بقدر التجارب تكون الغلبة
يمر المحراث في الارض ويطعن بسلاحه قلبها ويشقها ويمهدها ، ثم تُلقى البذار في الارض المشقوقة وتنمو وتعلو وتُزهر وتُثمر ، وتُجمع عيدان القمح وتُحزم وتُلقى على الارض ويُدق القمح ليُصبح خبزا ً . ويُستخرج الملح من البحر ويُكوّم ويُطحن ويُنقّى ليملح الطعام . توقد الشمعة ويحترق فتيلها ويشتعل بالنار لتقدم النور للناس . لو لم يُشق قلب الارض بالمحراث لما اخرجت الثمار . لو لم يُدق القمح ويتكسر تحت الطرقات لما انتج الخبز . لو لم يُصحن الملح تحت ضربات الطاحون لما تملّح الطعام . لو لم تشتعل الشمعة بالنار وتحترق لما أشعّت النور حولها . الارض التي لا تُحرث لا تُثمر . القمح الذي لا يُدق لا يُؤكل . الملح الذي لا يُسحق لا يصلح . الشمعة التي لا تحترق لا تُنير . حين يريدك الله ان تُثمر و تُزهر يسمح لسيف المحراث ان يشقك . إذا ارادك الله ان تكون خبزا ً لاشباع الجياع حولك يدقك . لكي تكون ملحا ً صالحا ً نافعا ً للارض قد يسحقك الله او يطحنك . لتُنير العالم وتطرد الظلمة وتضيء الطريق تحترق فتيلتك وتشتعل . نحن نُشق لنُثمر ونُدق لنُطعم ونُطحن لنملح ونحترق لننير . المشقات والعقبات والمعاناة والالم سبيل ٌ للخدمة والبطولة والمجد . ابطال الايمان مروا جميعا ً بالمعصرة . ابراهيم ابو المؤمنين عاش غريبا ً . يعقوب جاهد وتعب وعمل وتألم . يوسف بيع عبدا ً وتعذب وظُلم وسُجن . داود عاش هاربا ً مطاردا ً مختبئا ً وضاقت الدنيا في وجهه . بولس الرسول ضُرب وأُهين وسُجن وقُيد وحوكم ورُجم . بقدر الآلام تكون النُصرة ، بقدر التجارب تكون الغلبة . الله لا يعصم اولاده من الألم ، هو يكللهم به ويمجدهم . يسوع المسيح نفسه كان رجل أوجاع ٍ ومختبر الحزن . حين تتوالى الدقات عليك الله يُعدّك للشهادة له ولخدمته ، لا تبتأس ولا تحزن ، افرح تهلل واشكر " لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ . " ( فيلبي 1 : 29 ) .