رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما ليس الايمان ليس الايمان علماً، لاهوتاً كان أو فلسفة، ولا الدين مجموعة عقائد وتعاليم، فبوسع الملحد أن يعرف عن الدين اكثر من المؤمنين. لذا نرتكب خطراً فادحاً عندما نظن اننا رسخنا الايمان في نفوس الصغار اذ نحشر ادمغتهم بمعلومات فلسفية – لاهوتية عن الدين. ليس الايمان كتاباً، حتى وان كان مقدساً، فالكتاب حرف والحرف يقتل، اما ما يحي فهو الروح. ومن الخطر والخطأ أن نتقيد بنص الكتاب الحرفي ونجعل منه مجموعة سنن وركائز نظام معين، وكأن الكتاب شرعة لتسيير البشر في مسيرة حياتهم وتنظيم علاقاتهم الاجتماعية. ليس الايمان مراسيم وطقوسا وصوراً وثياباً. ليس الايمان فروضاً أو واجبات تكملها فيرتاح ضميرك ولا يستطيع أحد، حتى الله عينه، أن ينحي عليك بلائمة، وكثيراً ما يكون تكميلك اياها على سبيل العادة ليس الا. ليس الايمان ثقة عمياء. لقد لقنونا معلومات شتى، وعودونا على شعائر معينة، وأرغمونا باسم السلطة الوالدية أو الكنسية أو المجتمعية على نمط خاص من الاعتقاد والممارسة، واخذنا كل ذلك ونحن صغاراً. فقلدنا الكبار، وبقينا أطفالاً، ولم نتسال يوماً: عل علمنا الصحيح؟ وهل ممارستنا صائبة؟ هل حياتنا مستنيرة؟ بل ان استلامنا الامور الدينية على علاتها، دونما نقد وتقييم، قادنا الى الأخذ بالهالة القدسية للدين، بعصمة الكتب المقدسة، بعصمة رجال الدين، بسحرية الاسرار... ليس الايمان وهماً أو خيالاً، فنأخذ بإله متعال بعيد عن العالم، غريب عن قضايانا وحياتنا، دين صارم وسيد مطلق. فكثيرا ما يقودنا هذا المفهوم الى الحتمية والقدرية والاتكالية ونظن ان الله كائن يصنع ما يشاء وكيفما يشاء، واننا أشبه باحجار الشطرنج يحركنا وفق هواه، فنسىء هكذا الى الله، ونسيء الى الانسان. ليس الايمان تهربا أو تخديراً، كأن يقال لك: "ان حياتك شقاء وتعب ولكن ماذا بوسعك ان تفعل؟ احتمل.. انك فقير ومنكوب أو مظلوم، أو مريض أو مضطهد، ولكنها إرادة الله... ويظل الفقراء فقراء والمضطهدون كذلك، ويظل المستبدون الجشعون والمعتدون يمارسون اعتداءاتهم. ألم يكن كارل ماركس مصيباً عندما قال: "ان الدين أفيون الشعوب؟". ليس الايمان مصلحة ومنفعة، فنعبد الله لاننا نخشاه، ونقوم بافعال خير لكي نحصل على الثواب، ونصوم ونصلي لكي ننال صحة ورزقاً وراحة البال، جاعلين من ديانتنا مقايضة وتجارة، فنقتل مجانية العطاء، فكل عطاء في نظرنا يجب ان يقابله أخذ، وإلا فما نفع الايمان؟ الايمان الحق الايمان حبّ كبير يوحّد شخصين. الاول قلبه كله خير وعطاء وحنان، كامل الشخصية، قدير متسام، قريب متأنس، كله حضور وهو الله. والثاني شخص في نمو وتكامل، فيه من الطاقات والامكانات ما تؤهله ليغدو عظيماً، ولن يحقق ذاته الكبيرة إلا بمقدار تعرفه وانفتاحه على الله، وتمثله به، واتحاده بابناء الله أصدقائه البشر والخلائق كافة بحب متجسد ذي ركيزة واقعية وأبعاد شاملة. الايمان شخص يتحدث الينا من خلال كتاب. الكتاب المقدس مُحرِّك ومُوجِّه. انه نداء واشارة وامل ومشعل. الكتاب المقدس يحرّرنا من إله الخيال والخوف فنعرف إله الحب ونقيّم الانسان. الايمان قضية شخصية، فلا يكفي أن نرثه عن الأخرين. أنه تعبير شخصي وحي وخاص به نحيا ونتحرك ونبدع. الايمان يجعلني مسؤولاً وملتزما تجاه القيم العليا والمبادىء السامية. فيفتحني بحركة تضحية وبذل تجاه الانسان الاخر. الايمان فعل جماعي. ان نؤمن لوحدنا فيه من النقص والخطأ. الانانية في الدين تقود الى الانغلاق والتعصب. الايمان أمل يحرّر ويخلص، لا في العالم الآتي أو لحياة ما بعد الموت، بل منذ اليوم وفي واقعنا الحياتي. والايمان فرح لا يوصف للانسان الذي يحياه عن وعي وبحرية. ايمان جديد؟ نعم ايمان بالانسان لكي يحيا الانسان حبّ الله وحبّ إخوته لبنيان الكون بنوع افضل. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إن إيماننا بقيامة ربنا من بين الأموات وصعوده إلى السماوات تسند إيماننا برجاءٍ عظيمٍ |
نعم، يا رب، إيماننا صغير، إيماننا ضعيف وواهن |
يا رب قوّ إيماننا |
إيماننا |
أما إيماننا |