رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شذرات حول التوبة * التوبة هي استعادة لدَفَقَات النور التي تاهَت من قلوبنا حينما ترجَّلنا أرض الشقاء والأحزان بالسقوط. إنها اغتسالٌ ممَّا عَلِق بوجداننا المخلوق على الصورة الإلهيَّة، من شوائب الظلمة والتي نسجتها شهواتنا وغرائزنا، تلك التي تلقَّفها الشيطان وصيَّرها غابة كثيفة لحجب نور الحياة عن وعينا وبصائرنا. * التوبة هي عودةٌ لله الذي يترقَّب بشريَّته المحبّوبة التي شكَّلها أيقونة بهيَّة نقيَّة مُتسربلة بمجد البرّ، قبل أن تتشَّوه بسهام الخطيئة، التي حوَّلتها إلى جرحٍ كبيرٍ يسير على قدمين. * لقد كانت دعوة المسيح الكُليَّة، وصرخته اليوميَّة هي: «توبوا» لأن التوبة هي لقاءٌ جديدٌ يجمع بينه وبين البشريَّة الجالسة على بئر الحياة، تترجَّى مياهًا من آبارٍ عطشَى وجدباء. * الملكوت لن يطأه سِوَى من كان مؤتزرًا بإزار التوبة ليستُر عُري خطيئته. كما أن النور لن يجتمع مع الظلمة تحت قُبَّة الحياة التي في المسيح. * التوبة هي المياه التي تغتسل فيها الأعين غير القادرة على تمييز النور من الظلمة، وكأنها سِلوام الجديدة التي يُوصي بها المسيح، أولئك الذين فقدوا البصيرة والقُدرة على التمييز بين طريق الحياة وطريق الموت. * التوبة هي إعادة الشعور للإنسان بقيمة الزمن المُرتحِل نحو اللاعودة والذي يَحْمِل في جُعبته شهادةً على كلّ مَنْ صادق الخطيئة وقضَى معها ليالٍ طِوال. إنها صدمةٌ لوعي الإنسان الذي يتناسَى جريان الزمن مُتوهِّمًا سيطرته على الأمور، وكأن الزمن يُمكن أن يعود دُفْعةً أُخرى مانحًا الفرصة للإنسان لتمزيق صكّ العبوديَّة الذي أبْرَمَته النفس مع الشيطان في لحظات نَشْوتها الخاطئة. ولكن هيهات للزمن أن يعود وهيهات للشيطان أن يُسلِّم صكّ العبوديَّة ما لم تمتدّ يدٌ عُليا لانتزاع حقّ الحياة من براثنه. إنها اليدُ التي لن يُحرِّكها سوَى صِدق عودتنا وأنين قلوبنا، شوقًا ورجاءً، لمعاينة النور من جديد ولافتداء الزمن المُتبقي من الحياة ليصير رصيدًا من البرّ ترفعه الملائكة يوم عبور الإنسان الأعظم من شبه الحياة إلى أصلها الكائن في الله. * التوبة هي استعادة الفرح في قلوبٍ لم تعرف سوَى ضحكات خارجة من فمٍ قد أمرَّته الخطيئة، وكأنه يَقْذِف بالمرارة إلى الخارج في ضحكاتٍ باردةٍ شاحبةٍ لم يَعْبُر عليها الفرح ولم يمسحها الرجاء. * التوبة هي صرخةٌ لروح الله أن يصير مرّة أخرى [الملك السمائي] لنفسٍ ارتضت زمانا بملوكيَّة إبليسيَّة في أروقة اللهو والعبث وتحت سيادة صولجان الشَهْوة. * التوبة هي إعلانٌ إنسانيٌّ بعدم مِصداقيَّة مُعطيات العالم المادي الذي يسبي أذهاننا ويُحاصر أبصارنا ولا يمنحنا حق التقرير والاختيار لعالمٍ آخر أسمَى وأبقَى. * التوبة ليست سوى صرخة إنسانيَّة للتحرُّر من سجن