رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
داود النبي هو الرجل الذي بحسب قلب الله ، وهو مرنم أسرائيل . كان لديه مواهب كثيرة كالغناء والعزف على آلات متعددة ، والرقص ، ومخترع آلات الطرب . كما نسب اليه العبادة والترانيم الليتورجية ( 1 أخ 16:15) أما الزمن الذي سبق داود فكان يتسم بالأناشيد كنشيد البئر ( عد 17:21) ونشيد موسى وأخته مريم ( خر 15: 1-21) ونشيد الظفر لدبورة ( قض 5: 2-31) . لكن داود أنتقل الى الغناء والترانيم واستخدام الآلات الموسيقية وأعداد جوقات وفرق للعزف ، وأستخدام آلات كثيرة ومتنوعة ، ومنها ذوات النفخ (5 ) وذوات الأوتار العادية ( 4 ، 54 ، 55 ، 61 ، 67 ) وذوات الأوتار على الدرجة الثامنة ( 6 ، 12 ) والقيثارة الجتية ( 8 ، 81 ، 84 ) كما كانت تستخدم تلك الفرق الموسيقية البوق والقيثارة والعود والصنوج والدفوف والربابة والتي يذكرها المزمور الأخير . كان داود يغني مزاميره مع فرقته الكبيرة والتي كانت جوقة للتسبيح يقودها كل من هيمان المغني ومساعده آساف بن برخيا ( 1 أخ 6: 33- 39 ) . كانت مزامير داود كصلواته يغنيها وبكل مشاعر وكانت أوتار العود تؤيد صلواته وكان يجدد تلك النغمات والصلوات ، لهذا قال : ( رنموا للرب ترنيمة جديدة ) " مز 1:96 " . لم يكتفي داود بالغناء للرب بنفسه بل كان يطلب من الناس كذلك فقال : ( أحمدوا الرب بالعود ، بربابة ذات عشرة أوتار . رنموا له . غنوا له أغنية جديدة ...) " مز 33: 2-4 " . الموسيقى التي أستخدمها داود في التسبيح أنتقلت الى العهد الجديد فأستخدمت في الكنائس آلات موسيقية كثيرة ترتفع أصواتها مع أصوات المرتلين الى محضر الرب ، وهكذا يوجد في السماء أيضاً موسيقى تدعم صلوات القديسن الأبرار هناك ، وكما يقول كاتب سفر الرؤيا " 8:5" ( ولما أخذ الكتاب ، سجد الكائنات الحية الأربعة والشيوخ الأربعة والعشرون للحمل . وكان مع كل واحد منهم قيثارة وكؤوس من ذهب مملوءة بالبخور هي صلوات القديسين ) . أما مواضيع هذه المزامير فمتعددة وهي على شكل قصائد وتسابيح أستخدمت في المناسبات والأعياد ومنها على شكل أناشيد المُلك والموجه الى الرب الأله ( الرب مَلَك ) " 93 ، 96 ، 97 ، 99 " . كلها تشَيّد بمحبة الله الجالس على عرشه السماوي ملكاً يحكم ويقضي بني أسرائيل وسيداً على العالم كله . ولأجل تلك المحبة علمنا المرنم أن ننشد للرب وحسب المزمور "1:96" : ( أنشدوا للرب نشيداً جديداً أنشدوا يا أهل الأرض جميعاً ) وهناك أناشيد صهيون التي تنشد بأورشليم وبالهيكل المقدس وتعطي لصهيون صفات مدح لأنها عاصمة داود الملك والمركز الديني لبني أسرائيل ، أنها مدينة الله العلي ( أورشليم ) . كما لداود مزامير يدعو فيها الله للأستغاثة لكي ينقذه من الأزمات والضيقات التي عاشها وهو مطارداً من قبل عدوه الأكبر شاول . يتوسل فيها داود مبتهلاً ، ومن ثم يلتمس العون . هناك صلوات فردية لداود كان يتلوها مع نفسه . وهكذا بعده شعب أسرائيل كله لم يكف عن تلاوة المزامير عبر الأزمنة وترنيمها في المناسبات الدينية والأعياد الوطنية ، حتى قيل أن اليهود يولدون وفي داخلهم هذا السفر . كذلك المسيحيين ومن جميع الأطياف أدخلوا المزامير في صلواتهم وترانيمهم وتأملاتهم كما كشفت لهم آيات المزامير نبؤات كثيرة عن ما حدث في العهد الجديد . والعهد الجديد أستشهد بالمزامير بأكثر من مئة مرة . ويسوع نفسه أستشهد بالمزمور " 110 " في ( مت 22: 41 - 46 ). كما أشترك الرسل في ترتيل أناشيد من المزامير قي ختام العشاء السري ، وكما جرت العادة عند اليهود في عيد الفصح ( مت 30:26 )وكذلك على الصليب وقبل أن يلفظ الرب يسوع نفسه الأخير ردد المزمور " 21 : 2 " ( أيلي أيلي لما شبقتاني ؟ ) . سفر المزامير من الأسفار المهمة جداً في الكتاب المقدس ويحتل مركز الكتاب المقدس ، ولأهميته نلاحظ في بعض الأناجيل ( العهد الجديد ) يرافقه سفر المزامير أيضاً ، وهذا السفر يتكون من " 150 " مزموراً لم تكتب كلها من قبل داود بل داود كتب " 84 " مزموراً فقط . أما الباقية فتنسب الى كتبة آخرين كأرميا وحزقيال وزكريا وحجاي وبني يوناداب . هذا ما توصل اليه علماء الكتاب المقدس . داود سلم نفسه لله لكي يرعاه من كل سوء فقال ( الرب راعي فلا يعوزني شىء . في مراع خصيبة يقيلني ومياه الراحة يوردني ) " مز 23 : 1 " . لم يكتفي داود بالصلاة والتذرع والعزف ، بل وظف الرقص أيضاً في تعبده لله وأمام تابوت العهد ، فكُتبَ عنه أنه ( رقص أمام الرب ) " 2 صم 16:6 " . تأثر أسلوب داود النبي في الأجيال وأستمر حتى في العهد الجديد ، فدخلت الموسيقى والألحان الى الكنيسة وحتى القراءات القديمة أو الرسائل والأنجيل فتتلى بلحن وأن كان بدون موسيقى . أما التراتيل والترانيم فتدعمها أصوات الآلات الموسيقية . نبؤات كثيرة من سفر المزامير تنبأت برب المجد في العهد الجديد ، منذ تجسده حتى صلبه وقيامته ومجده عند الآب . أستخدم الرب آيات كثيرة من هذا السفر في أقواله ، فعندما كان صبياً مفقوداً على والديه ، نال بالمناقشة من علماء الشريعة في الهيكل بهذا المزمور ( قال الرب لربي : أجلس عن يميني حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك ) " مر 1:110 " . كل ما مكتوب في الكتاب المقدس هو موحى به من الله ، منها المزامير التي قالها داود بواسطة الروح القدس العامل فيه . فليكن لنا أيمان وثقة بتلك المزامير التي نرددها . لم يكتفي داود بدعوة الناس الى الصلاة والتسبيح لله ، بل دعا حتى الملائكة الى التسبيح فقال : ( باركوا الرب يا ملائكته ، المقتدرين قوة ، الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه . باركوا الرب يا جميع جنوده ... باركي يا نفسي الرب ) " مز 103 : 20-22" . أما الجاهل فقال في قلبه : ( ليس أله ) " مز 1:53 " . فالجاهل يقول أيضاً كل شىء في الطبيعة خلقته الطبيعة أي لا علاقة بين الطبيعة وخالقها . لكن داود النبي يؤكد بأن الله هو خالقها فيقول : ( السموات تحُدث بمجد الله ، والفلك يخبر بعمل يديه ) " مز 1:19 " . لم يكتفي داود بذلك بل يدعو الطبيعة وعناصرها الجامدة أن تسبح الربُ خالقها ، فيقول : ( سبحوا الرب من السموات ، سبحوه في الأعالي ... سبحيه يا أيتها الشمس والقمر ، سبحيه يا جميع كواكب النور . سبحيه يا سماء السموات ، ويا أيتها المياه التي فوق السموات ... سبحي الرب من الأرض يا أيتها التنانين وكل اللجج ، النار والبرد ، الثلج والضباب .. الريح العاصفة الصانعة كلمته . الجبال وكل الآكام . الشجر المثمر وكل الأرز .. ) " مز 148 : 1- 9 " . ألم يرد الرب على الفريسين الذين قالوا له في يوم دخوله الأنتصاري الى أورشليم عندما كان التلاميذ يهتفون بفرح مسبحين الله بصوت عال على جميع معجزات التي شاهدوها ، فقالوا له ( يا معلم ، أزجر تلاميذك ) فأجابهم قائلاً : ( أقول لكم أن سكت هؤلاء ، هتفت الحجارة ) أذاً الطبيعة الغير الناطقة لها قدرة في تسبح الخالق . وداود النبي كان يعرف قدرة تلك الطبيعة في تمجيد الله وحتى في سكوتها ، لأن وجود الطبيعة بهذا النظام الدقيق الرائع الجميل هو تسبيحة تقدم الى الله بسنفونية صامتة تشترك مع البشر والملائكة في تمجيد الله . لهذا يتأمل داود بالأجرام السماوية قائلاً : ( يوم الى يوم يبدي قولاً . وليل الى ليل يظهر علماً . الذين لا قول لهم ولا كلام ، ولا تسمع أصواتهم في الأرض خرج منطقهم ، والى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم ) " مز 19 " . محبة داود