أهمية تعلم اللغة القبطية
ترجع أهمية اللغة القبطية إلى أنها تساعدنا على الفهم الأفضل للكتاب المقدس. مما سبق عرفنا أن الكتاب المقدس ترجم إلى اللغة القبطية حوالي القرن الثاني الميلادي، وهو ليس مجرد ترجمة وإنما هو في حكم النص، لأن الذين ترجموه آباء من الأجيال الأولى التي تسلمت الإيمان من الآباء الرسل، وقد كانوا مدركين ومعايشين للمعاني المضبوطة للكتاب المقدس. وخاصة لأن كلمات اللغة اليونانية -التي كُتِبَ بها العهد الجديد، وتُرْجِم إليها العهد القديم- كانت الكلمة فيها تحمل أكثر من معنى، أي لها مرادفات أو معاني كثيرة قد يكون بينها شيء من الاختلاف، وفي هذا الأمر نعطى عدة أمثلة بسيطة:
فمثلًا، النص اليوناني في الصلاة الربانية يقول: τον αρτον ημων τον επιογσιος، ونُطقها بالعربية هو: "تون أرتون إيمون تون إبيؤسيوس".
ومعناها كالتالي:
τον αρτον ημων تعنى خبزنا
Τον تعنى الذي
Επιογσιος تعنى الغد أو الجوهري أو الكفاف
واعتدنا نحن في الصلاة البانية أن نقول: "خبزنا كفافنا" - وهو أحد المعاني.
وتُنْطَق بالعربية: بين أويك إنتى راستى PENWIK N`TE RAC}
PENWIKتعنىخبزنا
N`TE تعنىالذي
RAC}تعني الغد
وهذا يتفق مع ما ورد في إنجيل لوقا (لو 11: 3)PENWIK E:NYOU والذي يعنى "خبزنا الآتي"، والخبز الآتي أي خبز الحياة الأبدية وهذا هو معنى خبزنا الذي للغد.
مثال آخر: في تسبحة العذراء نقول،
AFRWQT N`HANJWRI E`BOL HI HAN:RONOC OUOH AVCICI N`NYET:EBIYOUT
ومعناها في العربية: "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين"، ولكن عند تحليل النص القبطي نجد عمق آخر للكلمات:
الكلمة القبطية المستخدمة هنا "AFRWQT" لا تعنى مجرد نزول عادى كنزول شخص من على سلم، ولكنها في القبطية تعنى طرح ورمى وأسقط..... أي أنه سقوط شديد وفيه نوع من المهانة.
أيضًا كلمة هانجورى HANJWRI تعنى "أقوياء" وليس الأعزاء كما في الترجمة العربية.
وفى النص القبطي أيضًا معناها "من على العروش". E`BOL HI HAN:RONOC
فالسقوط هنا ليس من أي كرسي عادى. وهذا معنى أوضح وأقوى كثيرًا.
وهكذا عندما يكون الشخص عارفًا باللغة القبطية فإنه يستطيع أن يفهم الكتاب المقدس بأكثر عمق.
ومن أهمية اللغة القبطية أيضًا، أنها إحدى لغات يوم الخمسين (أع 2: 1)، وهي لغة القداس الإلهي والتسبحة المقدسة والألحان الخالدة. وهي التي كُتِبَ بها كثير من سير الشهداء والقديسين في المخطوطات الثمينة. ومن الجدير بالذكر أن بقايا اللغة القبطية لا زالت تجرى على ألسنتنا في لهجتنا العامية اليوم -كما سنرى فيما بعد هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت- دون أن ندرى الكثير من قواعدها وأصولها اللغوية.
كما أن صلوات القداس الإلهي والتسبحة اليومية، فإن أشعارها موزونة أصلًا على اللغة القبطية. والمعروف أن اللحن ليس مجرد لحنًا عاديًا بل هو مرتبط بالمعنى المرافق له، وتأخذ جمالًا آخر حينما تُقال بالقبطية، أكثر من محاولة تركيب اللحن على الترجمة العربية.