منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 26 - 08 - 2014, 02:54 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,456

يسوع والخوف

يسوع والخوف


قد نتفاجأ من هذه الطريقة لشرح نصّ الأرملة الفقيرة. لكنّ نظرة يسوع إلى الخوف أكيدة. ففي الأناجيل، يدعو يسوع الناس أكثر من عشرين مرّةٍ إلى عدم الخوف، بينما لا يدعو أكثر من ثلاث مرّاتٍ إلى عدم ارتكاب الخطيئة. هذا يعني أنّ يسوع كان يرى في العمق ما يقضّ مضاجع البشر. وقد أتى ليحرّرنا من الخوف المستولي على الجنس البشريّ. الغريب في الأمر هو قلّة عدد المؤمنين الّذين لاحظوا ذلك. ما الّذي كان يقصده من كلمة "لا تخف" أو "لا تخافوا"؟ وكيف يساعدنا يسوع لنتغلّب على مخاوفنا؟ هناك نقطتان تجدر الإشارة إليهما:

أوّلاً: استعمل يسوع أسلوباً تربويّاً خاصّاً ليجعل تلاميذه شجعاناً. إنّه أسلوب مدهش. في البداية، يجعل الخوف يظهر. ينقله من ضبابيّة الغمّ إلى وضوح الخوف. وحين يصل الخوف إلى ذروته، يقول كلمته الّتي تجعل الإنسان يتخطّى خوفه. لقد فعل هذا مراراً، وكأنّ كلمته لا مفعول لها إلاّ بعد ظهور كلّ ما يرعِدُ ويخيف: خوف معيّن، غمّ، اكتئاب، اضطراب ... لا يهم. على هذه المخاوف أن تصل الذروة كي يتدخّل. لماذا، ليقتلع الخوف من جذوره. لولا ذلك، لعاد ونما كما ينمو العشب الضارّ إن لم يُقتلع من الجذر. فلنفكّر بأزمة التلاميذ أمام الجموع الجائعة "أعطوهم أنتم ليأكلوا". ولنفكّر في المركب وسط العاصفة، ويسوع نائمٌ على وسادة. "أما تبالي أنّنا نهلك؟" ولنفكّر بأمّه المرتبكة لنفاد الخمر في عرس قانا الجليل: "لم يعد لديهم خمر ... ما لي ولكِ أيّتها المرأة، لم تحِن ساعتي بعدُ".

ولعلّ أشهر قصّةٍ تعكس هذا الأسلوب هي حين مشى على الماء ليلاً ليلحق بتلاميذه في المركب (متّى 14/22-33). كان التلاميذ حينها في قمّة الحماس، خصوصاً بعد تخطّيهم أزمة (خوف) إطعام الآلاف من البشر. وأراد يسوع أن يعيدهم إلى الخوف، كي لا يصبحوا مثل أغنياء الهيكل، الّذين يفضل لديهم مال، أرسلهم إلى البحر الهائج. كانوا في نشوة الانتصار، فعميت عيونهم عن رؤية الواقع وما يحمله من خوف: المسيح ليس معهم، واحتمال الغرق في البحيرة وارد. وعندما هبّت الأمواج، استفاقوا من غفوتهم وخافوا. وبلغ خوفهم ذروته حين رأوا خيالاً أبيض يقترب منهم ماشياً على الماء. "واستولى عليهم الخوف وصرخوا". إنّه ذعر يندلع من الخواء. وحاول بطرس أن يتغلّب على خوفه بزيادة المغامرة، ورضي يسوع بدون تردّد. إنّه لم يقل له: "ألا تصدّقني أنّي أنا هو؟ يا لك من شكوك!" بل دعاه إلى أن يمضي بشجاعته حتّى حدودها، حتّى زوالها، حتّى الشك، البذرة الّتي تعطي الخوف.
من المهم أن نعرف هذا الأمر كي نحسن التصرّف في الليالي الحالكة، والأيّام السوداء. فحين نعيش أيّاماً صعبة، لا تكون بالضرورة كذلك لأنّ العدوّ يغزونا، بل هي على كلّ حال علامات على اقتراب موعد قدوم الكلمة الأزليّ إلينا. هذا ما اختبره الآباء الروحيّون في حيواتهم. فالربّ في وسط الإعصار.

ثانياً: العناية الإلهيّة. ففي العشاء الأخير، ظنّ التلاميذ أنّهم فهموا كلّ شيء. "الآن تؤمنون؟ ها هي ذي الساعة آتية، وإنّها قد أتت، تتفرّقون فيها، فيذهب كلّ واحدٍ في سبيله وتتركوني وحدي" (يو 16/32). فلنحاول الإحساس بثقل كلمة "وحدي". الشعور بالعزلة القاسية. عزلة يسوع في بستان الزيتون، حيث لم تجدِه توسّلاته لتلاميذه كي يبقوا معه ساعة. ويتابع يسوع كلامه ويقول: كلاّ، لستُ وحدي، إنّ الآب معي." فقوّتنا في تجاوز الخوف هي من الآب. هذا هو سرّ شجاعة الشهداء المدهشة. كانوا ينالون من ذكر الله واسم يسوع قوّةً عجيبة. "قلتُ لكم هذه الأشياء ليكون لكم بي السلام. ستعانون الشدّة في العالم، فاصبروا لها، لقد غلبتُ العالم" (يو 16/33).

لقد استمدّ يسوع شجاعته من الآب، ونحن نريد أن نستمدّها من ذواتنا. أليس هذا أمراً عجيباً؟ فالمجرّب يخدعنا حين يوحي لنا بصور البطولة الفرديّة: "بإمكانكَ أن تكون قويّاً وحدكَ ... شخصيّتكَ قويّة ... لديك خبرة، إمكانيّات ..." وقد اختبرت القدّيسة تريزا الطفل يسوع هذا فكتبت في يوميّاتها: "أظنّ أنّني قمتُ بأفعال إيمانٍ في أثناء هذه السنة أكثر ممّا قمتُ به طوال حياتي. ففي كلّ صراع، حين يهدّدني العدو، أسلك سلوك الشجعان. ولمّا عرفتُ أنّ الصراع بين اثنين جبن، أدير ظهري لعدوّي وأركض نحو يسوع".

استراتيجيّة مدهشة لا تقوم على الاختيار بين المواجهة أو الانسحاب، بل على التحالف. علينا ألاّ نخطئ في اختيار الحليف. فالمسألة ليست تفضيل الإيمان على البطولة أو العكس، بل الشجاعة في الالتجاء إلى يسوع. هذا هو الإيمان الّذي يغلب العالم. إنّه ثقة في الذات، تأتيني من آخر، لأعيش وأموت وأعود إلى الحياة. فكلّ استمرارٍ في الوجود هو هبة من القائم من بين الأموات
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أبيمالك والخوف
صلاة يسوع تشفي من القلق والخوف
إياك والخوف فأنت في يد رب المجد يسوع
الشهوة والخوف
ما بين الحب والخوف


الساعة الآن 04:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024