دافوس» العالمي
نقلا عن المصرى اليوم
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح الخميس، كلمة في المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، أكد فيها تطلع مصر لفتح الأبواب للمستثمرين، وطرح رؤية مصر الاقتصادية.
يشارك في المنتدى عدد من رؤساء الدول والحكومات، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الدولية البارزة في مجالات المال والأعمال والإعلام والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية، ويرافق السيسي وفد يضم وزراء الصناعة والتجارة، والمالية، والخارجية، بالإضافة إلى محافظ البنك المركزي.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي خلال الجلسة الخاصة بالمنتدى:
«بسم الله الرحمن الرحيم ..اسمحوا لي في البداية، قبل أن أبدأ الكلمة، أن أشكركم أنكم سمحتم لي أن أكون موجودا معكم في هذا المنتدى وأوجه لكم التحية والتقدير والشكر على ذلك.
بروفيسور كلاوس شواب.. أصحاب السمو والمعالي.. السيدات والسادة..
أود في البداية أن أعرب عن شكري للبروفيسور شواب، لما تمثله دعوته لي للحديث إليكم من تقدير لمصر والمصريين، كما أعرب عن اعتزازي لانتمائي إلى بلد ساهم عبر التاريخ في بناء الحضارة الإنسانية، ولا يزال يواصل العطاء للبشرية بفضل ما منحه الخالق من هبات في مقدمتها شعب مصر الذي لا تزيده المصاعب إلا عزما وتصميما على اجتيازها ولا تمنعه التحديات الجسيمة عن خوض غمارها والخروج منها مكللا بالنصر ومتواضعا في فخر.
«السيدات والسادة.. إن الصعاب والتحديات التي أشير إليها ليست مجازية أو من قبيل المبالغة ولكنها حاضرة وضاغطة على كاهل الشعب المصري الذي يواجهها بكل شجاعة، بل أزيد أنها لم ولن تمنعه يوما من أن يطمح في ذات الوقت إلى مستقبل أفضل لذاته ولأمته العربية وللعالم ككل، فالتاريخ القريب يشهد قدرة وحكمة ووعي شعب مصر الذي أزال حكم الفرد عندما تجاوز الشرعية، ولم يتردد في نزع الشرعية ذاتها عمن أرادوا أن يستأثروا بها وأن يسخروها لتطويع الهوية المصرية والانحراف بها عن سماتها التاريخية من تنوع وإبداع وانفتاح على العالم.
ولابد لي هنا من الإشارة إلى ضرورة التعويل على وعي الشعوب والإنصات إلى صوتها فتلك الملايين التي فاجأت العالم في ميادين فرنسا بالأمس القريب إنما هي امتداد للملايين التي فاضت بها ساحات مصر منذ عام ونصف تقريبا، إن المعركة واحدة ونفس الارهاب يحاربنا لفرض رؤيته لأنه يرى فينا جميعا نقيضه دون تفرقة على أساس العرق أو الديانة فالدماء التي يريقها الارهاب في مصر والعراق وسوريا وليبيا وفي نيجيريا ومالي وكندا وفرنسا ولبنان كلها نفس اللون، ومن ثم فلابد وأن تتضافر جهودنا جميعا للقضاء على تلك الآفة أينما وجدت من خلال التعامل الشامل مع كافة مكوناتها، ولو اختلفت مسمياتها وأن نتصدى لها بالتعامل الواعي مع الاعتبارات السياسية التي أفردت لها مساحة للنفاذ إلى مجتمعاتنا بالاضافة إلى تعاوننا فكريا وثقافيا وامنيا فضلا عن تكثيف تبادل المعلومات بيننا وحرمان المنظمات الارهابية من استغلال أدوات التواصل الاجتماعي وشبكة المعلومات لنشر دعوات الكراهية والاستقطاب لبعض بدعاوى دينية مغلوطة تستغل حسن نوايا وبعض العناصر المحبطة.
