منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 10 - 2014, 04:43 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,711

معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها



المطران ميشيل يتيم
أتحدّث إليكم في هذا المساء عن الأمثال التي ضربها يسوع في أثناء حياته التبشيرية، والمدوَّنة في الأناجيل المقدَّسة.
معنى المثل
للمثل في اللغة العربية عدة معانٍ. اكتفي بذكر معنَيَيْن فقط. فالمثل، في المعنى الأول، هو قول سائر بين الناس، يعبّر بجملة موجزة عن خبرة شعب معيّن في مجالات السلوك والأخلاق والمواقف الحياتية والتصرّف اليومي. إنّ الحلبيين يحبون المآكل الطيبة، ومع ذلك فإنهم يفضّلون عليها الأفراح والحفلات، ويسمونها "البَسْط". فجاء المثل في قولهم: "إن جاعَتْ البطن بأيْش ما كان قَوّتْها وساعة البسط عمرك لا تفوّتها". وقالوا في الاستعداد للزواج: "حَضِّر الفلوس بتجي العروس". وقالوا في محبتهم للهدايا: "شو أحلى من العسل؟ خلَّ ببلاش". إني لا أتحدث عن الأمثال بهذا المعنى، بل بالمعنى الثاني.
فالمثل، بالمعنى الثاني، هو قصة قصيرة، مشوّقة، وبسيطة، ورفيعة المستوى الخُلقي وذات معنى ديني سامٍ، سردها يسوع على الذين كانوا يستمعون إليه، وقد اقتبس مكوّناتها من عادات الناس، أو من تصرف ملوكهم، أومن أعراسهم وحفلاتهم، أو من مِهَنِهم، أو من مظاهر فضائلهم وخطاياهم، أو من الطبيعة الزراعية المحيطة بهم.
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها


ومن أشهر الأمثال الواردة في الأناجيل مثل "الابن الشاطر" ومثل "السامري الرحيم" ومثل "الغني والعازر الفقير".

في أيٍّ من الأناجيل الأربعة نجد الأمثال ؟
إننا نجد الأمثال في الأناجيل الإزائية الثلاثة التي كتبها الإنجيليون متى ومرقس ولوقا. ولكننا لا نجد أيّ مثل في إنجيل يوحنا بل أقوالاً صريحة تفوّه بها يسوع مع بعض تشابيه.
ولماذا لم تَرِد الأمثال في إنجيل يوحنا؟ لأن يوحنا توخّى في كتابة إنجيله أن يعرض مطلب يسوع الأساسي، وهو الإيمان به. وألحّ على ذكر هذا المطلب حتى إنه أصبح الهدف الذي أراد إصابته من كتابة إنجيله. قال يسوع يوماً للمستمعين إليه ولا سيما لرؤساء اليهود من الكتبة والفرّيسيين وعلماء الشريعة: "إنْ لم تؤمنوا بأني أنا هو تموتون في خطاياكم." أَجابوه: "مَنْ أنت؟" (يوحنا 8/24). وفي الواقع كيف يمكنهم أن يؤمنوا به إن لم يعرفوا من هو معرفة دقيقة؟
إن هذه المعرفة الدقيقة التي طلبوها من يسوع حملته على أن يحدّد هُويّته تحديداً واضحاً وشاملاً ، بكلام صريح ، دقيق ، ومفصّل ، وَرَدَ لا في صفحة واحدة من إنجيل يوحنا ، بل في كثيرٍ من صفحات إنجيله . قال لهم عن نفسه : " أنا نور العالم " (يو 8/12) – " أنا خبز الحياة " (يو 6/48) – "أنا الطريق والحق والحياة" (يو 14/6)– " أنا الراعي الصالح" (يو 10/11) – " أنا الكرمة وأنتم الأغصان " (يو 15/5) – "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو 8/58) أي منذ الأزل – "أنا ملك" (يو 18/3) قال ذلك القول لبيلاطس – "أنا المسيح" (يو 4/25) قال ذلك القول للسامرية – "أنا والآب واحد" (يو 10/20) قال ذلك القول لرؤساء اليهود .
