رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأدب القبطي المترجم ثانيًا: الأدب القبطي المترجم: 1- الأدب القبطي المترجم في القرنين الرابع والخامس: إن غالبية الأدب القبطي في القرنين الرابع والخامس هو أدب مترجم عن اللغة اليونانية. والأصول اليونانية المترجمة إلى القبطية هي مؤلفات وضعت في مختلف بلاد العالم، ولكن الكثير منها أيضًا كتابات يونانية ألفها في مصر مؤلفون من جنسيات مختلفة، بينهم نسبة لا يُستهان بها من المؤلفين المصريين، وفي مقدمتهم آباء كنيسة الإسكندرية. ولكن لم تكن هناك محاولات لإيجاد ترجمات قبطية لمجموعة متكاملة من أقوال أهم الآباء، حتى المصريين منهم الذين كتبوا باللغة اليونانية. وإنما كان التفضيل في اختيار النصوص التي تترجم إلى القبطية يتركز في الأعمال الصغيرة للآباء، كالعظات الفردية وسير الشهداء والقديسين. ولم يكن الاختيار في ترجمة مقالات الآباء وعظاتهم مبنيًا على تفضيل النصوص اللاهوتية، وإنما على تفضيل النصوص الروحية والأخلاقية، وهي التي تتركز فيها احتياجات الرهبان. ولعل السبب في قلة النصوص اللاهوتية المترجمة إلى اللغة القبطية هو قلة الاحتياج إلى ترجمتها، وذلك بسبب الانتشار الواسع للثقافة اليونانية في مصر، وتوفر الأصول اليونانية في متناول الطبقة المثقفة لاهوتيًا على المستوى الكنسي والرهباني. ولا شك في أن هذه الطبقة كانت تفضل دراسة النصوص اللاهوتية في أصولها اليونانية التي هي لغة الحوار اللاهوتي على المستوى المحلى والعالمي. ولا شك أيضًا في أن الدور الرائد لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وأساقفة وإكليروس كنيسة الإسكندرية في قيادة الفكر اللاهوتي والفلسفي وفر الإمكانيات لكل راغب في تلك الدراسات باليونانية، فتضاءلت الحاجة إلى ترجمتها إلى القبطية. 2- الأدب القبطي المترجم في القرن السادس: نذكر من بين أهم الأعمال الأدبية التي ترجع إلى أواخر القرن الخامس وأوائل السادس، كتاب تاريخ الكنيسة القبطية في جزئين. يحتوى الجزء الأول منهما على ترجمة قبطية للأبواب السبعة الأولى من كتاب تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصرى، نقلًا عن اليونانية مع بعض التعديلات. والجزء الثاني يروى الأحداث التاريخية من بطريركية البابا بطرس الأول (300- 311 م.) خاتم الشهداء إلى بطريركية البابا تيموثاؤس الثاني (457-478م.) وهو مؤلف بالقبطية من سجلات ووثائق كرسي الإسكندرية، ويحتمل أنه من تأليف البابا تيموثاؤس الثاني نفسه، أو مؤرخ عاش في زمانه أو بعده بقليل، لأن الكتاب ينتهي بسيرته. ومن الأعمال التاريخية الشيقة مديح القديس مكاريوس أسقف إدكو وفيه وصف للأحداث المتعلقة بمجمع خلقيدونية (451 م.) وسيرة البابا ديسقورس، وكتاب عن سيرة البابا أثناسيوس لمؤلف مجهول. ومن المؤلفات التي تجمع بين أسلوب القصة والتاريخ نذكر سير بعض الشخصيات الهامة مثل: ساويرس الأنطاكي، والراهب يوحنا من ليكوبوليس (يوحنا الأسيوطى)، والبابا ديسقورس، ومجموعة القصص الجدلية المترجمة عن اليونانية ليوحنا أسقف مايوما بأنطاكية التي كتبها نحو سنة 515 م. لإثبات صحة موقف الكنائس الغير خلقيدونية. ومن مؤلفات تلك الفترة أيضًا، مجموعات أعمال المجامع المسكونية (الموجود منها مجمعا نيقية وأفسس)، وهي تختلف بعض الشيء عن مثيلاتها في النصوص اللاتينية واليونانية. كذلك سير بعض كبار رهبان تلك الفترة مثل: إبرآم الفرشوطى، ومتى المسكين، وموسى البليناوى، وكثيرون غيرهم، ومديح أبا أبولو من فاو لمؤلفه إستفانوس أسقف أهناس، وسيرة أنبا صموئيل القلموني لكاتبها الأنبا إسحق القلمونى. وتوجد لدينا سلاسل لتفاسير الأناجيل الأربعة بالقبطية البحيرية، نشرها بول دى لاجارد سنة 1886 م.