«وإذ أؤكد وبكل حسم على أنه لا ينبغي أن يؤخذ الإسلام السمح، بقيمه السامية وأكثر من مليار مسلم، بحفنة من المجرمين القتلة، فإنه يتعين علينا أيضا كمسلمين أن نصلح من أنفسنا وأن نراجع ذاتنا لكي لا نسمح لقلة بتشويه تاريخنا وبالإساءة إلى حاضرنا وتهديد مستقبلنا، بناء على فهم خاطىء وانطلاقا من تفسير قاصر»
«كما إن علينا كعالم متحضر وبنفس قدر تطابق رؤية شعوبنا لمصلحتها في القضاء على ما يمثله الارهاب من تهديد، أن نتحلى بالاحترام والتقدير المتبادل لتنوع معتقداتنا ومقدساتنا، وأن نترفع عن الانزلاق نحو التشاحن والايذاء الذي يستغله المغرضون للترويج لاهدافهم الشريرة وللايحاء بوجود فجوة وصراع حتمى فيما بيننا»
«السيدات والسادة.. لا تقتصر المصاعب والتحديات التي نواجهها في مصر على الارهاب ولن تثنينا معركتنا معه عن تحقيق طموحاتنا الاساسية التي ثار من أجلها المصريون، فبناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة سوف يستمر، وبعد إنجاز الدستور وإقراره ثم إجراء الانتخابات الرئاسية سيستكمل الشعب المصري مراحل خريطة المستقبل باختيار ممثليه في مجلس النواب والذي نتطلع جميعا إلى دوره المنتظر في وضع تشريعات وقوانين تترجم العقد الاجتماعى الذي تضمنه الدستور بما يضمن حصول الافراد على حقوقهم وادائهم لواجباتهم ويوازن بين احترام حرياتهم وبين المسئولية التي يتحملونها في ظل سيادة القانون وتساوى الجميع أمامه بغض النظر عن الجنس أو العقيدة»
«كما نتطلع أيضا إلى ممارسة نواب الشعب المصرى لدورهم في الرقابة والتشريع على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية التي يعبر تباين الافكار فيما بينها عن التنافس من اجل الوطن وليس الاختلاف على الوطن، كما يتواكب مع كل ذلك عمل جاد ومتواصل لاستيفاء متطلبات ثورتى مصر، في إطار رؤية تنموية شاملة للتحديث الاقتصادى والاجتماعى، تهدف إلى الانطلاق نحو آفاق رحبة تؤمن حصول المصريين على حقوقهم في العمل وفى الحياة الكريمة من خلال استخدام الامكانيات الهائلة للاقتصاد المصرى لثرواته المتعددة وعلى رأسها الثروة البشرية وطاقات شبابه الذين يمثلون ما يقرب من ثلثى عدد السكان ويتطلب تنفيذ تلك الرؤية دعم دور القطاع الخاص وتشجيع وجذب الاستثمار وتذليل العقبات حتى ينهض القطاع الخاص بدوره كقاطرة للتنمية في سياق من المسئولية الاجتماعية مع قيام الدولة ومؤسساتها بضبط المناخ وتهيئة للتنمية الشاملة والمستدامة وأداء مهامها التنظيمية والرقابية على مستوى السياسات والتشريعات مع تعزيز فرص المشاركة بين القطاعين العام والخاص في المشروعات التنموية وضمان الحماية للفئات الأكثر احتياجا».
لسيدات والسادة..
لقد انطلقت جهودنا لتحقيق تلك الرؤية من تعديد الثقة في الأداء الاقتصادي المصري وفي قدرة الحكومة والتزامها بتطبيق سياسات وبرمج تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة واستمرارها في التصدي للمشاكل الهيكلية التي طالما عانى منها الاقتصاد والجهود التي ترتكز على المحاور الرئيسية الآتية «.
