ماذا قال العهد القديم في الروح القدس؟
* سُمي فيه «الروح» و«روح الله» و«روح الرب» و«الروح القدس» و«روح قدس الله» «روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب» (إش 11: 2)، و«روح النعمة» (زك 12: 10). وأُضيف اسم الروح القدس إلى ضمير الجلالة في المتكلُّم والمخاطب والغائب، فقال الله : «روحي» وقيل له «روحك» وقيل عنه «روحه». ومما نُسب إليه من الأعمال «روح الله يرفّ على وجه المياه» (تك 1: 2) مشيرًا إلى اشتراكه في خلق الكائنات. وقال الله عن بصلئيل «ملأتُه من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعةٍ» (خر 31: 3) وعضد الرب موسى ورفقاءه في العمل بروحه (عد 11: 17، 25) وقول أليهو «روح الله صنعني» (أي 33: 4) وقيل «هل قصُرت روح الرب؟» (سفر ميخا 2: 7) إشارةً إلى قوته غير المحدودة. وقال نحميا إن الله أعطى في القديم روحه الصالح لتعليمهم (سفر نحميا 9: 20) وقال الله إنه سكب روحه على نسل شعبه ليُرجعهم إليه (إش 44: 3) وقال «لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود» (زك 4: 6) مشيرًا إلى عظمة قوته ومجد قدرته. وقيل إن بني إسرائيل «تمرَّدوا وأحزنوا روح قدسه» (إش 63: 10). وصلى داود «روحك القدوس لا تنزعه مني» (مز 51: 11).
وقد زاد تعليم العهد الجديد عن الروح القدس وضوحًا عن العهد القديم، فاستطعنا أن نفهم التفسير الصحيح لأقوال العهد القديم بمقارنتها بأقوال العهد الجديد عنه، فالكتاب يفسّر نفسه بنفسه، والتعاليم الواضحة فيه تفسّر المُبهمة، والمستوفية تفسّر المختصرة. فنرى أن روح الله الذي رفَّ على وجه المياه، ودان في الإنسان قبل الطوفان، وحلَّ على موسى، وأعطى الحكمة والفهم للذين أقاموا خيمة الاجتماع، وألهم الأنبياء، ليس مجرَّد قوة إلهية، لكنه شخصٌ، لأن المسيح وعد أن يرسله معزيًا وشفيعًا، ثم حلَّ على الرسل، وهو الفاعل العظيم في تعليمنا وإرشادنا وتقديسنا.
فيتضح من كل ما قيل في الروح القدس في العهد القديم أنه أقنوم، غير أنه لم يتضح لكنيسة العهد القديم أنه الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس، كما انجلى لكنيسة العهد الجديد. نعم إن الله ثلاثة أقانيم في جوهر واحد منذ الأزل، غير أن معرفة ذلك أُعلنت للبشر بالتدريج.