إن هذه الأقوال وغيرها التي حدّدت شخصية يسوع بدقّة قد فهمها الرؤساء فهماً جيداً . فحاولوا أن يقبضوا عليه وأن يرجموه بالحجارة . قالواله : " أنت إنسان ، وتجعل نفسك إلهاً "(يو10/33).
لم يتكلّم يسوع معهم على شخصيّته بلغة الأمثال، لأن الأمثال لا تستطيع أن تحدّد هويّته بدقّة ووضوح لِما فيها من رموز ومعانٍ خفيّة، ولِما تحتمله من تآويل مختلفة . ولمّا كان يوحنا قد عهد على نفسه أن ينقل إلينا كلام يسوع نقلاً صادقاً فقد خلا إنجيله من الأمثال خلواً كاملاً .
أما الإنجيليون الثلاثة الآخرون ، متى ومرقس ولوقا ، فلم يحصروا اهتمامهم بنقل ما قاله يسوع في موضوع الإيمان به فحسب ، بل نقلوا إلينا موضوعاً آخر أيضاً ، قد تحدّث عنه يسوع مرّاتٍ كثيرة، وهو ملكوت الله.
لقد تحدّث يسوع عن ملكوت الله ( أو ملكوت السماوات في إنجيل متى ) لا بلغة صريحة كما فعل لمّا حدّد هويّته، بل بلغة الأمثال. فنقل الإنجيليون الثلاثة إلينا كلام يسوع كما خرج من فمه ، أي بلغة الأمثال التي نقرأها في أناجيلهم . وسنرى في الحديث الثاني لماذا تكلّم على ملكوت الله بلغة الأمثال لا بلغة صريحة.
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها
تصنيف أمثال ملكوت الله
ضرب يسوع خمسةً وثلاثين مثلاً عن ملكوت الله وتحدّث عنه من جوانبه الثلاثة ، وهي الجانب العقائدي ، والجانب الأخلاقي ، والجانب النَبَوي . وإليكم كلمة عامة على هذه الجوانب الثلاثة:
- الجانب العقائدي يعرض علينا ما قام به يسوع من أعمال لنشر ملكوت الله على الأرض ، ويبيّن مقاومة الشيطان لأعمال يسوع ، ومصير مَنْ يتبعون غواية الشيطان .
- والجانب الأخلاقي يذكر لنا أجمل الفضائل وأسماها التي يجب على أبناء الملكوت أن يمارسوها في حياتهم الفردية والاجتماعية.
- والجانب النَبَوي يؤكد لنا ضرورة قبول ملكوت الله ، ويصف لنا حكم الله الشديد على الذين يرفضونه ، والعقاب الأليم الذي يحلّ بهم .
لذلك نقول إن الأمثال على ثلاثة أنواع : عقائدية ، وأخلاقية ، ونبوية . وإليكم بعض التوضيح لكلٍّ من هذه الأنواع الثلاثة .
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها
النوع الأول : الأمثال العقائدية
كان لرسالة يسوع على الأرض وجهان متميّزان الواحد عن الآخر تمييزاً واضحاً . فالوجه الأول هو التبشير بملكوت الله , والوجه الثاني هو فداء البشرية الخاطئة وخلاصها الأبدي بتضحيات حياته وموته على الصليب ، وبقيامته من بين الأموات .
إن الأمثال لا تتكلم إلاّ على الوجه الأول ، وهو التبشير بملكوت الله وسعي يسوع لنشره في العالم . ولا تذكر شيئاً عن الوجه الثاني ، وهو فداء البشرية وخلاصها الأبدي ( إلاّ تلميحاً بسيطاً جداً جاء في مثل الكرّامين القتلة ) .