، عن مخطوطة من دير السريان بوادى النطرون مؤرخة بسنة 605 ش. - 889 م. وتتضمن مقتطفات من تفاسير مترجمة عن اليونانية لمجموعة كبيرة من آباء القرون الستة الأولى. نذكر منهم: كليمنضس، وإيريناؤس، وأبوليدس، وأثناسيوس، وديديموس، وأوسابيوس، وباسيليوس، وغريغوريوس صانع العجائب، وغريغوريوس النزينزى، وغريغوريوس النيسى، وكيرلس الأورشليمي، وأبيفانيوس، وأوغريس، وتيموثاؤس، وتيطس، ويوحنا ذهبى الفم، وساويرس أسقف جبلة، وسمعان العمودى، وساويرس الأنطاكى. 3- الأدب القبطي المترجم من أواخر القرن السادس إلى نهاية السابع: كان عهد البابا دميان بطريرك الإسكندرية الخامس والثلاثين (612-661 م.) مزدهرًا بالنشاط الأدبي. ولدينا من كتاباته بعد اعتلائه الكرسي المرقسي عظة عن "التجسد والميلاد" بالقبطية، وإن لم يكن قد ألقى العظة بالقبطية مباشرة، إلا إنها ترجمت على الفور إلى القبطية عندما ألقاها باليونانية. ولدينا أيضًا "رسالة المجمعية إلى القديس يعقوب البرادعي وشعب أنطاكية"، وهي منقوشة بالقبطية على حوائط دير أبيفانيوس في طيبة. ولدينا أيضًا جزء من كتاب له بعنوان "كيريجماتا" أي تصريحات أو بيانات. وتوجد لدينا من كتاباته أيضًا عظة طويلة على "العرس بقانا الجليل" ألقاها بالقبطية الصعيدية على الأرجح ولكنها محفوظة بالقبطية البحيرية. ويوجد له جزء من "مديح للأنبا شنودة رئيس المتوحدين". وكان للأساقفة في عهد الأنبا دميان نشاط ملحوظ في التأليف باللغة القبطية، سواء في العظات، أو التفاسير، أو ميامر القديسين، أو المقالات اللاهوتية للرد على الهرطقات. فمثلًا قسطنطين أسقف أسيوط تخصص في كتابة الميامر في مديح القديسين، فكتب ميمر عن "البابا أثناسيوس"، وميمرين عن "الشهيد اقلاديوس"، وميمر عن "الشهيد مارجرجس". ويوحنا أسقف الأشمونين كتب باللغة القبطية عن شخصيتين تمثلان في نظره أهم مراحل المسيحية في مصر، وهما "مارمرقس الإنجيلي" مؤسس الكنيسة القبطية، و"الأنبا أنطونيوس" مؤسس الرهبنة القبطية. وروفس أسقف شطب هو آخر مَنْ نعرفهم من المفسرين للأناجيل الذين كتبوا تفاسيرهم باللغة القبطية قبل دخول العرب مصر سنة 641م. ولدينا أجزاء كثيرة من مجلدات أربعة تتضمن تفسيره لإنجيل متى، ومجلد يتضمن تفسيره لإنجيل لوقا، وهي لم تُنْشَر بعد. وقد كتب يوحنا أسقف البرلس بالدلتا مقالًا بالقبطية ضد الكتابات الأبوكريفية وكتابات الهراطقة. وهناك أيضًا عظات منسوبة إليه، أصولها القبطية غير موجودة، ولكنها محفوظة فقط باللغتين العربية والأثيوبية. ونذكر من بينها عظة عن "القيامة والدينونة الأخيرة"، وكتاب "اعترافات الآباء"، و"سيرة القديسة الشهيدة دميانة". أما القديس بسنتاؤس أسقف قفط فلدينا جزء من "الأرشيف الأصلي لمراسلاته"، وقد وجد بالقرب من دير أبيفانيوس على مقربة من طيبة (الأقصر). والعمل الوحيد المتبقي من مؤلفاته هو "ميمر القديس أنوفريوس" أي أبو نفر السائح. ومن الملاحظ أن جميع هؤلاء الكتبة في القرون من السادس إلى التاسع الميلادي، كانوا يتمتعون بمواهب أدبية وقدرة على التعبير باللغة القبطية بكفاءة عالية بحيث أمكنهم تطويعها للكتابة بها في شتى المجالات والموضوعات وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، لأن المستوى الذي بلغته اللغة القبطية