لله مليئة بالخشوع والأحترام وأنسحاق القلب والمخافة ، لهذا قال ( أما أنا فبكثرة رحمتك ، أدخل الى بيتك ، وأسجد قدام قدسك بمخافة ) " مز 7 " . وبهذا الخشوع والمخافة كان يشعر بالأستجابة الى صلواته لهذا قال ( بصوتي الى الرب صرخت ، فاستجاب لي من جبل قدسه ) " مز 3 " . كذلك في المزمور " 117" يقول ( في ضيقتي صرخت الى الرب فاستجاب لي ، وأخرجني الى الرحب ) . لكن رغم هذه الثقة فكان داود أيضاً يضعف أيمانه فيعاتب الله في طلباته قائلاً ( الى متى يا رب تنساني ، الى الأنقضاء ؟ حتى متى تحجب وجهك عني .. ) " مز 12" . نعم داود كان رجلاً عجيباً له ثقة بالرب وكذلك كان يشعر بالتخلي وأخيراً يلتمس الرد فيبتهج ويسبح الرب كما في " مز 15" ( أحفظني يا رب ، فأني عليك توكلت ) ثم يلتمس الجواب فيقول : ( فرأيت الرب أمامي في كل حين ، لأنه عن يميني لكي لا أتزعزع ) كان داود يعيش في الرجاء لهذا قال : ( أني أسمع ما يتكلم به الرب . لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه . خلاصه قريب من جميع خائفيه ) " مز 84 " . كيف كان يسمع صوت الرب وصوت الروح العامل فيه ؟ كان يسمع في القلب ، والقلب هو مركز كل الأحاسيس والرغبات شاء العلم والطب أم رفض ! والكتاب المقدس يؤيد ويتحدث عن القلب وأهميته في الأيمان فنجده يتحدث عن القلب النقي ويعلمنا بأن نطلب من الرب يسوع صاحب القلب النقي قائلين ( يا يسوع الوديع والمتواضع القلب ، أجعل قلبي شبيهاً بقلبك الأقدس ) أو نقول ( قلباً نقياً أخلق فيّ يا الله ) . الأيحاء من الله كان يأتي الى قلب داود وكان يفهم لغته ويثق به لهذا فأن كل المزامير هي دعاء ورجاء وثقة مطلقة بالرب لهذا يقول : ( كثيرة هي أحزان الصديقين ) ولكنه يعالجها بقوله ( ومن جميعها ينجيهم الرب ) " مز 33 " . كذلك يؤكد لنا مز ( 117 " ( الرب لي معين ، وأنا أرى بأعدائي . الأتكال على الرب خير من الأتكال على البشر ، الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء ) . وأخيراً يوضح لنا داود محبته لديار الرب المقدسة فيصفها قائلاً : ( مساكنك محبوبة أيها الرب اله القوات . تشتاق وتذوب نفسي للدخول الى ديار الرب . قلبي وجسمي قد أبتهجا بالأله الحي . لأن العصفور وجد له بيتاً ، واليمامة عشاً تضع فيها أفراخها ، من لي بمذابحك يا رب الجنود ملكي وألهي ) " مز 83 " . يمدح ويترجى السكون في تلك الديار قائلاً ( طوبى لكل السكان في بيتك ، يباركونك الى الأبد ) " مز 83 " . هذه كانت أمنية داود الوحيدة لكي يحصل عليها فيقول : ( واحدة طلبت من الرب وأياها التمس : أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي ) " مز 26 " . ورغم كل ما كان يتصف به داود ، لم يثق بنفسه للوصول الى مساكن الرب لهذا طلب منه قائلاً ( أرسل نورك وحقك فأنهما يهدياني ، ويصعدانني الى جبلك المقدس ، والى مسكنك . فأدخل الى مذبح الله الذي يفرح شبابي ... أعترف بالكنارة لك يا الله الهي ) " مز 42 " ومن شغف داود للوصول الى بيت الرب يقول ( فرحت بالقائلين لي : الى بيت الرب نذهب ) " مز 121 " لكن داود يجد بأن للوصول الى تلك الديار يجب أن تكون هناك شروط روحية يتسلح بها الداخل ، لهذا يقول : ( يا رب من يسكن في مسكنك ، أو من يحل في جبل قدسك ، الا السالك بلا عيب ، الفاعل البر ، المتكلم بالحق في قلبه ، الذي لا يغش بلسانه ، ولا يصنع بقريبه سوءاً ، ولا يقبل عاراً على جيرانه ...) " مز 14 " كذلك يوضح كلامه في المزمور " 118 " ( هذا هو باب الرب . والصديقون يدخلون فيه ) . وأخيراً نقول بأشتياق مع داود : ( كما تشتاق الأيل الى مجاري المياه كذلك تشتاق نفسي اليك يا الله ) مز1:42 |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|