الشخصية السوية (المشاعر والإنفعالات) (10)

[tito227]

الشخصية السوية (المشاعر والإنفعالات) (10)

القمص داود لمعي راعي كنيسة مارمرقس كليوباترا

١٠ نوفمبر ٢٠١٤

إن الإنفعالات والمشاعر الإنسانية الطبيعية، المنضبطة واللائقة والمناسبة للأحداث أو المؤثرات الخارجية هى السمات الأساسية التى تميز الشخصية السوية…

فالشخص السوى يبتسم ويضحك للمواقف المثيرة للبهجة والمرح ويبكى ويحزن تأثراً بالأحداث الحزينة والمؤلمة دون أى مبالغات زائدة أو تجاوزات متطرفة وغير مناسبة.. فالضحك الزائد والقهقهة أو الصراخ الحاد والعويل هو أمور لا تعبر عادة عن الفرح الشديد أو الحزن الدفين، ولا تصدر غالباً إلا عن شخصيات مضطربة وغير سوية..!

إن يسوع المسيح له كل المجد بكى أمام قبر لعازر وهو العالم بلاهوته أنه سيقيمه بعد دقائق معدودة، لكنه فعل ذلك بطبيعته البشرية كإنسان.. فانزعج وإضطرب وبكى حزناً لحال أختى لعازر بدون مبالغة (يو11: 1- 44).

إن المبالغة فى المشاعر أو الإنفعالات بطريقة غير مريحه وبلا أى أسباب منطقية وواضحة أمر غير طبيعى ويشير عادة إلى مشاعر مزيفة وغير حقيقية وربما يخفى وراء قناع الزيف هذا أغراضاً وأهدافاً ملتوية.. كذلك الفتور الشديد فى المشاعر وعدم التأثير الطبيعى بالمؤثرات الخارجية أو عدم الأكتراث بالمواقف والأحداث الجارية أو كبت الإنفعالات يشير غالباً إلى شخصية مضطربة وغير سوية، تفتقر إلى الاعتدال والأتزان النفسى.. فالشخص العبوي المتجهم الذى لا ينفعل بما حوله ولا يعرف وجهة الإبتسامة والبشاشة ولا طريق البكاءهو إنسان غير طبيعى وغير سوى.. والشخص الذى يضحك عندما يكون البكاء حتماً ويبكى عندما يكون الضحك طلقاً هو أيضاً إنسان غير سوى.. أما الشخص المتقلب المزاج والمتذبذب المشاعر، الذى ينتقل بين الإنفعال ونقيضه بسرعة وسهولة ويفعل ذلك بلا أى مبررات واضحة ودون أى أسباب منطقية فهو قطعاً إنسان مضطرب لا يعرف معنى الإتزان والتعقل..!

وهناك صراع شهير يحدث ما بين العقل والعاطفة عن اتخاذ أى قرار.. فالإنسان الذى يرجح كفة العقل ويفضل عمل حساب لكل شئ بدقة شديدة بحجة أنه شخص عملى وواقعى ولا يتأثر بالعواطف والأحاسيس هو إنسان غير سوى..

كذلك الإنسان الذى يرجح كفة القلب ويهيم شوقاً فى المشاعر والعواطف متجاهلاً أى دور للعقل والفكر والمنطق عند التقرير هو أيضاً غير سوى.. فمثلاً.. عند اتخاذ قرار الارتباط والزواج يمكننا أن نرى نماذجاً مختلفة من الشباب، فهناك الشاب العقلانى الذى يتقدم للارتباط بفتاة لمجرد أنها جميلة وجذابة أو أنها إنسانة جيدة أو لأنها تعمل بوظيفة مرموقة، وأنه قرر الزواج منها لأن الوقت المناسب لذلك بالنسبة له قد حان وظروفه أصبحت تسمح بذلك الآن، دون أن يبارل تلك الفتاة أحاسيس الحب والمودة ودون أن يشعر نحوها بمشاعر الإنجذاب والألفة ليبدو وكأنه سيتزوج جهازاً كهربائياً..!! فمصير مثل هذه الزيجة هو التعب والخلاف والإخفاق. وهناك أيضاً الشاب العاطفى المرهف الحس الذى يندفع بمشاعره ويقرر الزواج من ففتاة ما لمجرد أنه أعجب بها وأحبها من أول نظرة ويهيم غراماً بها، دون أى اعتبارات لحسابات العقل فى الإعداد والتجهيز للزواج واختيار التوقيت الصحيح والظروف المناسبة لذلك ودون الالتفات إلى الفارق الثقافى والعلمى والاجتماعى بينهما وكأنه سيتزوج بالفتاة فى الأحلام بعيداً عن الواقع..!! مصر تلك الزيجة أيضاً هو الفشل الذريع “القلب أخدع من كل شئ وهو نجيس، من يعرفه” (أر 17: 9).

أما الإنسان السوى فنجده عاقلاً وحساساً.. يفكر ويشعر فى مفس الوقت ويستطيع أن يحقق التوازن المعتدل بين عقله المشتعل بالفكر وقلبه النابض بالمشاعر، مستعيناً بروح الإرشاد ومستظلاً بقوة الصلاة ومعتمداً على عمل النعمة الربانية التى تجعله فى النهاية ناجحاً وقادراً على اتخاذ القرار المتوازن والصائب فى الوقت الصحيح والمناسب.

أخيراً،،

هل تعانى من صراع بين ما تعتقد فيه وما تشعر به؟

هل ترى نفسك عاطفياً رومانسياً.. أم عقلانياً عملياً؟

ما هى أكثر المشاعر أو الإنفعالات

التى تكرها فى نفسك وفى من حولك؟

هل تلاحظ أنك تنزعج أحياناً بدون سبب مقنع؟