من الرقى والاستقلال عن اليونانية، وكفاية الأساليب الإنشائية والتراكيب النحوية، لم يكن موجودًا من قبل بهذه الصورة، لا في الترجمات الكتابية ولا في العظات وسير الشهداء المكتوبة في القرنين الرابع والخامس. ولم يقترب إلى هذا المستوى العالي من قبل سوى الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وتلميذه ويصا من بعده. 4- الأدب القبطي المترجم من القرن الثامن إلى الرابع عشر الميلادي: توجد لدينا عظة للأنبا زكريا أسقف سخا في أواخر القرن السابع -عظة بالقبطية البحيرية- عن "يونان وأهل نينوى" وقد ألقاها سنة 715م. وعظة أخرى- بالقبطية البحيرية أيضًا- عن "تقديم المسيح للهيكل وتسبحة سمعان الشيخ". كما كتب أيضًا ميمرًا تاريخيًا لمديح قديس ديره الأنبا يؤنس القصير، يتضمن معلومات تاريخية عن حياته، وهذه السيرة موجودة بكاملها بالقبطية البحيرية وموجودة جزئيًا بالقبطية الصعيدية، كما إنها موجودة أيضًا في ترجمة عربية. وللأنبا زكريا مقالات أخرى باللغة العربية، وأصلها القبطي غير موجود، منها مقالة عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، يذكر فيها الأماكن التي زارتها في مصر. أما البابا مرقس الثاني بطريرك الإسكندرية التاسع والأربعين (799- 819م.) فقد ورد في ختام سيرته في كتاب تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع، أنه كتب عشرين رسالة فصحية، وواحد وعشرين مدخل لشرح الإيمان والأسرار. والأرجح أنها كانت مكتوبة باليونانية مع وجود ترجمة قبطية معتمدة لها. ويوجد أيضًا له عظة مكتوبة بالقبطية البحيرية، وهي العظة التي ألقاها يوم توليه الكرسي المرقسي. أما سيرة الشهيد الجديد يوحنا الزيتوني، وهو من شهداء القرن الثالث عشر - حيث يطلق لقب "الشهيد الجديد" على شهداء الأقباط في العصر العربي- وقد كتبت سيرته بالقبطية البحيرية في السنة التالية لاستشهاده مباشرة ليقرأها المتكلمون بالقبطية البحيرية، وقد نشرها العلماء أميلينو وباليسترى وهيفرنات. وأيضًا سيرة القديس برسوم العريان الذي تنيح سنة 1317م. تمت كتابة سيرته بالقبطية الصعيدية لمنفعة المتكلمين بها من أهل الصعيد والقاهرة، ولا يزال جزء كبير من هذه السيرة موجود إلى الآن وقد نشره العالِم "كرَم". وتوجد أيضًا قصائد شعرية مرتبطة بالحياة الكنسية القبطية، ففيها موضوعات من الكتاب المقدس بعهديه. وتوجد أناشيد دينية مسيحية مطولة وترانيم للمسيح والعذراء والقديسين، وكلها مكتوبة بالقبطية الصعيدية. ولاشك أن هذه القطع الصعيدية كانت نموذجًا وضعت عليه الإبصاليات باللهجة البحيرية فيما بعد. وهذه الأشعار موجودة في مخطوطتان ترجعان إلى القرن التاسع الميلادي ضمن مخطوطات مكتبة مورجان بنيويورك تحت رقم "مورجان 574". أما المخطوطة الثانية "مورجان 575" فهي تتضمن أقدم دفنار معروف باللغة الصعيدية، ويتضمن أرباعًا لتمجيد المسيح والعذراء والشهداء والقديسين ومشاهير الرهبان. وبعض المواد لها ما يماثلها في الدفنار المؤلف باللهجة البحيرية في وقت متأخر وفي الثيؤطوكيات البحيرية. ولابد أن نشير هنا إلى قصيدة طويلة مكتوبة بالقبطية الصعيدية في سنة 1322م.، وهي المعروفة باسم "تريادون" أي الثلاثية، وذلك لأن الشطرات الثلاثة الأولى من كل بيت مقفاة، بينما الشطرة الأخيرة من كل بيت غير مقفاة وتتكرر. ولم يصلنا من هذه القصيدة سوى 428 بيت من مجموع أبياتها 734 بيتًا، ويرافق النص القبطي ترجمة عربية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|