ومما يجدر الإشارة إليه هو أن الأمثال التي تتحدّث عن سعي يسوع لنشر ملكوت الله لا تذكر بالتفصيل كلّ ما قام به يسوع من أعمال في سبيل نشر هذا الملكوت ، بل تذكر نوعين من الأعمال فقط، وهما نشاطه في زرع كلام الله في نفوس الناس ، وتأسيسه للكنيسة التي تتابع عمله التبشيري في العالم .
إن الأمثال العقائدية ثمانية ، سبعة وردت في إنجيل متى ( في الفصل الثالث عشر ) وواحد في إنجيل مرقس خاص به ( في الفصل الرابع ) . وهذه الأمثال هي أمثال الزارع ، والزؤان ، وحبّة الخردل ، والخميرة في العجين ، واللؤلؤة الثمينة ، والشبكة التي ألقيت في البحر ، والزرع الذي ينمو ، والكنز المخفي في الحقل .
ليس لدينا الوقت لدراسة كل مثل بمفرده . أكتفي بأن أعرض عليكم فكرة عامة وسريعة عن هذه الأمثال ، وأشرح لكم شرحاً بسيطاً مثل الكنز المخفي في الحقل .
إن هذه الأمثال تؤكد لنا أن ملكوت الله حقيقة واقعية . فهي مملكة روحية قائمة على الأرض ، مكوّنة من البشر، ومَلِكها الله تعالى . لقد قام فيها يسوع بنشاط رائع . زرع في قلوب الناس كلام الله ( مثل الزارع ) ، وأسّس الكنيسة، فكانت في بدء وجودها صغيرة تكاد لا تُرى ( الشطر الأول من مثل حبة الخردل ) . ثم أخذت تتابع عمله وتعمل في قلوب الناس عملاً خفياً ( مثل الخميرة في العجين ) . فانضمّ إليها مجموعة كبيرة من الناس ، حتى إنها امتدت في الأرض ونمت وأصبحت كالشجرة العظيمة التي تأوي إليها طيور السماء ( الشطر الثاني من مثل حبة الخردل ) . ولكن الشيطان لا يريد أن تنعم الكنيسة بالوحدة وصفاء الإيمان ، فزرع بين أبنائها الصالحين جماعة من الأشرار وأصحاب البدع ( مثل الزؤان ) . ومع ذلك ، فإن الكنيسة تتابع نموّها ( مثل الزرع الذي ينمو )حتى انقضاء الدهر . ومتى حلّ انقضاء الدهر يُفصل الأبرار عن الأشرار ( مثل الشبكة التي ألقيت في البحر ) ، فيتمتّع الأبرار بالسعادة الأبدية ( مثل اللؤلؤة الثمينة ) ويُلقى الأشرار في الهلاك الأبدي كما يُلقى السمك الرديء في قاع البحر ( خاتمة مثل الشبكة ) .
لقد سُمّيت هذه الأمثال أمثالاً عقائدية بالمعنى الواسع ، أي إنها عرضت بعض العقائد المسيحية من دون تحديد أو تفصيل وقبل أن أنتقل إلى الحديث عن النوع الثاني من الأمثال أعرض بسرعة " مثل الكنز المخفي في الحقل " : بينما كان الفلاح يحرث حقل سيده اصطدمت سكّة المحراث بشيء صلب ، فتوقف الفلاح عن العمل ومال إلى الأرض وكشف التراب . يا للفرح ! صندوق حديدي مخفي تحت التراب مملوء بالذهب والجواهر . الفلاح ذكي وفطن . إنْ حمله إلى بيته فوراً كُشف أمره وصادرته الحكومة . فعاد وطمره ، وذهب ، وباع بيته وكل ما كان يملكه وجاء إلى صاحب الحقل ورجاه أن يبيعه الحقل . فباعه إياه . فأصبح الفلاح منذ تلك الساعة من كبار الأغنياء . الكنز هو يسوع نفسه . من اكتشفه بالإيمان لن يتخلّى عنه ، بل يضحّي بكل شيء ليحتفظ به . هذا ما فعله القديسون . إنه الغنى والسعادة . وهذا ما يجب علينا أن نفعله ليبقى يسوع لنا غنىً في الدنيا والآخرة .
