رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
روحانية الصلاة
++++++++++ ما أجمل أن يصلي الإنسان. إنه يشعر في صلاته إنه قد إنتقل من مستوي الأرضيين إلي مستوي السمائيين، لكي يشارك الملائكة في طقسهم.. إن الصلاة شرف عظيم لا نستحقه. فنحن بها ندخل في عشرة مع الله، ونذوق وننظر ما أطيب الرب. وفيها تكون أذنا الرب ملتصقة بأفواهنا.. ما هي الصلاة أذن..؟ 1 - الصلاة في معناها البسيط هي حديث الله؟ ولكن هل هي حديث اللسان، أم هي حديث القلب؟ لاشك أنها حديث القلب. ولذلك فإن السيد المسيح وبخ الذين يصلون بشفاههم فقط، وذكرهم بقول الكتاب "هذا الشعب يكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيداً" (مر 6:7). إذن الصلاة ليست مجرد كلام، ولا مجرد محفوظات أو تلاوات. 2- أنما الصلاة - من الناحية الروحية - اشتياق إلي الله. وفي هذا يقول داود النبي "كما يشتاق الإيل إلي جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلي الله، إلي الإله الحي. متي أجئ وأتراءى قدام الله" (مز 42: 1،2). ويقول أيضاً " يا الله أنت إلهي، إليك أبكر. عطشت نفسي إليك" (مز 63: 1). كلما تشتاق نفسك إلي الله، وتكلمه عن شوق، تشعر أنك تكلمه من قلبك، وتستفيد من الصلاة. 3 - لآن الصلاة ليست مجرد اشتياق، إنما اشتياق صادر عن حب. فالصلاة تبدأ اولآ في القلب حباً، ثم ترتفع إلي الذهن افكارا، ثم ينطق بها اللسان ألفاظا. هي أصلا حب. يقول فيه المرتل "محبوب هو إسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 119). من محبته لله، إسم الله لاصق بعقله، لاصق بقلبه، هو طول النهار تلاوته. بل يقول له أيضا " باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما شحم ودسم" (مز 4:63). 4 - فالصلاة هي إذن شبع روحي بالله: كما يتغذى الجسد بالطعام، تتغذى الروح بالوجود في حضرة الله وبالحديث مع الله، وبالصلة القلبية مع الله. إن كنت تصلي ولا تشعر بشبع، فأنت في الواقع لا تصلي. كما تسري نقطة الماء في النهر إلي أن تصب في البحر الكبير وتندمج فيه، هكذا قلب الإنسان يسري في الصلاة إلي أن يتحد بقلب الله،و أول وسيلة لذلك هي الصلاة. لذلك قيل: 5 - ان الصلاة هي جسر ذهبي، يصل بين المخلوق والخالق. أنها تذكرنا بسلم يعقوب الواصل بين السماء والأرض، يصعد عليه الملائكة، يوصلون الصلوات، وينزلون باستجابة الله. 6 - قيل أن الصلاة هي عمل الملائكة، او هي أنشودة الملائكة. تصوروا السارافيم وقوفاً أمام العرش الإلهي يقولون "قدوس قدوس قدوس" (أش 6) وترتوي بهذا نفوسهم. هذه هي الصلاة. صدقوني إن كثيرين يقولون إنهم يتحدثون إلي الله، بينما في الواقع هم لا يصلون.. لأنه حديث لا مشاعر فيه ولا عواطف، ولا صلة. 7 - لذلك الصلاة هي صلة مع الله: وهكذا تشعر بالوجود في الحضرة الإلهية. تشعر بوجود الله، وبوجودك مع الله، وبالصلة بينكما. البعض يظنون الصلاة مجرد ألفاظ ينتقونها وينمقونها، بينما لا توجد بينهم وبين الله صلة. أريد أن اضرب لكم مثلا. لنفرض أن أمامنا لمبات كهربائية قوية جداً، ونجفات جميلة، وكشافات، ومع ذلك هي ليست متصلة بالتيار الكهربائي فما قيمتها إذن؟ وما فائدتها للإنارة؟! لاشيء.. كذلك في صلاتك لابد أن تشعر بهذا التيار يجري في عروقك.. 8 - تشعر بلذة في الوجود مع الله. تري الصلاة متعة روحية. وهكذا إن بدأت الصلاة، لا توجد قدرة علي إنهائها. كلما تريد أن تختم صلاتك، لا تستطيع. بل تقول له " دعني أبقي معك فترة أخري يا رب. لا أريد أن أفارقك. لا اريد أن اقطع حديثي معك " وتتشبه بعذراء النشيد التي قالت "امسكته ولم أرخه" (نش 4:3). 