العالم الحاضر وإن كانت قضبانه وجدرانه مُذهَّبة. * التوبة تعني رؤية يسوع دُفْعةً أخرى بعد طوال غياب. * التوبة لا تتعلَّق باللَّحظة المُنقضية قدر تعلُّقها باللَّحظة الحاضرة. * التوبة هي اليقين العملي لسِرّ التجسد. * بينما يتحدَّث العالم عن السلام المجتمعي يبقَى السلام بعيدًا عن الواقع لأنه ليس سوَى مُحصِّلة القلوب التائبة المُجتمعة معًا. * وحدها التوبة قادرة أن تُذيب لفائف الظلمة من على الجسد البشري وتنتزع قوَّة القيامة من فم المُخلِّص المنادي «هلمّ خارجًا» فتقوم النفس من سُبات الظلمة لتُعاين إلهًا قريبًا حانيًا لا يرضَى إلاّ بنجاة وخلاص مُحبّيه. * التوبة هي استقواء بالمسيح على العالم الحاضر. * التوبة هي شهادةٌ لصِدق دعوة الإنجيل وصلاحيته للعصر الحالي والذهن المعاصر. * ذبيحة التوبة هي وحدها القادرة على إبهاج الجمع السماوي المُراقب لحركة الخلاص البشري. * المشكلة تكمن في عنادنا الإنساني الذي لا يمنح المسيح فرصة القتال عنَّا في معركة الحياة. إنه عناد الذي أسْكَرته الحياة، فاختلط عليه الأمر ولم يُدْرِك النور من الظلمة، لأن الظلمة تَجمَّلَت في شبه ثياب النور وداعبت حواسه لتُقيِّدها بخيوطها السِريَّة وإذ بها تتكثف لتصير حبائل مركزها الهاوية وقابضها رئيس سلطان الهواء. * التوبة هي مُحصِّلة شراكة بين النعمة والإنسان، وبدون تلك الشراكة لا يُمكن تحقيق التصالُح الذي يؤول إلى توبة. * المحبّة المسيحيَّة هي جوهر الدعوة الإنجيليَّة، ولكن المحبّة تبقَى نظريَّة إن لم تَعْبُر على جِسر القلب التائب، نحو الله والناس. * التوبة هي حبَّة الخردل التي ألقاها المسيح على أرض البشريَّة حتّى يُمكنها استعادة مجد البنوة الذي فَقَدَتهُ بالخطيئة. * التوبة الإفخارستيَّة التي نُمارسها أثناء صلاة القُدَّاس هي أقصر الطرق للوصول إلى السلام القلبي. * توبة بدون تطلُّع اسخاطولوجي (أخروي) هي موقفٌ لحظيٌّ انفعاليٌّ. * إن أعظم شهادة يمكننا تقديمها للعالم عن الله؛ هي توبتنا. * إن مظهريَّة التوبة لهي من أكثر العوائق التي تجعل توبتنا دائريَّة المسار بلا ميناء. * إن كان التجسُّد فتح الباب المختوم بين الأرض والسماء، فإن التوبة تُحيي فعل التجسُّد في القلوب التي أغلقتها الخطيئة أمام دعوة الروح. * لا توبة مقبولة بدون تجسُّد الابن ولا تجسُّد فاعل بدون توبة البشريَّة. * إن العالم كله في حالة ترقُّب لتوبتنا ليُقيِّم من خلالها رسالة الخلاص التي حملها المسيح بتجسُّده!! * ممارسة صلاة يسوع هي وسيلة فعَّالة لزرع بذار التوبة في قلب الإنسان المُعاصِر المغمور في بحار العالم الصاخبة التي لا تهدأ. * التوبة الصادقة هي ديناميكيَّة في القلب وإن كانت مُحْتَجِبَة خلف سكون الجسد. * لا يمكن للذهن المُعاصر الذي يُقيِّم الحياة بمقياس الإنتاجيَّة أن يرَى فِعل