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها

النوع الثاني : الأمثال الأخلاقية
جاء يسوع ليهذّب الناس ويرفع مستواهم الخلقي ، فضرب سبعة عشر مثلاً ، ذكر فيها أهم الفضائل الخلقية التي يجب على المسيحيين أن يمارسوها . إن هذه الأمثال موزّعة على إنجيل لوقا وإنجيل متى ، أكثرها في إنجيل لوقا ، وأقلّها في إنجيل متى ، ولا وجود لها في إنجيل مرقس .
وإليكم لائحة هذه الأمثال الخلقية : السامري الرحيم ( لو 10/31-37 ) – والعبد العديم الشفقة ( متى 18/23-35 ) – والابن الشاطر ( لو 15/11-32 ) – والفرّيسي والعشّار ( لو 18/9-13 ) – والغني والجاهل ( لو 12/16-21 )– والوكيل الخائن ( لو 16/1-8 )– والمدينيْن اللذين عجزا عن وفاء دَيْنهما (لو7/41-43) – والصديق اللّجوج ( لو 11/5-8 ) – والقاضي الظالم والأرملة ( لو 18/1-8 ) - وبناء البرج (لو 14/28-29)– والمـلك وضرورة الاستعداد للحرب (14/31-32) – والخروف الضالّ (متى 18/12-14) – والدرهم الضائع (لو 15/8-10) – والوزنات (متى 25/14-30)– والأمناء (لو 19/11-27) – والـعبيد الـذين ينتظرون سيّدهم (لو 12/35-38)– والغني والـعازر الفقير (لو 16/19-30).
وإليكم فكرة عامة عن هذه الأمثال . إن هذه الأمثال تدعو الإنسان المسيحي إلى ممارسة الفضائل الكبرى:
1- فتلحّ إلحاحاً شديداً على ضرورة ممارسة ملكة الفضائل التي هي المحبة بشقّيها محبة الله ومحبة الآخرين. فتبيّن جمالها ( السامري الرحيم ) ، ومفعولها في النفس ( المدينان اللذان عجزا عن وفاء دينهما ) ، والمصير البائس الذي يلقاه مَن لا يمارسها ( الغني والعازر الفقير ، والغني الجاهل ، والعبد عديم الشفقة ).
2- وتذكر مساوئ الخطيئة ، وواجب التوبة ، وحنان الله على التائب ، وقباحة الحقد بين الإخوة ( الابن الشاطر ) وجَهْد يسوع لإعادة الإنسان الخاطئ إلى التوبة ( الخروف الضال ، والدرهم المفقود ).
3- وتصف الفائدة الروحية من الصلاة المتواضعة ( الفرّيسي والعشّار ) والثقة البَنَوية التي تحمل على الإلحاح في الصلاة ( الصديق اللّجوج ، والقاضي الظالم والأرملة ) .
4- وتبيّن ضرورة التصرّف بحكمة في الحياة لبلوغ الخلاص الأبدي ( الوكيل الخائن ، بناء البرج ، استعداد الملك للحرب) وأهمية الجهاد الروحي لاستثمار مواهب الله فينا (الوزنات والأمناء) وفائدة إخلاص الإنسان لله خالقه (العبيد الذين ينتظرون سيدهم).
معنى الأمثال الواردة في الإنجيل وتصنيفها

إن هذه الأمثال تؤمن بقدرة الإنسان المسيحي على أن ينمو داخلياً ويرتفع إلى مستوى عالٍ في مجالات العلاقات البشرية ، وحياة التقوى ، والصلاة , والتصرّف بحكمة وجهد وإخلاص ، بشرط أن يلبّي دعوة الله ، ويفتح نفسه التوّاقة إلى الأسمى ، لنعمة الله لتعمل فيها عملها الإلهي .
