رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الدودة السماوية _ برصنوفيوس الدودة السماوية الأب برصنوفيوس (ناسك من القرن السادس) رسالة من الراهب أوثيميوس إلى الشيخ الكبير: ليكن الثالوث الأقدس غير القابل للانقسام غير منفصل عنا. "من أفواه الأطفال والرضّع هيأت تسبيحاً" (مت 21) أيها الأب برصنوفيوس، إنك حقاً تلميذ صالح للطبيب الحقيقي، أنك أعطيتنا أدوية ومضادات للسموم، والمكواة الأولى قد نخست قلبي جداً ولا يمكنني أن أحتمل الآلام. لأنك كتبت لنا أن نرتل قائلين: "أمّا أنا فدودة لا أنسان" (مز 22). وإنني حقاً أرتل وأسجد وأمجِّد وأتهلل جداً إلى أبد الدهور، ولكنني لا أجسر أن أقول: أنا دودة لا إنسان، لأنني إنسان مجروح من الدودة القابلة للفساد. ولكن ما هي قدرة هذه الدودة غير القابلة للفساد؟ هذه الدودة (أي الرب) جاءت من أجلي لكي تخلصني من الدودة الفاسدة، التي تُفسد جنس البشر. وحيث أن تلك الدودة الفاسدة - التي تُفسد وهي فاسدة - تتوغل في الجروح وتعمل فيها للعفونة والنتانة، فقد جاءت الدودة غير الفاسدة التي قيل عنها: "أنا دودة لا إنسان" (مز 22). وكما تغوص هذه الدودة الفاسدة في الجروح، هكذا أيضاً تغوص الدودة غير الفاسدة "إلى أقسام الأرض السفلى" (أف 4: 9)، ومن هناك تبدأ في إماتة كل نجاسة الدودة القديمة. وبالتالي، بعد أن تطهرهم كلهم، تقودهم إلى فوق - بينما تبقى هي ذاتها غير فاسدة. هذه هي الدودة التي طهّرت أيوب الصديق من الدودة الفاسدة، والتي قالت له أيضاً "أشدد الآن حقويك كرجل" (أي 38). هذه الدودة أيضاً "اصطادت لوياثان (أي الشيطان) بشصٍّ (أي بصنارة)" (أي 38) وهي معلقة على خشبة الصليب. لهذه الدودة "كل شيء قد أُخضع" عدا "الذي أخضع له الكل، لأنه أخضع كل شيء تحت قدميه" (1 كو 27:15). الدودة الفاسدة تُفسد كل شيء، ولا يوجد شيء على الأرض، لا أخشاب ولا أطعمة ولا تراب ولا لحم، لا تلتهمه عدا الملح والزبت. ولكن ما هو الملح والزيت سوى الآب الذي "أخضع كل شيء له"، والذي ملّح الخليقة برحمته، والذي أعطى أيضاً ملحاً للرسل لكي يملَّحوا العالم من رائحة الأصنام الشريرة، لكي يأتوا إلى الرائحة العطرية التي للإله الحقيقي؟ آمين. وما هي قوة الخردل حتى إنه شبّه ملكوت السماء به (مت 13)، وليس بالزيتونة أو النخلة أو أي واحدة من الأشجار العظيمة، مفضلاً بالأحرى تلك الشجرة الحقيرة؟ لقد أختارها لأن شجرة الخردل خشنة جداً وتقوي قلوبنا. نعم أيها الأب، اطلب من الرب أن يُظهر لنا هذا السر الذي للدودة والخردل، لكيما نمجِّد الآب والابن مع الروح القدس إلى أبد الدهور آمين. جواب القديس برصنوفيوس: سبق أن قال داود النبي: "جروحي أنتنت وقاحت من جراء حماقتي" (مز 38) لماذا حدث هذا؟ "من جراء حماقتي" إذا، فالحماقة هي مخزن كل الشرور، لأن الحماقة ولدت عدم الطاعة، وعدم الطاعة ولدت جرحاً، وبعد الجرح أنتجت الحماقة إهمالاً، والأهمال أدّى إلى تلوث، والتلوث أدّى إلى نتانة وعفونة، والجسد البائس أمتلأ بالدود، وصار فاسداً. ولما فَسَدَ ألقي في البحر، وصار طعاماً للحوت، ووُضع في أحشائه، حتى جاء الدودة السماوية، وسُمِّر على صنّارة الصليب، وأُنزل إلى داخل أحشاء الحوت، فأخرج من فمه الطعام الذي ابتلعه، مع أحشائه. وأخذ اللحم ومسحه بزيت، وغسله بماء، وطبخه بنار، لأنه قيل "هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (مت 3) وأطعمه بخبز وفرَّحه بخمر، وتبّله بملح، وحرّره من الفساد؟ وأكثر من ذلك، أضاف إليه خردل مقلّصاً كل الفساد، ومُصلباً منخاري التنين حتى لا يجعله قادراً حتى أن يشمّه، ومشوِّشاً على عينيه حتى لا يستطيع أن يطّلع على كمال اتضاعه. وإذ علمنا كل هذه الأمور، ليتنا لا نتجاهل نُصحه لئلا تتحقق فينا أيضاً الكلمة: "إن فسد الملح فبماذا يُملح" (مت 5)؟ وماذا يشير نقصان الملح؟ لا شيء سوى "قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مز 14). إذن، فإن كنت لم تنس الأمور القديمة وتعلم الأمور الأخيرة، فاسمع الذي يقول: "الذي يعلم إرادة سيده ولا يستعد ولا يفعل بحسب إرادته يُضرب كثيراً" (لو 12). فإذا قلنا إننا نعرف ونحن مهملون لا يكون بعيداً عنا الويل للذين يخطئون بمعرفة. ولكن إن كنا نعرف أننا تراب ورماد مثل إبراهيم وأيوب (تك 18، أي 42)، فلن نُسلب إلى الأبد، بل يكون عندنا دائماً لنعطي آخرين أيضاً، ليس ذهباً ولا فضة (أع 3)، بل نموذجاً للاتضاع والصبر وحبّ الله. له المجد إلى الأبد آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|