9 - هذه الصلاة هي تنقية للقلب.. مع الصلة مع الله يتطهر القلب، ويستحي الذهن أن يتقبل أية فكرة خاطئة أو يتعامل معها. يقول لنفسه " كيف أفكر في هذا الأمر، وأنا الذي كان كل فكري مع الله؟! "وهكذا تراه يصد كل فكر خاطئ يأتي إليه.. بل أن الصلاة تجعله يزهد هذا العالم وكل ما فيه. كما قال الشيخ الروحاني " إن محبة الله غربتني عن البشر والبشريات " أي جعلتني غريبا عنها، لأني صرت من وطن آخر سمائي. سئل القديس يوحنا الأسيوطي مرة "ما هي الصلاة الطاهرة؟!" فقال " هي الموت عن العالم " أي أن الإنسان الذي ينشغل قلبه مع الله بالتمام في الصلاة، يكون العالم ميتاً بالنسبة إليه. لايحيا فيه. هو يصلي والعالم لا وجود له في زمنه. لا يحس بهذه الدنيا وما فيها.. 10 - الصلاة شرف بالنسبة إلي الإنسان، وتواضع بالنسبة إلي الله: فمن نحن التراب والرماد، حتى نتحدث إلي الله ملك الملوك ورب الأرباب؟! حقاً إن هذا شرف عظيم بالنسبة إلينا، لا نستحقه. وهو تواضع من الله إذ يتحدث إلينا. بينما قد نجد صعوبة في التحدث إلي بعض عبيده من البشر!! 11- الصلاة هي اخذ وليست عطاء.. إحذر من أن تفكر في وقت من الأوقات، أنك حينما تصلي، إنما تعطي الله وقتاً، وتعطيه مشاعر! ولذلك تعتذر عن الصلاة أحياناً وتقول "ليس لدي وقت..!" كلا، بل أنت في الصلاة تأخذ من الله الكثير، تأخذ بركة، وعشرة طيبة، ومتعة روحية، وهبات لا تحصي.. وهكذا نقول لله في القداس "لست أنت محتاجاً إلي عبوديتي، بل أنا المحتاج إلي ربوبيتك".. أنا المحتاج أن أخذ منك حينما أصلي.. يريحني ويسعدني مجرد الشعور بأنني في حضرتك.. الشعور بالأمان في حضرة الله القوي والمتحنن والرحيم.. في حضرة الآب الذي يحب أولاده، ويمنحهم من قلبه ومن عطفه.. 12 - الصلاة هي أغنية نقدمها إلي الله من قلوب سعيدة به. داود النبي حينما كان يغني مزاميره، لم يكن يصلي بالمزمار فقط.. بل أحياناً بالعود، وبالقيثارة، والعشرة الأوتار.. وأحياناً معه جوقة عجيبة من المغنين والموسيقيين، يستخدمون هذه الآلات الموسيقية، وأيضا البوق والصنج والصفوف والدفوف وباقي الآت العزف. الكل معاً يغنون للرب أغنية جديدة، في فرح بالرب.. كما حدث مع مريم النبية أخت موسى وهرون، إذ أخذت الدف في يديها، وخرجت وراءها النساء بدفوف ورقص، وهي تقول "رنموا للرب، فإنه قد تعظم.." (خر 15: 20،21). حقاً ما أجمل أن تكون الصلاة أغنية. يقول الرسول: " بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف 5: 19).. 13 - إذن فالصلاة هي وقت فرح بالرب: وهكذا نجد غالبية صلواتنا ملحنة ومنغمة ولها موسيقاها، تغني بها للرب اغنية جديدة. وبالمثل صلاة القداس الإلهي، هي أيضا أغنية روحية مرتلة. وكذلك صلوات الإبصلمودية وكل التسابيح. حتى قراءة المزمور والإنجيل أثناء القداس الإلهي هو أغنية نقدمها إلي الله. إنها قلوب فرحة بالرب، تقف أمامه وتغني.. لا نضرب علي أوتار عود، بقدر ما نضرب علي أوتار قلوبنا. فالألحان عندنا هي صلاة، والصلاة هي لحن، هي أغنية. كلما نوجد في حضرة الله، تمتلئ قلوبنا فرحاً بالرب، ونغني له في كل المناسبات بكل عواطفنا.. حتى في مناسبات الحزن، نغني أيضاً في حضرة الرب بأسلوب الحزن، إنما هي عواطف مقدمة لله.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كتاب روحانية الصلاة بالأجبية - الأنبا متاؤس |
روحانية الصلاة |
- روحانية الصلاة |
عظة الأنبا رافائيل ( روحانية الصلاة بالتسبيح ) |
روحانية الصلاة بالاجبيبة |