وأختم حديثي عن الأمثال الخلقية بعرض مثل " الغني الجاهل " . رجل غنيّ أخصبت أراضيه . فلما جمع غلاله قال في نفسه :" غلالي وافرة ومخازني ضيّقة ، ماذا أعمل ؟ أهدم مخازني ، وأبني أوسع منها ، وأكدّس فيها غلالي. وأقول لنفسي :" يا نفسي ، لك خيرات كثيرة لسنين كثيرة . فاستريحي ، وكلي، واشربي ، وتنعّمي ." فقال له الله :" يا جاهل ‍! في هذه الليلة تؤخذ منك نفسك. فَلِمَنْ يكون ما أعددته " وقال يسوع :" هذا مصير من يكنز لنفسه ولا يغتني عند الله ."
لقد ارتكب هذا الغني خطأين كبيرين : الأول أنه اطمأن إلى حياة طويلة . فالمال شدّد قلبه ونزع من ذهنه فكرة الموت، فلم يستعدّ لآخرته . والخطأ الثاني ، وهو الأعظم ، أنه استسلم إلى الأنانية المفرطة ، فلم يفكّر في مؤازرة المحتاجين من أطفال يتامى ، ونساء أرامل ، وشيوخ وعجائز مهملين، ومرضى معذبين بحاجة إلى الدواء، وفقراء تعوزهم لقمة العيش . كان بخيلاً، أنانياً إلى أبعد حدٍّ من البخل والأنانية.لذلك قال عنه يسوع إنه قد اغتنى للأرض ، ولم يغتنِ عند الله . فكان غنياً جاهلاً لم يعرف أن يستفيد من غناه للحصول على سعادة الحيا ة الأبدية . إنه مثلٌ يدعونا نحن المسيحيين ، إلى أن ننفتح على الآخرين ونفكّر في مؤازرتهم على قدر إمكاناتنا .
النوع الثالث : الأمثال النَبَوية
لقد اصطدم يسوع في حياته التبشيرية بالشرّ المتغلغل في قلوب بعض الناس ، ولا سيّما في قلوب الكتبة والفرّيسيين وعلماء الشريعة . وكان أبشع مظهر لهذا الشرّ رفض الإيمان بالمسيح ، ومقاومة إرادة الله بالعصيان، ومحاولة تشويه مخطّط الله لخلاص البشر ، وسلوك الحياة الفارغة من الأعمال الصالحة .
فضرب يسوع بعض الأمثال ليعبّر عن شرّ هؤلاء الأثمة ، ويدعوهم إلى التوبة والإيمان بالمسيح الموعود ، وينذرهم بالعقاب الذي سيحلّ بهم بسبب مواقفهم السيئة .
وقد دُعيت هذه الأمثال نَبَوية لا لأنها كانت كلّها تتنبّأ عن المستقبل ، بل لأنها كانت تؤنّب الخطأة المعاندين كما كان أنبياء العهد القديم يؤنّبون المتمسكين بشرّ الخطيئة وينذرونهم بعقاب الله .
إن أكثر هذه الأمثال ورد في إنجيل متى ، وأقلّها في إنجيل لوقا ، وعددها عشرة ، وإليكم لائحتها : التينة العقيمة (لو13/6-9) - التينة المورقة (متى 21/18-22) - العذارى العشر (متى 25/1-12) – مثل الإبنَيْن (متى 21/28-32) – عمّال الكرم (متى20/1-16) – الصِبْية في الساحات (متى 11/16-17) – التينة التي لانت أوراقها (متى 24/32-34) – المدعوون إلى العرس (متى 22/2-14) – المدعوون إلى العشاء (لو 14/15-24) – الكرّامون القتلة (متى 21/33-45).
لا يمكننا أن نطالع الآن هذه الأمثال كلّها . إني أكتفي بأن أعطيكم عنها فكرة عامة . إن هذه الأمثال ثلاث فئات :
1- الفئة الأولى تدعو الخطأة إلى التوبة والقيام بالأعمال الصالحة ، وإلاّ حلّ بهم الموت الروحي وكان مصيرهم الهلاك الأبدي ( التينة العقيمة ، التينة المورقة ، العذارى العشر ) ، كما تدعوهم إلى طاعة الله ( مثل الإبنَين ) وعدم التذمر على أحكام الله وإلاّ طُردوا من الملكوت ( عمّال الكرم ) .