المحور الاول، تحقيق سياسة مالية رشيدة من خلال اتخاذ خطوات جريئة لخفض الدعم المقدم لقطاع الطاقة تدريجيا لحماية محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجا وتحسين أداء النظام الضريبي وخفض نسبة عجز الموازنة والدين العام إلى اجمالي الناتج المحلي، وبالتوازي مع ذلك يتم اتباع سياسة نقدية تلتزم بتخفيض معدلات التضخم.
المحور الثاني، معاجلة كافة العقبات التي طالما أعاقت استثمارات القطاع الخاص وتسوية النزاعات القائمة بين الدولة والمستثمرين المحليين والأجانب، فضلا عن طرح قوانين تضمن فرصا متكافئة لجميع المستثمرين وتعزز الشفافية والعدالة، وتطبيق القانون لاسيما فيما يتعلق بالمنافسة والتمويل الصغير وإعداد قانون الاستثمار الموحد وتبسيط الإجراءات من خلال تطبيق نظام الشباك الواحد وهي عملية مستمرة تهدف لإرساء بيئة استثمارية جاذبة ومتميزة تسهم في التنمية الشاملة للارتقاء بمعدل النمو إلى 7 % وخفض معدل البطالة إلى 10% بحلول عام 2020
المحور الثالث، التعامل مع الأثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية الناتجة عن سياسات الاصلاح الاقتصادي من خلال العمل على تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والعدالة الاجتماعية، ولتحقيق ذلك نسعى لتوفير المزيد من فرص العمل باعتبارها حقا لا ينبغي التغاضي عنه، من خلال التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع توجيه اهتمام خاص للشباب والمرأة وزيادة المخصصات المالية لقطاعي الصحة والتعليم والبحث العلمي لتصل إلى 10% من الناتج المحلي.
المحور الرابع، تحسين وتطوير البنية الاساسية في قطاعات النقل والمواصلات من خلال توفير المزيد من المخصصات للاستثمار في هذه المجالات على أن يتم تمويل شق منها عن طريق الموازنة العامة للدولة وشق آخر من خلال التعاون مع شركاء التنمية وحث الصناديق السيادية على الاستثمار فيها بالاضافة إلى تطوير آليات المشاركة بين القطاعين العام والخاص لتخفيف عبء تمويل مشروعات البنية الاساسية وتحقيق المشاركة المجتمعية في بناء مصر المستقبل.
المحور الخامس، تحقيق الاصلاح المؤسسي من خلال تعديل القوانين المنظمة للعلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص وقوانين مكافحة الفساد وإعادة هيكلة نظام المعاشات«.
السيدات والسادة.. على المستوى العملي لابد من التطرق إلى المشروعات القومية الطموحة التي توفر فرصا واعدة للمستثمرين ومن امثلتها مشروع ازدواج المجرى الملاحي لقناة السويس ولاسيما مرحلته الثانية التي تقوم على تطوير محور القناة وفتح باب الاستثمارات للخدمات اللوجستية والصناعية على محور القناة والتي تنطوي على إمكانات عديدة للقطاع الخاص للاستثمار، والاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي كنقطة ارتكاز بين أفريقيا واوروبا وآسيا فضلا عن ذلك فقد بدأت المرحلة الأولى من مشروع استصلاح نحو مليون فدان وتجهيزها للزراعة، وصدر قانون الثروة المعدنية الذي بث روحا جديدة في قطاع التعدين عزز منه التقدم الملموس في سداد متأخرات الشركاء الأجانب، صاحب ذلك كله تعديل أسعار الوقود مما يحفز عمليات البحث والتنقيب عن الغاز والبترول، الأمر الذي بدا جليا في إعلان شركات كبرى عن خطط تهدف إلى الاستثمار بقطاع الغاز والنفط رغم الهبوط الحاد الذي تشهده أسعار النفط في الأسواق العالمية.. ولا يخفى عليكم أن التنوع الذي يميز الاقتصاد المصري يضمن التفاعل المثمر مع تطلعات كافة المستثمرين على مستوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على السواء وفي مختلف القطاعات كالزراعة والصناعة والخدمات«.