التوبة وتأثيره على الكيان الإنساني. فقط البصيرة الروحيَّة هي القادرة أن تتلمَّس ضرورة التوبة للإنسان، كنبع حياتي مُتَدفِّق لا يتوقَّف، غير مرهون بإنتاجيَّة ماديَّة. * التوبة هي لحظة صلاة صادقة. * إن الشيطان يسعَى جاهدًا أن ينتزعنا من المواضع التي تحثنا على التوبة وتُعيننا على التوبة. فالمَخْدَع والكنيسة والدير هما مواضع تُشْعِل مشاعر التوبةلذا يريد الشيطان أن يقتلعنا منها وينفرد بنا في قفر الظلمة الخارجيَّة. هناك نُصرته مضمونة، لأن أسلحة توبتنا غائبة. * التوبة هي ارتداء رداء التلمذة دُفْعةً أُخرى، والجلوس تحت أقدام المُعَلِّم الأعظم، يسوع. * فاعليَّة التوبة تكمن فيما يجب أن نكونه، لا فيما يجب أن نُمارسه. * يا ربي يسوع المسيح، ابن الله الحي، ارحمني أنا الخاطِئ؛ كانت هي صرخة التوبة المستمرة المتصاعدة من بين مغائر الصحاري المصريَّة في القرن الرابع، لذا كانت البريَّة نارًا مُلتهبة بفعل الروح. * ان الابن هو المُخبِّر عن الآب، والآب لن يُعاينه أحدٌ بدون الابن، والروح هو الذي يشهد للابن في قلوبنا، كما أن الروح لا يسكن سوَى في القلوب التائبة. لذا فإنه بدون التوبة لا مُعاينة للثالوث، ولا فهم للاهوت. * التوبة هي إعلان إنساني مَفَادَه؛ أننا نريد أن نرَى يسوع. * التوبة هي عطشٌ جارفٌ لمياه الحياة. * إنَّ تأثير الخطيئة المميت على البشريَّة لا يُدْرِكه سوى التائبون. * التوبة هي عبور الإنسان من حدود عزلته وفرديته إلى جماعيَّة الخلاص ومُلتقَى الأبديَّة. * في توبة الإنسان توبة كلّ الخليقة الساقطة. * التوبة الأرثوذكسيَّة ليست قانونيَّة الصبغة تعنَى باسترضاء الله، ولكنها عِلاجيَّة الصبغة تبغي شفاء الإنسان، لمعاينة الله. * التوبة هي أبلغ شكر إنساني للخلاص الإلهي. * التوبة هي وسيلة الإنسان لاجتذاب الروح الإلهي في محاولة للدخول إلى وعي أعمق يتلامس مع الأبديَّة غير المُدْرَكَة. * التوبة هي مسيرة يوميَّة ممتدة بطول الحياة. * إن كان التعليم الآبائي تحدَّث عن المسيح كطبيب البشريَّة، فإن الدواء الذي يجب أن ترتشف منه يوميًّا، من أجل الحياة، هو التوبة. * إن التوبة هي السلاح الأخطر الذي يُقاومه إبليس بكلّ عُنفوان، لأنها تَسْلِبه غنيمة الحياة، في لحظة تلاقي الإنسان مع الثالوث. * التوبة هي تغيُّر في الذهن يتبعه تغيُّر في مواقفنا وقناعاتنا الحياتيَّة. * التوبة تُعيد يسوع إلى موضعه الأصلي كمركز للحياة والوجود. * التوبة تُدخِل الشخص دُفْعةً أُخرى في دائرة الكنيسة العاملة وتُجدِّد عضويته في جسد المسيح المُنْطلِق صَوب الملكوت. * التوبة تستند على إيمانٍ بأن الشمس التي غربت اليوم، ستُشْرِق لا محالة من جديد. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شذرات |
شذرات |
شذرات عن التواضع |
شذرات آبائية |
شذرات عن الخدمة |