2- الفئة الثانية تصف عناد الفرّيسيين وتمسّكهم بالحجج الواهية لرفض الإيمان بالمسيح ابن الله . ولذلك فقد حرمهم الله من حكمته الإلهية ( الصِبية في الساحات ) وحطّم كيانهم تحطيماً كلّياً ( التينة التي لانت أوراقها ، المدعوون إلى العرس ، المدعوون إلى العشاء ) .
3- الفئة الثالثة تذكر خيانة الرؤساء لعهد الله ، وقد تعدّوا على ابن صاحب الكرم وقتلوه ( الكرّامون القتلة ) ، فكان نصيبهم الموت واستبدالهم بكرّامين أمناء ، وهم الرسل ، يؤدّون لصاحب الكرم الثمر في أوانه .
ولا بدّ هنا من ملاحظة هامة، وهي أن هذه الأمثال بأنواعها الثلاثة يتداخل بعضها في بعض ، وليس بينها فاصل قاطع، بمعنى أن الأمثال النَبَوية فيها توجيهات أخلاقية ، وأن الأمثال الأخلاقية فيها إشارات عقائدية .
والآن أعرض باختصار مثل المدعوين إلى عرس ابن الملك (متى 22/2-14). الملك وجّه دعوته إلى المدعوين بمناسبة عرس ابنه. فرفضوها. فمنهم من لم يبالِ بها ، ومنهم من تعدّى علىخدّام الملك فشتموهم وقتلوهم. فأرسل الملك جيوشه وأهلك هؤلاء القتلة وأحرق مدينتهم . ثم أرسل الملك خدّامه إلى الطرق فدعوا إلى العرس كلّ من وجدوه ، فامتلأت القاعة بالمدعوين. ولمّا تفقّد الملك المدعوين لاحظ أن واحداً منهم ليس عليه حلّة العرس التي كانت تُقدّم لهم عندما كانوا يدخلون القاعة. فأمر الملك عبيده بأن يقيّدوا يديه ورجليه ويلقوه في الظلمة البرّانية حيث البكاء وصريف الأسنان .
المثل واضح . اليهود هم أوّل من وُجّهت إليهم الدعوة إلى الإيمان بابن الله، فلم يبالوا بها أو رفضوها بعنف. فعاقبهم الله وهدم مدينتهم ( وجرى ذلك في العام 70 على يدَي طيطس القائد الروماني ). أما الذين كانوا في الطرق فهم الوثنيون. فقد لبّوا الدعوة، وآمنوا بابن الله، ودخلوا الكنيسة. ولكن لا يكفي أن يكون المسيحي عضواً في الكنيسة ليتمتّع بالسعادة الأبدية. فلا بدّ له من أن يلبس حلّة العرس، أي أن يكون في حال النعمة ، وإلاّ كان الهلاك مصيره. فالمثل يفرض علينا أن نعيش في حال النعمة الإلهية لننعم بالسعادة الأبدية ونتكئ إلى مائدة الملك السماوي للأبد.
الخـلاصة
عندما نقرأ هذه الأمثال المشوّقة نطرح على يسوع هذا السؤال ، كما طرحه عليه الرسل قبلنا : لماذا تكلّم الجموع بالأمثال ( متى 13/10 ) . أرجو الحصول منه على الجواب في الحديث المقبل

رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يعلن المُخَلِّص معنى تلك الكلمات في الإنجيل عندما سأل
سيظهر لنا معنى الإنجيل كما قصد الرب أن نؤمن به
ما معنى العبارة الواردة فى انجيل (لوقا 1: 28) ياممتلئة نعمة
معلومات رائعة عن الفقاريات وتصنيفها وأهم ما يميزها
ما معنى الكلمات الأخيرة لمريم في الإنجيل؟


الساعة الآن 11:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024